آخر الأخبار

بين الأمل والخداع.. كيف يتلاعب المحتالون بمشاعر ذوي المفقودين في سوريا؟

شارك

دوما، ريف دمشق جلست تضرب كفا بكف حسرة على ما أنفقت من أموال طائلة ذهبت أدراج الرياح في سبيل معرفة أخبار عن فلذة كبدها، الذي اختفت آثاره في عام 2012 بعد اعتقاله من نقطة تفتيش في ريف دمشق.

لكنها اكتشفت أخيرا أن ما تعلقت به كان مجرد سراب، وأنها وقعت ضحية عصابات احتيال تقدر منظمات حقوقية أنها سطت على نحو مليار دولار أميركي من أموال ذوي المفقودين والمختطفين قسرا ب سوريا ، في عمليات خداع مستمرة حتى بعد سقوط النظام، كما يقول حقوقيون.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 منظمة حقوقية تكشف معاناة الأطفال بسوريا وتدعو لإطار قانوني يحميهم
* list 2 of 2 هكذا يعاقب الاحتلال بلدة بيت أُمّر شمالي الخليل end of list

لا تريد سلمى العقبة -اسم وهمي- الكشف عن هويتها، وترفض إبداء الأسباب، وتقول إنها تحتسب تلك الأموال -7 ملايين ليرة سورية- عند الله، وتكل إليه مصير ابنها المفقود.

قصة من قصص أخرى كثيرة تحدثت عن أن نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ضالع أيضا في تلك العمليات، وأنه كان يدعم مؤسساته الأمنية من جيوب ذوي المعتقلين.

فهذه لمياء العبد الله كادت تسقط في الفخ لولا أنها كانت أكثر حذرا، فقد "طلعت صاحية" كما تقول، بعد أن اكتشفت تلعثما في كلام المحتال الذي تظاهر بأنه ضابط، حين دققت معه في صفات ابنها المفقود، فما كان منه إلا أن "هرب".

وكان اللقاء مع سلمى ولمياء على هامش اجتماع دعت له الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا حذرت فيه من الخضوع لعمليات الاحتيال تلك، أو مشاركة أي بيانات شخصية أو معلومات مع أي جهة خارج إطار الهيئة الوطنية للمفقودين.

مصدر الصورة لمياء العبد الله لا تزال بانتظار معرفة مصير ابنها المفقود بعد اعتقاله في سجون الأسد (الجزيرة)

تحذيرات من آثار خطيرة

ويؤكد الرئيس المؤسس المشارك لـ"رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا " رياض أولار، استمرار الظاهرة حتى اليوم، ويحذر من "آثارها الكارثية الخطيرة على السلم الاجتماعي" في سوريا.

ويقول في حديث لمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة، إن تلك العصابات التي "تتلاعب بمشاعر الأهالي" تنقل أحيانا لأهالي المفقودين أنباء كاذبة بمعرفة مصير أبنائهم، وأنهم إما نقلوا قُبيل أو إبان سقوط النظام إلى الساحل السوري أو إلى العراق أو إيران أو إلى مناطق سيطرة حزب الله في لبنان ، وهو ما يؤدي إلى تعلق ذوي المفقود بأمل زائف ويحدو بهم إلى الدفع في غير طائل.

إعلان

وبشأن مخاطرها على تماسك الأسر، يقول أولار إن الأمهات غالبا ما يكافحن للدفع في مقابل معارضة باقي الأسرة أو أحد أفرادها، وقد يرفض الدفع والخضوع للابتزاز أحد القادرين من العائلة -كشقيق المفقود مثلا- فيتهم من الباقين بالبخل وهو ما يؤدي لسريان الشحناء والبغضاء داخل الأسر، وفق تعبيره.

وعلى هامش اللقاء الذي أقامته "الهيئة الوطنية للمفقودين" مع الأهالي في دوما بريف دمشق، أكد أحد المنظمين استمرار ظاهرة الابتزاز تلك.

وقال، متجنبا ذكر اسمه وصفته لكونه غير مخول له بالحديث لوسائل الإعلام، "الدولة السورية تتعامل مع ذلك بكل حزم، وهذه الأمور تأخذ مجراها القانوني وشرحنا لأهالي المفقودين أهمية الحذر من هذه المنصات والجهات التي تتداول بعض هذه الأخبار".

مصدر الصورة أولار حذر من الآثار الكارثية الخطيرة لعمليات الاحتيال على أهالي المفقودين (الجزيرة)

خسارة ملايين الدولارات

وخلال سنوات حكم النظام الساقط، كان الأمر منصبا على قدرة المبتز على إخلاء سبيل المعتقل، أو نقله إلى سجن مدني، أو تأمين زيارة له في مكان احتجازه، أو إعادة محاكمته، وقد يتم ترتيب مكالمة وهمية معه بخطوط اتصال رديئة تمنعهم من تبين الحقيقة فيكتشفون لاحقا، بعد أن دفعوا كل ما بحوزتهم، أن العملية كانت مجرد خداع.

واستخدم نظام الأسد المعتقلين والمخفيين قسرا "وسيلة لجني ومراكمة الثروات وزيادة نفوذ الأجهزة الأمنية وقادتها والنافذين في حكومته وبعض القضاة والمحامين"، حسب رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا.

وتقدر الرابطة حجم الأموال التي جنتها شبكات الاحتيال تلك، ومن ضمنها رجال أمن وضباط في الجيش وبعض القضاة والمحامين، بأكثر من 900 مليون دولار أميركي خسرتها العائلات منذ العام 2011 وحتى نهاية العام 2020.

وفي أغسطس/آب الماضي، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا أن عدد الأشخاص الذين فقدوا خلال عقود من حكم عائلة الأسد وخلال سنوات الثورة السورية قد يتجاوز 300 ألف شخص.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا