اتهم ممثلون للأمم المتحدة والفلسطينيين، إسرائيل، في محكمة العدل الدولية، بانتهاك القانون الدولي برفضها السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، في اليوم الأول من جلسات الاستماع بشأن التزام إسرائيل بتسهيل تسليم المساعدات.
وتمنع إسرائيل منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي، دخول كل الإمدادات لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ونفدت تقريباً كل المواد الغذائية التي دخلت إلى القطاع خلال سريان اتفاق وقف إطلاق النار في بداية العام الجاري.
وقال السفير الفلسطيني عمار حجازي لمحكمة العدل الدولية، إن إسرائيل تستخدم منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة كـ "سلاح حرب"، وذلك بعد أكثر من 50 يوماً على فرضها حصاراً شاملاً على دخول المساعدات.
وانهار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد صموده شهرين. واستئنافت إسرائيل في 18 مارس/ آذار، قصفها للقطاع الفلسطيني ما أدى إلى وقوع مئات القتلى ونزوح آلاف الفلسطينيين.
وقال حجازي، لقضاة أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، "أُجبرت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في غزة على إغلاق أبوابها".
وأضاف أنَ "تسعة من كل عشرة فلسطينيين لا يحصلون على مياه شرب آمنة. ومنشآت التخزين التابعة للأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى فارغة". وأكد "نحن أمام عملية تجويع. تُستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب".
في حين، قالت المستشارة القانونية للأمم المتحدة، إلينور هامرخولد، إنّ إسرائيل عليها التزام واضح "بوصفها قوة احتلال" بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية وتسهيل وصولها إلى الشعب في غزة.
وأضافت "في السياق المحدد للوضع الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تستوجب هذه الالتزامات السماح لجميع كيانات الأمم المتحدة ذات الصلة بتنفيذ أنشطة لمصلحة السكان المحليين".
وفي المقابل، قال وزير خارجية إسرائيل، جدعون ساعر، في تصريح صحفي في القدس، إذ لا تشارك بلاده في الجلسات، إن "هذه القضية هي جزء من اضطهاد ممنهج لإسرائيل ولتجريدها من الشرعية وتقويضها. ليست إسرائيل هي التي يجب أن تكون في المحكمة، بل الأمم المتحدة وأونروا"، في إشارة إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وحظرت إسرائيل، أونروا، من العمل على أراضيها، بعد اتهام بعض موظفيها بالمشاركة في هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وقالت الأمم المتحدة في أغسطس/ آب الماضي، إنّ تسعة من موظفي أونروا ربما يكونوا شاركوا في الهجوم، وإنهم فُصلوا من وظائفهم.
وحث الأمين العام لأونروا، فيليب لازاريني، إسرائيل "كقوة احتلال"، على "توفير الخدمات أو تسهيل تقديمها - بما في ذلك من خلال أونروا - للسكان الذين تحتلهم".
وفي ديسمبر/ كانون الأول، كُلِفت محكمة العدل الدولية بإصدار رأي استشاري بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل دخول المساعدات للفلسطينيين والتي ترسلها دول ومنظمات دولية منها الأمم المتحدة.
ويدعو القرار الذي أعدته النرويج واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية كبيرة، المحكمة، إلى توضيح ما يتعين على إسرائيل أن تفعله في ما يتصل بوجود الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية أو الدول الثالثة "لضمان وتسهيل تسليم الإمدادات العاجلة الضرورية لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين، بلا عوائق".
والآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانوناً، لكن هذا الرأي الاستشاري من شأنه أن يزيد الضغط الدبلوماسي على إسرائيل.
وتقول إسرائيل إنها لن تسمح بدخول السلع والإمدادات إلى غزة حتى تفرج حماس عن جميع الرهائن المتبقين. واتهمت إسرائيل حماس، مراراً، بسرقة المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة. وتنفي الحركة هذه الاتهامات.
والجمعة، قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للسماح بدخول الغذاء والدواء إلى القطاع الفلسطيني المحاصر، ودعت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، الأسبوع الماضي، إسرائيل، إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة.
ودعت فرنسا، إسرائيل، إلى "وقف المجزرة الجارية الآن في غزة" على لسان المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية صوفي بريما.
وقالت بريما أمام الصحفيين إنّ باريس تدعو أيضاً إلى إطلاق سراح الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في القطاع، وإلى "نزع سلاح" حركة حماس التي تسيطر عليه، فضلاً عن "إصلاح السلطة الفلسطينية".
وأشارت إلى أنّ هذه "شروط للتحرّك نحو الاعتراف" بالدولة الفلسطينية، وهو ما قال الرئيس الفرنسي إنّ باريس ستقوم به في يونيو/ حزيران المقبل، خلال مؤتمر دولي في الأمم المتحدة لتحريك حل الدولتين.
وأكّد المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، بيير كرينبول، أن "شرارة جحيم جديد" أُطلقت في غزة مع تجدّد الحرب في القطاع، في كلمة ألقاها خلال منتدى الأمن العالمي 2025 الذي تستضيفه قطر.
وقال كرينبول "غزة تشهد وتعاني... الموت والإصابات والنزوح المتكرر والأطراف المبتورة والانفصال والاختفاء والجوع والحرمان من المساعدات والكرامة على نطاق واسع. وما أن دفع وقف إطلاق النار، المهم جداً، الناس إلى الظن بأنهم نجوا من الأسوأ حتى فُجّر جحيم جديد".
وأفادت وزارة الصحة في غزة، الاثنين، بوصول 71 قتيلاً بينهم 14 انتشلت جثامينهم من تحت الأنقاض إضافة إلى 153 إصابة خلال 24 ساعة ماضية.
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، قتل أكثر من 52 ألف فلسطيني وأصيب أكثر من 117 ألف آخرين في أحدث حصيلة لوزارة الصحة في غزة.
ومنذ استئناف إسرائيل القتال في 18 مارس/ آذار الماضي، قتل 2222 فلسطيني وأصيب قرابة 5700 آلاف آخرين، وفق أرقام الوزارة.
وأعلن الدفاع المدني في غزة نفاد كميات الوقود الخاصة بتشغيل مركباته التي تستخدم في الإطفاء والإنقاذ والإسعاف في محافظات في جنوب قطاع غزة، مشيراً إلى توقف حركة 8 مركبات من أصل 12 مركبة.
وحذر الجهاز في بيان، من أن تدخلاته "الإنسانية والاستجابة لنداءات المواطنين في هذه المحافظات ستكون محدودة وستشارك فيها فقط 4 مركبات، الأمر الذي يهدد حياة مئات آلاف المواطنين والنازحين في مراكز الإيواء"، على حد تعبيره، محملاً إسرائيل مسؤولية "تفاقم معاناة" السكان في القطاع بسبب استمرار الحرب واستمراره فرض الحصار.