قال مصدر أمني إسرائيلي إن الجيش الإسرائيلي نفّذ، في 13 ديسمبر، عملية اغتيال استهدفت رائد السعد، أحد القادة البارزين في الجناح العسكري لحركة حماس، في عملية قال إنها جاءت بناء على معلومات استخباراتية وفّرتها الاستخبارات العسكرية.
ووفقا للمصدر، الذي تحدّث لـ”الحرة”، فإن العملية عُدّت “من أكثر العمليات دقة وتأثيرا منذ اندلاع الحرب”، وقال إن السعد كان من أقدم القيادات الميدانية في الجناح العسكري للحركة، ولعب أدوارا مركزية على مدى سنوات.
وأوضح المصدر أن اغتيال السعد شكّل، وفق التقديرات الإسرائيلية، “ضربة قاسية للبنية العسكرية لحماس”، ليس فقط بسبب موقعه القيادي، بل أيضا لطبيعة المهام التي اضطلع بها. ووفق الرواية الإسرائيلية، يُنسب إلى السعد دور في التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر 2023، والمشاركة في صياغة خطة التسلل إلى داخل إسرائيل، إضافة إلى توليه مسؤوليات تتعلق ببناء القدرات العسكرية للحركة، ولا سيما في مجالات إنتاج وتوفير وسائل القتال.
وأشار المصدر إلى أن حماس، رغم الضربات التي تعرضت لها، واصلت محاولات إعادة بناء قدراتها العسكرية، بما في ذلك خلال فترات وقف إطلاق النار، إلا أن هذه الجهود، بحسب التقديرات الإسرائيلية، تواجه قيودا كبيرة. وقال إن قدرات التصنيع تضررت بشكل واسع مع تدمير عشرات مواقع إنتاج السلاح، ما أدى إلى تقليص قدرة الحركة على تعويض خسائرها بسرعة.
وأضاف المصدر أنه، وعلى الرغم من العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة، تمكّن السعد خلال الحرب من إدارة هيئة إنتاج السلاح في الجناح العسكري لحماس، وأسهم في الحفاظ على استمرارية عمل المنظومة القتالية. ووفق التقييمات الإسرائيلية، اعتمدت هذه الاستمرارية على مواصلة تصنيع وسائل قتالية، ولا سيما العبوات الناسفة، وهو ما مكن الحركة من إطالة أمد المواجهة ميدانيا.
وبحسب المصدر، تنقّل السعد خلال أشهر الحرب بين أماكن اختباء متعددة، وعمل بسرية عالية، متعمدا الاحتماء بمواقع وُصفت بأنها حساسة ومكتظة بالسكان، في محاولة لتعقيد استهدافه. وأشار إلى أن عدة محاولات سابقة لاغتياله لم تنجح، إلى أن أُتيحت الفرصة العملياتية بعد ما وصفه بـ”خرق حماس للاتفاق”، الأمر الذي أتاح تنفيذ العملية.
وتقول التقديرات الأمنية الإسرائيلية إن اغتيال السعد كشف عن تسارع ما يُعرف بـ”الانتقال الجيلي” داخل الجناح العسكري لحماس. ووفق هذه التقديرات، لم يتبقَّ بعد مقتله سوى عدد محدود من القادة التاريخيين المخضرمين، في حين باتت الحركة تعتمد بصورة متزايدة على قيادات أصغر سنا. ويرى المصدر أن هذه القيادات تفتقر إلى الخبرة والقدرة على اتخاذ قرارات استراتيجية بعيدة المدى، وهو ما تعتقد إسرائيل أنه سينعكس سلبا على جودة التخطيط ومستوى القيادة.
وعلى صعيد الموارد البشرية، قال المصدر إن حماس واصلت تجنيد عناصر جدد خلال الحرب، إلا أن هؤلاء، بحسب التقييمات الإسرائيلية، يفتقرون إلى التدريب المتقدم والخبرة والسلطة التنظيمية، ولا يمتلكون سوى قدرات محدودة لتنفيذ مهام أساسية. وأضاف أن الكتلة القتالية النوعية بقيت محصورة في مجموعة صغيرة من العناصر المخضرمة، في وقت يشير فيه الجيش الإسرائيلي إلى “تراجع الدعم الشعبي الواسع لحماس داخل قطاع غزة”، مقابل بقاء تأييد محدود ضمن هذه الدائرة الضيقة.
وفي المجال المدني، قال المصدر إن حماس سعت إلى الحفاظ على قدر من الاستمرارية الوظيفية عبر لجان طوارئ وآليات لوجستية شملت قطاعات الاقتصاد والنقل والتعليم، مع استخدام وسائل ضغط وردع تجاه السكان. غير أن المعطيات المتوافرة لدى الجانب الإسرائيلي، بحسب المصدر، تُظهر “حالة من السلبية الواسعة في الشارع الغزي”، إلى جانب مؤشرات على اعتراضات من عائلات وعشائر محلية، يُحتمل أن تتحول إلى نقاط احتكاك مع سلطة حماس.
ويخلص التقييم الإسرائيلي إلى أن اغتيال رائد السعد يمثل تطورا مؤثرا في مسار المواجهة، من حيث انعكاساته المحتملة على بنية القيادة وآليات العمل داخل الجناح العسكري لحماس. وفي حين تسعى الحركة، بحسب هذه التقديرات، إلى تعويض خسارة قياداتها من خلال إعادة توزيع الأدوار والاعتماد على كوادر أصغر سنا، تبقى قدرة هذا النموذج على الحفاظ على مستوى التخطيط والتماسك التنظيمي موضع تقييم مستمر. وتشير التقديرات إلى أن المرحلة المقبلة ستتأثر بمدى نجاح حماس في التكيّف مع هذه التحولات، وبكيفية انعكاسها على أدائها الميداني وعلاقتها بالبيئة المدنية في قطاع غزة.
المصدر:
الحرة