شفق نيوز/ وسط مدينة الرمادي في محافظة الأنبار، تقف مكتبة "النهر" كمعلم ثقافي يروي قصة عشق للكتب بدأت منذ الطفولة، هذه المكتبة أسست على يد عبدالملك إسماعيل، مستلهماً الفكرة من شغفه بالقراءة الذي نما تحت تأثير والده، الذي كان يقتني الكتب ويزين بها رفوف المكتبة المنزلية.
هذا الشغف تحول إلى مشروع واقعي مع افتتاح مكتبة النهر، لتلبية حاجة المنطقة للكتب، خاصة في ظل نقص المكتبات التي توفر مصادر أدبية وعلمية متنوعة .
ورغم البداية الصعبة بسبب عزوف العديد عن القراءة وتوجه الشباب نحو وسائل التواصل الاجتماعي، استطاعت المكتبة أن تكسب جمهوراً متزايداً .
وقال عبد الملك إسماعيل، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إنه "كان من الصعب جذب الشباب في البداية، لكن مع الوقت، أصبح لدينا زوار من مختلف الأعمار، ومع إنشاء صفحة للمكتبة على مواقع التواصل الاجتماعي، توسعت قاعدة الزبائن لتشمل محافظات أخرى".
وتشهد المكتبة طلباً كبيراً على كتب الفلسفة، الفكر، التاريخ، والروايات الأدبية الحديثة، خصوصاً من فئة الشباب، حيث تعتمد المكتبة بشكل أساسي على استيراد الكتب من خارج العراق .
كما أوضح عبد الملك، "بدأنا بجمع الكتب داخل العراق، لكن بعد زيارة علاجية إلى مصر، توصلت إلى مصادر بيع مميزة وبدأت بالتعامل مع تجار هناك، والآن الكتب القديمة والنادرة المستوردة من مصر تعدّ المصدر الأساسي لمكتبتنا".
لكن على الرغم من هذا النجاح، تواجه المكتبة تحديات عديدة، أبرزها غياب الدعم الحكومي، حيث تابع إسماعيل، قائلاً "للأسف، لا نحصل على أي دعم من الجهات الحكومية أو الثقافية"، مبيناً أن "هناك قلة الاهتمام بالمكتبات الخاصة في الأنبار تجعلنا نعتمد على مواردنا الخاصة لتطوير المكتبة".
ويرى عبد الملك، أن "المكتبات، بما فيها مكتبة النهر، يمكن أن تؤدي دوراً محورياً في تطوير الوعي الثقافي بالمحافظة"، مشيراً إلى أن "ضعف الحركة الأدبية في الأنبار يعود إلى ارتباط الثقافة بالشهادات الجامعية دون الاهتمام بالقراءة الحرة، إضافة إلى الظروف الدينية والاجتماعية التي عانت منها المحافظة"، لكنه يؤكد وجود مواهب أدبية وشعرية قادرة على النهوض بالواقع الثقافي، حسب قوله .
كما تطمح المكتبة إلى تنظيم فعاليات ثقافية وأدبية تهدف إلى تشجيع القراءة بين الشباب، إلى جانب تقديم خدمات مثل نظام الإعارة، الذي يسهم في نشر المعرفة بين فئات المجتمع المختلفة .
وأشار عبد الملك إسماعيل، إلى أن "الهدف المستقبلي هو جعل المكتبة وجهة ثقافية رئيسية لكل شرائح المجتمع، مع توسيع الخدمات المقدمة والمشاركة في مهرجانات وفعاليات جامعية لتعزيز دور القراءة في المحافظة، ورغم التحديات، يبقى الأمل قائماً في أن تصبح مكتبة النهر نموذجاً يحتذى به في دعم الثقافة والتنمية الفكرية في الأنبار".