آخر الأخبار

هل أصبح التعليم الجامعي في الأردن حكرا على الأغنياء؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

عمّان- بات رفع الرسوم الجامعية في الأردن واحدا من أكثر الملفات جدلا وإثارة للرأي العام، مع تعمق الأزمة المالية التي تعيشها الجامعات الرسمية، والتي دفعتها للتفكير باللجوء إلى جيوب الطلبة كخيار سريع لتأمين السيولة، بحسب مراقبين.

يأتي هذا في الوقت الذي ترزح فيه العديد من الجامعات الحكومية تحت طائلة الديون بسبب أوضاعها المالية الصعبة، وخاصة جامعات المحافظات التي يطالب رؤساؤها بزيادة الدعم الحكومي.

كما في الأعوام السابقة، عادت الجامعات الأردنية الرسمية هذا العام إلى رفع رسوم الساعات المعتمدة، سواء بصورة مباشرة أو عبر طرق غير مباشرة، مثل طرح تخصصات جديدة برسوم مرتفعة أو إعادة تسمية تخصصات قائمة ومنحها عناوين مختلفة، وفي جميع الأحوال تنعكس هذه الإجراءات على الطلبة وأسرهم بزيادة الأعباء المالية.

تشير الأرقام الرسمية إلى أن موازنات الجامعات الحكومية السنوية تتجاوز 700 مليون دينار، لكنها عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها الأساسية من رواتب ومشاريع تطويرية، الأمر الذي انعكس سلبا على تصنيفاتها الأكاديمية، في حين بلغت مديونية الجامعات قرابة 240 مليون دينار بشكل تراكمي.

خصخصة التعليم

من جهته، حذّر منسق الحملة الوطنية لحقوق الطلبة "ذبحتونا" الدكتور فاخر دعاس من أن رفع الرسوم يمثل "خصخصة حقيقية للجامعات الرسمية"، عبر تحرير أسعار التخصصات الجديدة أو استبدال أخرى مرتفعة الكلفة بها.

ويضيف، في حديثه للجزيرة نت، أن "هذه السياسة ستجعل الطلاب يختارون تخصصاتهم وفق قدراتهم المالية لا رغباتهم أو تميزهم العلمي، ما يهدد جودة المخرجات التعليمية على المدى الطويل".

ويُوضح دعاس أن صندوق دعم الطالب المسؤول عن تقديم المنح والقروض لطلبة الجامعات الحكومية، سيتأثر بشكل ملحوظ إذا بلغت موازنته 50 مليون دينار (نحو 70 مليون دولار)، ويمكنه عندها تغطية احتياجات 50 ألف طالب.

مصدر الصورة دعاس أشار إلى أن ارتفاع أسعار التخصصات الجامعية سيدفع الطلبة لاختيار تخصصاتهم وفق قدراتهم المالية لا رغباتهم (الجزيرة)

وبيّن المتحدث ذاته أن متوسط الرسوم الجامعية البالغ 200 دينار (280 دولارا)، إذا ما جرى مضاعفته أو زيادته بأكثر من ذلك، سيؤدي إلى تقليص عدد المستفيدين إلى نحو 25 ألف طالب فقط، مما يعكس تراجعا كبيرا في أعداد الحاصلين على المنح والقروض.

إعلان

وتحدث دعاس عن واقع جديد يتمثل في تحرير الرسوم الجامعية الذي لم يأتِ عبر رفع الرسوم مباشرة، بل من خلال استحداث تخصصات بتسميات جديدة، أو تخصصات قديمة بتسميات جديدة، أو استبدال تخصصات جديدة بأخرى قديمة.

وفي مقارنة لافتة، أشار دعاس إلى الارتفاع الكبير في رسوم الجامعات، حيث إن التخصصات التي كانت كلفة الساعة الدراسية فيها تتراوح بين 15 و20 دينارا (21-28 دولارا) قفزت اليوم إلى ما بين 65 و80 دينارا (90-113 دولارا).

مصدر الصورة عبء القرارات المالية الثقيلة في الجامعات يقع على كاهل الطلبة وأسرهم ما يزيد معاناتهم ويحد من فرصهم التعليمية (الجزيرة)

أعباء مالية

كما لفت إلى أن الجامعات استحدثت في السنوات الأخيرة تخصصات جديدة تحمل رسوما أعلى من المعتاد، ما زاد من الأعباء المالية على الطلبة وأسرهم.

وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع في وزارة التعليم العالي للجزيرة نت أن "رفع الرسوم الجامعية من اختصاص مجالس الأمناء في الجامعات، فهي صاحبة الصلاحية في تحديدها، وليس من اختصاص وزارة التعليم العالي نهائيا".

وكان وزير التعليم العالي عزمي محافظة قد أوضح أن ضعف الموازنة العامة يحول دون زيادة الدعم الحكومي، مؤكدا في تصريحات له أن ما يُصرف للجامعات يوزع وفق معايير محددة قد لا تنصف الجامعات الأضعف.

في المقابل، يقول مسؤولون جامعيون إن المستحقات المالية المترتبة على الحكومة ووزارة التعليم العالي لصالح الجامعات كبيرة جدا، ما يجعلها جزءا من الأزمة وليست مجرد طرف مراقب.

ومن أبرز البدائل التي طُرحت كحلول عملية لمواجهة أزمة ارتفاع الرسوم الجامعية:


* إنشاء صندوق استثماري خاص توجه إيراداته إلى دعم الطلبة وتمويل مشاريع تطوير البنية التحتية في الجامعات.
* إلغاء البرنامج الموازي تدريجيا، لما يترتب عليه من أعباء إضافية على الطلبة وأسرهم.
* تعزيز صندوق دعم الطالب الجامعي، ليكون البديل المباشر عن البرامج المكلفة ويوفر دعما أوسع للفئات المحتاجة.

بدورها، قالت هدى العتوم، عضو لجنة التعليم في مجلس النواب، إن "استحداث التخصصات الجديدة في الجامعات الأردنية الرسمية قد يمنع الطلبة من الالتحاق بها بسبب ارتفاع رسومها، بينما كان من المفترض أن تُشجع إدارات الجامعات على التسجيل لهذه التخصصات، مما يمثل تناقضا واضحا".

وطالبت، في حديثها للجزيرة نت، الحكومة بتحمل مسؤولية التعليم الجامعي، والتخفيف عن كاهل المواطن، مشيرة إلى أن الجامعات تواجه تكاليف مرتفعة رغم الدعم الحكومي، وأنها معتمدة على المنح الحكومية أكثر من الأقساط الدراسية، حيث تدفع الحكومة للجامعات المثقلة بالديون لضمان استمرار عملها.

مصدر الصورة طلبة الجامعات أعربوا عن مخاوفهم من أن يتحول التعليم الجامعي إلى رفاهية للأغنياء فقط (الجزيرة)

هواجس طلابية

من جانبهم، عبّر طلبة الجامعات عن مخاوف متزايدة من أن يتحول التعليم الجامعي إلى رفاهية للأغنياء فقط.

تؤكد الطالبة أماني أبو تايه، التي أنهت الثانوية العامة هذا العام، للجزيرة نت، أن حلمها منذ فترة طويلة بدراسة الهندسة المعمارية، بدأ يتلاشى بالنظر إلى الرسوم الدراسية المرتفعة في الجامعات الرسمية.

إعلان

وتضيف "فوجئت بأن الرسوم الدراسية مرتفعة بشكل لا يمكن لعائلتي تحمله، فالأمر كان صدمة كبيرة بالنسبة لي".

وتوضح أن اختيار التخصص أصبح يعتمد على رسومه الجامعية وليس الميول الشخصية، فمعظم التخصصات الجديدة رسومها مرتفعة، وقد يقتصر التعليم الجامعي قريبا على المقتدرين ماليا.

اختارت الطالبة الجديدة تخصص العلوم الاجتماعية لأن رسومه أقل، وتقول "أحب هذا المجال أيضا، لكن بصراحة لم يكن خياري الأول، اخترته لأن الظروف فرضت عليّ ذلك".

وفي الوقت الذي تتبادل فيه الجهات الحكومية والإدارية في الجامعات الاتهامات حول المسؤولية، يبقى الطلبة وأسرهم في قلب الأزمة، يتحملون تبعات القرارات المالية.

ومع غياب الإستراتيجية الوطنية المتكاملة لإصلاح التعليم العالي، يخشى المراقبون أن يؤدي رفع الرسوم إلى نتائج سلبية، مثل انخفاض الإقبال على الجامعات الحكومية أو هجرة الطلبة المتفوقين إلى الجامعات الخاصة التي تقدم خصومات جذابة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا