شفق نيوز/ كشف رئيس مرصد الفرات البيئي صميم سلام الفهد، اليوم الأحد، عن تدهور خطير في واقع الأمن المائي مع جفاف "بحيرة عانة"، التي تُعد امتدادًا لبحيرة سد حديثة، محذراً من موجة نزوح قادمة وهجرة للمزارعين.
وقال الفهد لوكالة شفق نيوز، إن "بحيرة عانة تأسست عام 1985 بعد إنشاء سد حديثة، الذي يُستخدم لخزن المياه وتوليد الطاقة الكهرومائية، وقد غُمرت مدينة عانة القديمة بالكامل لتشكل البحيرة الحالية، التي تُعد اليوم المؤشر الأهم لمستوى الخزين المائي في العراق على مجرى نهر الفرات".
وأوضح، أن "عمق البحيرة يتراوح ما بين 15 إلى 25 مترًا، وتُزود بشكل مستمر من مياه الفرات القادمة من سوريا وتركيا، فضلًا عن مياه السيول الناتجة عن الأمطار والعيون الطبيعية، لكن البحيرة تعرضت في السنوات الأخيرة إلى (ضرر بالغ) نتيجة قلة الإيرادات المائية وشح الأمطار على حوضها، مما أدى إلى انخفاض حاد في منسوبها".
وأضاف الفهد أن "بحيرة عانة ذات شكل مخروطي أو هرمي، ما يجعلها تمتلئ بسرعة وتفقد المياه بسرعة أيضًا، وهو ما فاقم أزمة الصيادين في المنطقة، وأجبر مشروع ماء عانة على مد أنابيب عميقة داخل البحيرة وبناء منصات ضخ لضمان استمرار تزويد سكان قضائي عانة وراوة بمياه الشرب".
ونوّه إلى أن "انخفاض منسوب المياه دفع بعض القرى النائية إلى الاعتماد على الحوضيات (تناكر المياه) لجلب المياه من أخفض نقطة في البحيرة، ما خلق أزمة إنسانية ومعيشية حادة، طالت استخدامات المياه المنزلية والزراعية وسقي الماشية".
كما حذر رئيس المرصد من أن "هذا التدهور يشكل تهديدًا على مستويات الأمن المائي والمجتمعي والبيئي"، مؤكدًا أن "المياه المتبقية في البحيرة تُعد مياه خزنية ثقيلة، ذات نوعية متدنية، بسبب ارتفاع نسب التلوث والتبخر".
وأوضح، أن "هذا الوضع هو نتيجة مباشرة لسوء إدارة ملف المياه في البلاد، وعدم وجود خطة حقيقية توازن بين الاحتياجات الزراعية والخزن الاستراتيجي"، لافتا إلى أن "جودة مياه نهر الفرات تشهد تراجعًا مستمرًا، ما أدى إلى ارتفاع نسب التلوث بفعل رمي المياه الثقيلة غير المعالجة عبر شبكات الصرف الصحي، التي وصفها بـ"أنابيب الموت"، خصوصًا في مناطق شرق الرمادي".
ونوه الفهد إلى أن "هذا التلوث أدى إلى انتشار الأمراض الجلدية والمشكلات الصحية بين المواطنين، نتيجة نقل المياه الملوثة إلى المنازل دون معالجة فعلية، كما أثّر تلوث المياه سلبًا على القطاع الزراعي، حيث تُسقى المزروعات بمياه ملوثة، ما يُنتج محاصيل زراعية غير صالحة وتصل إلى الأسواق المحلية، مما يفاقم من الأزمة الاقتصادية والغذائية".
وأشار إلى ان "غياب الإدارة الحقيقية للموارد المائية أدى إلى موجات من النزوح البيئي، وتضرر الموائل الطبيعية، وهجرة المزارعين من أراضيهم وتخليهم عن مهنتهم الأساسية، بحثًا عن سبل عيش جديدة في بيئات حضرية لا تتناسب مع طبيعة حياتهم الأصلية".