شفق نيوز/ باسم عراك، المعروف بين أبناء الأنبار بلقب "أبو سياف"، معلم كرّس حياته لمهنته التعليمية، لكنه حين اجتاح تنظيم داعش الإرهابي مدينته، لم يتردد لحظة واحدة في حمل السلاح للقتال .
كان ابو سياف، يقضي صباحه بين قاعات التدريس، ومساءه على السواتر مقاتلاً شرساً، يذود عن منطقته، ويحرس حدودها بشجاعة نادرة .
وفي أيام معارك التحرير، لم يقتصر دوره على القتال فقط، بل تميز بخبرته العالية في تفكيك العبوات الناسفة، حتى جاءت اللحظة التي غيّرت حياته إلى الأبد؛ أثناء محاولته تفكيك عبوة ناسفة في منطقة حصيبة، انفجرت عليه عبوة مصنوعة من أسطوانة أوكسجين، وادى الى فقدانه بصره بالكامل .
يتحدث ابو سياف عن ماضيه، قائلاً: "كنت أقاتل بكافة أنواع الأسلحة: الصواريخ، الأحادية، قذائف الهاون، القناصات، وحتى العبوات الناسفة، حيث كنت أصنعها وأطلقها على مواقع العدو، وأقوم أيضاً بتفكيكها، غيرتي وواجبي الوطني والأخلاقي تجاه بلدي ومحافظتي وأهلي دفعتني للمشاركة، كنت أؤمن أن القتال دفاع عن الأرض والعرض والدين ".
ورغم إصابته المؤلمة، يؤكد باسم أن عزيمته لم تخبُ، معترفاً بأن فقدان البصر شكّل "عجزاً تاماً"، غيّر حياته بشكل كامل، لكنه لا يندم: "منذ البداية كنتُ متوقعاً أن أفقد حياتي، فقد اعتدت مواجهة الموت في كل لحظة، ولكن الحمد لله على كل حال ".
رحلته مع القتال لم تبدأ مع داعش فقط، بل امتدت منذ سنوات طويلة، حيث كان من أوائل من تصدوا لتنظيم القاعدة في الأنبار، وقاد عمليات نوعية ضدهم حتى استقر الوضع الأمني في المحافظة، ومع اجتياح داعش، كان أيضاً أول المقاومين الذين وقفوا في وجه هذا التنظيم .
ورغم كل تضحياته، لم يحصل باسم عراك، على أي دعم أو تعويض رسمي بعد إصابته، يقول بأسى: "لم أتلقَّ أي دعم من الجهات الحكومية، وقفنا وقت الشدة ودافعنا عن الوطن، لكن حين انتهت الحرب واستقر الوضع، نُسينا، ولم يعد أحد يفكر إلا بمكاسبه ومصالحه ".
ويضيف بمرارة: "ما يؤسفني أن التضحية التي قدمناها لم تجد التقدير، بعد أن فقدت بصري دفاعاً عن بلدي، لم يتم إنصافي أو الوفاء بالوعود التي قُطعت لنا ".
رغم كل شيء، يصر باسم على أن رصيده الحقيقي هو حب الناس: "الناس الشرفاء الذين وقفوا إلى جانبي هم رصيدي الحقيقي، إخوتي وأصدقائي الذين يذكرون مواقفي هم ثروتي ".
ويختم رسالته بمناشدة للمسؤولين: "نطالب بإنصاف شريحة الأبطال الذين دافعوا عن وطنهم، لولا هؤلاء الرجال لما تحقق الأمن الذي ينعم به العراق اليوم، وعلى المسؤولين أن يكونوا بحجم المسؤولية وأن يوفوا بعهودهم تجاه من ضحوا بكل شيء من أجل الوطن ".