آخر الأخبار

الصين في العراق.. النفط برضا النخب مقابل الاستقرار السياسي والاجتماعي

شارك الخبر

شفق نيوز/ كشف معهد "كلينجينديل" الهولندي المتخصص بالشؤون الدولية، مرتكزات القوة الناعمة للصين في العراق، ومحدوديتها فيما يتعلق بالروابط مع اقليم كوردستان، واهداف هذا النفوذ الصيني الذي يتمحور على تأمين مصادر الطاقة من النفط والغاز، وهي معادلة تساهم في استقرار السلطة السياسية والاجتماعية ونخبها في العراق، ويتوقع أن تبقى على هذا المستوى، حيث لا يوجد أي وجود امني وعسكري لبكين في هذا البلد، وذلك رغم المنافسة التي تبديها إزاء الحضور الأمريكي.

وذكر المعهد الهولندي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان الهدف الرئيسي لانخراط الصين في العراق هو ضمان تدفق الآمن للنفط وتنويع واردات بكين وإنما من دون جعلها معتمدة على بغداد، مشيرا الى ان هناك امكانية لزيادة نسبة الـ10% الحالية من واردات النفط الصينية التي مصدرها من العراق.

واوضح التقرير ان ما يقدر بنصف وثلثي إنتاج النفط العراقي يأتي فعليا من حقول وآبار تشارك الشركات الصينية فيها كجهة استثمار او انتاج او في تأمين الخدمات التشغيلية.

وتابع التقرير؛ أن الصين تهيمن على هذا القطاع الاقتصادي، على الرغم من أنه من الممكن استبدال بكين كمشتري للنفط العراقي بسبب الطبيعة القصيرة المدى والعالمية للتجارة النفطية.

ولفت التقرير إلى أن النخب السياسية في العراق سوف تحتاج بشكل متزايد الى الاستثمارات الصينية للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية، التي تدر الإيرادات التي تعتمد عليها التسوية السياسية والاستقرار الاجتماعي في العراق.

واعتبر التقرير أنه "بخلاف ما يعتقده البعض، فانه لا يبدو ان هناك مخططا جيوسياسيا اوسعاً وراء الحضور الصيني في نفط العراق ولا يأتي التحول في صادرات النفط العراقي نحو الصين على حساب الولايات المتحدة".

ولفت التقرير إلى ان الصين تحتفظ بعلاقات دبلوماسية قوية الى حد ما مع العراق بالتوازي مع علاقاتها الاقتصادية المهمة، لكن من المنظور الأمني، فإن العلاقات تعتبر هامشية.

وبرغم ذلك، قال التقرير ان الصين تعمل على اقامة منصات امنية ودبلوماسية - وخاصة من خلال "مبادرة الأمن العالمي(GSI) "، ومن خلال "منتدى التعاون الصيني العربي (CASCF)"، حيث بإمكان الصين من خلالهما تطوير قدراتها الدبلوماسية والامنية على المدى المتوسط.

وتابع التقرير ان الصين تسعى في الوقت نفسه الى توسيع قوتها الناعمة بين النخب والسكان العراقيين من خلال مشاريع "مبادرة الحزام والطريق"، ومن خلال التمويل، وغيرها من الصفقات الاقتصادية، بالاضافة الى خطابها المناهض للولايات المتحدة ودبلوماسية التواصل العام.

ورأى التقرير؛ أن النخب الحاكمة الرئيسية في العراق، في "الإطار التنسيقي"، تنظر الى الصين بشكل عام كشريك مرحب به بينما تستفيد هذه النخب من الازدهار الاقتصادي الذي تحقق بفضل أسعار النفط الجيدة، والاستقرار الامني النسبي والسيطرة السياسية الثابتة.

واوضح التقرير ان هناك 3 عوامل ربما تفسر جاذبية الصين بالنسبة للنخب السياسية في العراق: وهي ان الصين تتبع سياسة خارجية اقل تدخلا واكثر احتراما وأكثر قابلية للتنبؤ من السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة للدول، مضيفا أن الوجود الصيني في العراق يؤدي الى تنويع مجموعة شركاء بغداد الأجانب، وذلك بالاضافة إلى ان صفقات الصين الاقتصادية تخلق أرباحا متبادلة بشروط عراقية.

وتابع التقرير؛ أن نوايا انخراط الصين مع العراق، تتوافق بشكل جيد مع جهود بغداد لتحقيق التوازن في تعاملاتها مع الولايات المتحدة وإيران وغيرهما.

ولفت التقرير إلى أن العلاقات المعاصرة بين العراق والصين، انطلقت في العام 2008، أي قبل انسحاب القوات الامريكية من العراق 2011، مشيرا في هذا السياق الى زيارة عدد من رؤساء الوزراء العراقيين الى الصين مثل نور المالكي في العام 2011 وحيدر العبادي في العام 2015، والتي ساهمت في اقامة علاقة مثمرة تركز على النفط وراحت تتوسع تدريجيا الى مجالات اقتصادية اخرى ومنذ العام 2013، حيث أصبحت الصين المصدر الأكبر للاستثمار الأجنبي المباشر في العراق، بينما أصبح العراق منذ العام 2021، ثالث أكبر دولة مورّدة للنفط الى الصين، بعد السعودية وروسيا.

وللتأكيد على هذه الطموحات، قال التقرير إن البلدين وقعا "شراكة استراتيجية" في العام 2015، تشير إلى رغبة صينية في استقرار وعلاقات طويلة الأمد قائمة على ركيزتين اثنتين من المكاسب المتبادلة والثقة الثنائية.

واشار التقرير الى ان السنوات الاخيرة شهدت زيادة ملحوظة في النشاط التجاري، حيث انه على سبيل المثال، ارتفعت نسبة النفط العراقي المصدر الى الصين من 19.7 % في العام 2017 الى 29.1 % في العام 2020 (بينما كانت تبلغ 2.3% في العام 2008).

وقال التقرير؛ إن استراتيجية الصين تجاه الشرق الأوسط، تتعلق بشكل أساسي بتأمين إمدادات النفط التي تحتاجها لتطوير نفسها، في حين أن الهدف الثانوي هو تعزيز النفوذ الجيوسياسي لبكين في المنطقة، ويفضل أن يكون ذلك من خلال إضعاف نفوذ الولايات المتحدة.

وتابع التقرير أن حجم التجارة بين الصين والشرق الأوسط تضاعف تقريبا من العام 2017 حتى العام 2022 من 262.5 مليار دولار الى 507.2 مليار دولار، مشيرا إلى ان منطقة الشرق الأوسط بالإجمال، كانت الشريك التجاري الأسرع نموا للصين خلال العام 2022.

وحول العراق، قال التقرير إن الهدف الرئيسي لانخراط الصين في العراق، هو ضمان تدفق موثوق للنفط بهدف تنويع واردات بكين النفطية، وانما من دون أن يجعل ذلك من الصين معتمدة على بغداد. وفي المقابل، قال التقرير ان العراق يلجأ الى التنويع في خياراته، مثلما حدث مثلا بالاستعانة بشركة كورية جنوبية لتطوير ميناء الفاو، ومشاركته في "مبادرة الحزام والطريق" الصينية وخططه الخاصة لاقامة مشروع "طريق التنمية"، مشيرا إلى أن ذلك يعكس انه ليس لدى اي من الفصائل السياسية في العراق اي نية لتصبح معتمدة على الصين كبديل عن الولايات المتحدة.

التعامل الصيني مع اقليم كوردستان

وذكر التقرير أن نطاق الانخراط الرسمي للصين مع اقليم كوردستان قائم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعلى حقيقة أن الصين لا تميل الى تشجيع إنشاء مناطق تتمتع بالحكم الذاتي أو انفصالية بالنظر الى تاريخ الصين الخاص مع أقاليم مثل التبت، وهونغ كونغ و شينجيانغ، أو فيما يتعلق بجزيرة تايوان.

ولفت التقرير إلى أن الصين كانت قد تأخرت في افتتاح قنصليتها في اربيل، ولم تفتتح قنصلية كوردية في الصين حتى الان بينما تتجنب اجراء اتصالات رسمية على اعلى المستويات السياسية، مضيفا ان الحزب الشيوعي الصيني يحتفظ بعلاقات مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، على غرار العلاقات التي يقيمها الحزب الشيوعي الصيني مع العديد من الاحزاب السياسية الاخرى في انحاء العالم كافة.

وبدلا من ذلك، قال التقرير إن الانخراط الصيني في اقليم كوردستان ركز على المسائل الاجتماعية والثقافية مثل نشر الادب والدراسات والثقافة الصينية، وتقديم المنح الدراسية وتأسيس اكاديميات هواوي، وتأمين خدمات الاعمار بكلفة محدودة من خلال الشركات الصينية المرتبطة بالدولة، وذلك بالاضافة الى الاحتفاظ بحصة في بعض حقول النفط والغاز في اقليم كوردستان، مع ان استثمارات بكين الأكبر تتركز في جنوب العراق.

ورأى التقرير أن الصين تركز على نشاطات القوة الناعمة، مضيفا أنه من وجهة نظر النخب الحاكمة في اقليم كوردستان، فان الصين تحظى بالاهتمام باعتبارها دولة فاعلة ومؤثرة عالميا، وبإمكانها تعزيز أهداف النخب بالاحتفاظ بقوتها، واحتمال الحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي، على الرغم من أنه من غير المرجح أن تقدم الصين الكثير من المساعدة في مثل هذه الجهود.

ومن منظور اقتصادي، قال التقرير إن بكين مهمة بالنسبة للعراقيين على المدى القصير، لافتا إلى أن الأكثر اهمية، يتمثل في البنية التحتية النفطية القديمة والتي تتطلب صيانة واسعة في المستقبل القريب للإبقاء على نفس مستوى الانتاج، مذكرا باهمية ذلك لان الايرادات النفطية تمثل 85% من ميزانية الحكومة العراقية والتي تعتبر المصدر الأساسي للاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.

وختم التقرير الهولندي بالاشارة الى ان استقرار العراق حاليا مهدد بشكل أساسي من قبل ثلاث ظواهر: اولا هشاشة المؤسسات، وثانيا انتشار الجهات المسلحة؛ وثالثا احتمال ظهور داعش مجددا او اشكال اخرى من الإرهاب والتطرف العنيف.

ترجمة: وكالة شفق نيوز

أخبار ذات صلة مصدر الصورة

مصدر الصورة اقتصـاد

عبد المهدي: العراق رابع مصدر للنفط في العالم وما ساعد بذلك الصين

مصدر الصورة اقتصـاد

الصين تستعد لإنقاذ العراق بصفقة نفط بمليارات الدولارات

مصدر الصورة اقتصـاد

بغداد ماضية ببيع 48 مليون برميل من النفط للصين بطريقة الدفع المسبق

اقتصـاد

العراق ثالث أكبر مصدر للنفط إلى الصين عام 2020

اقتصـاد

العراق يكشف عن مساعٍ لبناء مستودعات خزنية نفطية في باكستان والصين

اقتصـاد

الشركات الصينية الأكثر شراءً للنفط العراقي خلال شهر

شفق نيوز المصدر: شفق نيوز
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا