شفق نيوز - البصرة
أكدت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة، يوم الأربعاء، أن المحافظة تواجه كارثة مائية وأوضاعاً إنسانية متدهورة نتيجة تفاقم أزمة تلوث المياه، مطالبة بإعلان حالة الطوارئ وضبط نسبة الإطلاقات ووقف التجاوزات.
وقال مدير مكتب المفوضية بالمحافظة، مهدي التميمي، لوكالة شفق نيوز، إن "الكارثة الإنسانية التي تمر بها البصرة في معظم أقضيتها نتيجة شح وتلوث وملوحة وسمية المياه لم تشهدها أي مدينة في العالم، الأمر الذي يستوجب استنفاراً حكومياً شاملاً".
وأضاف أن "المكتب يجدد مطالبته للحكومتين المركزية والمحلية بإعلان حالة الطوارئ في البصرة، مع إيقاف كافة المشاريع عدا مشاريع المياه، واتباع إجراءات صارمة وجادة لوقف التجاوزات على الحصص المائية وضبط نسب الإطلاقات، على أن تكون تحت إشراف مباشر من مكتب القائد العام للقوات المسلحة".
وأوضح أن "هناك حاجة ملحة للاتجاه نحو استيراد محطات تحلية متنقلة تعتمد على تقنيتي الترشيح الدقيق (UF) والتناضح العكسي (RO)، والتي يمكن نصبها سريعاً في المناطق المتضررة، لحين إنجاز المحطة الكبرى، بما يسهم في تقليل آثار الكارثة كما حصل في دول أنقذت من الجفاف بهذه الآليات".
وبيّن أن "ملف المياه يُعد من أكثر الملفات خطورة، ولا يمكن التعامل معه بهذا التباطؤ، خاصة في ظل توفر الأموال والقدرات والإمكانيات اللازمة للمعالجة السريعة، قبل تفاقم الأضرار الصحية والبيئية في المحافظة".
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، نظم العشرات من اهالي قضاء ابو الخصيب في البصرة، تظاهرة حاشدة أمام مبنى مجلس المحافظة، للمطالبة بإعلان حالة الطوارئ في القضاء، بسبب أزمة المياه وارتفاع نسب الملوحة والتلوث وتراجع مستوى الخدمات.
وقال ممثل الحراك المدني في قضاء أبو الخصيب الشيخ حسين المالكي في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن "هذه التظاهرة تأتي بعد عام كامل من المطالبات والمناشدات التي لم تلقَ أي استجابة تُذكر من الجهات المعنية، رغم المعاناة اليومية التي يعيشها الأهالي".
وتتصاعد أزمة ملوحة المياه في محافظة البصرة منذ أكثر من شهر، ومع بداية فصل الصيف، حتى باتت تشكل تهديدا بيئيا واجتماعيا، امتد من أقضية شمال المحافظة ليصل إلى قلب المدينة وأطرافها الجنوبية، ومع غياب المعالجات الجذرية وتراجع الإطلاقات المائية، باتت المياه الواصلة إلى منازل مئات الآلاف من المواطنين غير صالحة للاستخدام البشري، ولا حتى الحيواني، وسط غليان شعبي وتحذيرات من عواقب كارثية، لاسيما مع تسجيل نفوق للماشية بسبب تلوث المياه.
من جانبها، أكدت دائرة ماء البصرة وجود ارتفاع مقلق في نسبة التراكيز الملحية في قنوات المياه المغذية للمحافظة، حيث أكد معاون مدير الدائرة، هيثم جار الله، في تصريح صحفي، أن "قلة الإطلاقات المائية الواصلة إلى حوض شط العرب كانت السبب المباشر في زيادة ملوحة المياه، حيث وصلت نسبة التراكيز في منطقة كتيبان – وهي القناة الإروائية التي تغذي شط العرب وأبي الخصيب – إلى 3500 TDS، بعد أن كانت تتراوح بين 1250 و1500 فقط خلال الأشهر الماضية".
وأضاف جار الله، أن "نسبة الملوحة في منطقة سيحان تجاوزت 19500 TDS، بسبب غلق نهر الكارون، ما تسبب في امتداد اللسان الملحي نحو مركز المدينة، في ظل اعتماد مشاريع الماء على مصادر رئيسية مثل شط العرب ودجلة، التي تعاني من تراجع مستمر بالإطلاقات".
بدورها أطلقت لجنة الزراعة والمياه في مجلس النواب العراقي، في وقت سابق من اليوم الأربعاء، تحذيراً عاجلاً بشأن تفاقم أزمة المياه في البلاد، محذّرة من تداعيات خطيرة تمسّ الأمن المائي والغذائي، وتهدد مستقبل مناطق واسعة، لا سيما الأهوار.
وقالت عضو اللجنة، زوزان كوجر، لوكالة شفق نيوز، إن "ملف المياه بات من الملفات الحيوية والمعقّدة، ويمسّ بشكل مباشر اقتصاد العراق وأمنه الغذائي والمائي"، مشيرة إلى أن "هناك شحاً مقلقاً في الموارد المائية هذا الصيف، نتيجة أسباب خارجية تتعلق بتقليل الإطلاقات المائية من دول الجوار، وأخرى داخلية بسبب غياب الإدارة الصحيحة".