آخر الأخبار

سؤال وجواب.. لهذه الأسباب لا تتكرر هبّة النفق رغم استباحة القدس

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

لـ3 أيام متتالية دارت مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال بدءا من 25 سبتمبر/أيلول من عام 1996، وأُطلق على هذه المواجهات حينها " هبّة النفق "، لأنها اندلعت بسبب فتح باب لخروج الزوّار من النفق الغربي الذي حُفر أسفل المسجد الأقصى المبارك.

كان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو ، وكلّف رئيس بلدية الاحتلال في القدس إيهود أولمرت بافتتاح الباب الذي شملت المواجهات بسببه كل الجغرافيا الفلسطينية، وأسفرت عن استشهاد 63 فلسطينيا، 32 منهم في الضفة الغربية، و31 في قطاع غزة، في حين أصيب 1600 آخرون بجروح متفاوتة.

وتحلُّ ذكرى هبّة النفق هذا العام مع انطلاق موسم الأعياد اليهودية الأطول من جهة، وفي ظل موجة اعتراف بالدولة الفلسطينية في أروقة الأمم المتحدة من جهة أخرى، وفيما يلي نستعرض ظروف اندلاع الهبة وأسباب عدم تكرارها.



ما الظروف السياسية التي سبقت اندلاع هبّة النفق عام 1996؟

اندلعت الهبّة بعد 3 أعوام من توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في البيت الأبيض بواشنطن، والتي أُجلت فيها القدس إلى مفاوضات الحل النهائي.

لم يكن المجتمع الفلسطيني بعيدا عن اتفاقية أوسلو من الناحية الزمنية، لكن الأهم من ذلك أن هذه الاتفاقية كانت مرحلية، وجزءا من الأمور التي أفرزتها ما عرفت بمفاوضات الحل الدائم والتي يفترض أن القدس جزء منها.

بمعنى أن استمرار إسرائيل في القيام بحفريات أسفل الأقصى يعني أنها كانت تريد استغلال هذه الاتفاقية، من أجل فرض وقائع جديدة تتجاوز إمكانية التوصل إلى اتفاقية من خلال مفاوضات الوضع الدائم وفقا لرئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي.

إعلان

لكن في الوقت ذاته -وفقا للشوبكي- لم يكن المجتمع الفلسطيني بعيدا أيضا عن تجربة الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وإرثها وحركة الشارع ووجود الحركة الوطنية الفلسطينية الناشئة في الضفة وغزة من حركات وطنية ويسارية وإسلامية، وهذا جعل من إمكانية التفاعل مع مثل هذه الأحداث أسرع في سياق جماهيري.

العامل الأخير الذي يرى الأكاديمي الشوبكي أن له أهمية في سياق الظروف التي سبقت الهبّة هو أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي كانت في بداية تكوينها، كان جزء منها يحمل العقيدة الثورية لأنهم أبناء حركة وطنية.

وبالتالي لم تكن العقيدة عقيدة وظيفية، وصحيح أن أبناء الأجهزة هم جزء من مؤسسة أمنية لسلطة فلسطينية ناشئة، لكن العقلية هي حركية، وبالتالي مناوئة للسياسات الإسرائيلية، لذلك وجدنا أنه حصل شكل من أشكال الاشتباكات ما بين قوات الـ 17 آنذاك والجيش الإسرائيلي حين حاول الدخول إلى بعض المدن الفلسطينية.

مصدر الصورة عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية يشتبكون مع قوات الاحتلال بالقرب من بيت لحم خلال هبة النفق (مواقع إلكترونية)

لماذا يُعتبر هذا النفق حساسا دينيا وسياسيا بالنسبة للفلسطينيين؟

يعتقد الأكاديمي ورئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة السابق في المسجد الأقصى عبد الله معروف أنه كان لافتتاح باب لهذا النفق أهمية سياسية كبيرة في ظل أوسلو، إذ أعطى إشارة واضحة على أن إسرائيل كانت تريد أن تُخرج القدس من معادلة المفاوضات بأي شكل من الأشكال، رغم أن المفاوضات كانت على أشدّها من أجل إعلان الدولة الفلسطينية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1999.

ومن الناحية الدينية شكّل افتتاح بوابة للنفق اعتداء مباشرا على الأقصى، خاصة أن أعمال توسعته بدأت في ثمانينيات القرن الماضي وفقا لمعروف، واستمر العمل فيها بشكل سرّي حتى موعد الافتتاح، وتكمن الخطورة في أن هذا النفق يصل منطقة حائط البراق بكل ما أسفل سور الأقصى الغربي ويهدد كافة الأبنية الموجودة في الرواق الغربي.

اندلعت هبّة شعبية عام 1996 لمجرد فتح باب لخروج الزوار من النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى، واليوم تمر انتهاكات كثيرة في المسجد مرور الكرام، لماذا لا تتكرر الهبّات؟

شهدت مدينة القدس هبّات شعبية عدة بعد هبّة النفق، لكن شكلها وقدرتها على الاستمرارية تغيَّر نتاجًا لمجموعة من العوامل، من بينها أن الحركة الوطنية في الضفة الغربية بدأت تتلاشى بفعل إجراءات متسلسلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لاجتثاث الحركات الفلسطينية، خصوصا تلك التي تتبنى أعمالا كفاحية عسكرية ضد الاحتلال وفقا للأكاديمي الشوبكي.

السلطة الفلسطينية انتهجت سياسات اقتصادية وبيروقراطية لا تتماشى مع وجود المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال، وبالتالي أصبح هناك أنماطا اقتصادية واجتماعية تكبل أيدي الفلسطينيين، وتجعل من قدرتهم على التحرك ضد الاحتلال حتى في سياقات شعبية محدودة جدا.

وأشار بلال الشوبكي إلى أن مصادر الدخل الأساسية للمجتمع الفلسطيني هي عبارة عن رواتب يجب أن تصل من خلال أموال المقاصة، وبالتالي هناك حالة تحكم إسرائيلية، أو عمالة فلسطينية في المشاريع الإسرائيلية، وهذه غير ممكنة إلا بتصاريح إسرائيلية، أو حركة تجارة مع الخارج ولا يمكن أن تتم إلا عبر الموانئ الإسرائيلية.

هذه المصادر الثلاثة تتحكم بها إسرائيل، وبالتالي تم خلق أنماط اقتصادية تدفع جزءا من الفلسطينيين للاعتقاد بأن حالة الهدوء هي أفضل ما يمكن الحفاظ عليه في الضفة الغربية، بحيث تضمن استمرار هذه الأنماط الاقتصادية التي تم خلقها في هذه المرحلة.

إعلان

العامل الآخر أيضا متربط بحالة الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وصحيح أن هذا موجود منذ فترة طويلة، لكن آليات التعامل بفعل نشوب أنماط جديدة من المقاومة داخل قطاع غزة، جعل جزءا من أبناء الضفة الغربية يعتقدون أن انطلاق المقاومة وأهميتها تكمن في أنها من غزة، فكلما تم الاعتداء على الضفة الغربية نظر الفلسطيني إلى القطاع وكأن من واجبه الرد، بحكم أن أنماط المقاومة هناك مختلفة ومتمثلة في البعد العسكري.

ولذلك وجدنا أن الأمور تتغير تدريجيا، لكن ما حصل في عام 2021، وما عرف حينها بـ "هبّة الكرامة"، هو تغير مهم جدا بدخول المقاومة الشعبية مرة جديدة من الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني، وعلى مستوى التفاعل الخارجي وفقا للشوبكي.

الثمن الذي دفعه المقدسيون كان باهظا خلال الهبات الشعبية في العقد الأخير، هل "ابتلعهم الحوت" فعلا في ظل سياسة "صفر تسامح" التي يفرضها بن غفير؟

ما من شك أن السياسات التي اتبعت ضد الفلسطينيين في القدس قد تؤدي إلى تخوف شريحة واسعة منهم من الانخراط في أي جهد مناوئ للسياسات الإسرائيلية، وخصوصا في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، لكن حسب رأي الأكاديمي الشوبكي فإن المعضلة الأساسية لا تتمثل في سياسة "صفر تسامح"، لأنه لم يكن هناك تسامح مع الفلسطينيين سابقا، لكن الحكومة الحالية أكثر وضوحا في التعبير عن السياسات الإسرائيلية.

والذي يحُول -حسب رأيه- دون وجود هبّة فلسطينية حتى على المستوى الشعبي هو عدم وجود قيادة في هذه المناطق تتبنى مثل هذه الرؤية، ولا يمكن التعويل فقط على تذمر الأفراد من الوضع القائم وتفاعلهم المعنوي والعاطفي، والذي لا يمكن أن يقود بالضرورة إلى حركة على مستوى جماهيري، ما لم يكن هناك أطر تنظيمية وقيادة، وليست بالضرورة الحركات والأحزاب الفلسطينية القائمة، لكن لم يتشكل بديل، والحركات الفلسطينية القائمة جزء منها مجتث تنظيميا في الضفة الغربية، وحركة فتح التي تماهت مع السلطة تتبنى رؤى مختلفة لا تقود إلى حراك جماهيري يؤدي إلى مواجهات كما حدث في فترات سابقة.



ما الذي كشفته هبّة النفق عن طبيعة الصراع على القدس والمقدسات؟

ما زالت الأماكن المقدسة هي الأماكن الأكثر إثارة للشارع الفلسطيني فيما يتعلق بإمكانية إحداث فارق ما في حركة الشارع، وهذا الأمر اختبر أكثر من مرة قبل وبعد قيام دولة إسرائيل.

وما زال هذا الأمر قائما في الذهنية الفلسطينية، لكن يجب ألّا ننسى وفقا للأكاديمي الشوبكي أن الإحساس بالحاجة للتفاعل مع هذه القضايا ليس العامل الأساسي الوحيد الذي يمكن أن يحرك الشارع، بل يجب أن تترافق معه عوامل أخرى تنظيمية، وهذا الأمر متعثر الآن، ولكن قد يتغير في أي لحظة، وتصبح الشحنة العاطفية أكبر، ويصبح الشارع سابقا للتنظيمات السياسية، لكن هذه كلها احتمالات.

ماذا يعلّمنا هذا الحدث عن العلاقة بين القدس والأقصى واندلاع المواجهات؟

منذ عام 2015 وحتى الآن اندلعت مواجهات عدة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي عنوانها القدس والمسجد الأقصى، بدءا من هبّة القدس عام 2015، مرورا بكل من هبّة باب الأسباط عام 2017، وباب الرحمة 2019، والشيخ جرّاح (الكرامة) 2021، وانتهاء بمعركة "طوفان الأقصى" الحالية.

وهذا يشير وفقا لعبد الله معروف إلى مركزية القدس والمسجد الأقصى في معادلة الصراع على هذه الأرض.



هل يمكن حصر عدد الأنفاق والحفريات؟ وكم تبلغ مساحات قاعاتها وممراتها؟

وفقا للباحث في تاريخ القدس إيهاب الجلّاد فإنه لا يمكن الحديث عن رقم محدد للأنفاق، لأن الكثير من الحفريات تدخل في إطار توسعة نفق معين، لكن الحديث يدور بالتأكيد عن عشرات الحفريات.

إعلان

يطلق على بعض الحفريات اسم "الحفريات المشتتة"، كتلك التي تنفذ بين فترة وأخرى في مربعات معينة بمنطقة القصور الأموية المحاذية للأقصى مثلا، بالإضافة لحفريات نشطة في بلدة سلوان جنوب الأقصى منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا.

بعض ممرات الأنفاق ضيقة، لا يتجاوز عرضها نصف متر وارتفاعها 180 سنتيمترا، ويصل عرض بعض القاعات 8 أمتار ويبلغ طولها 10 أمتار.

ما أخطر الحفريات على المسجد الأقصى المبارك ومحيطه؟

لا شك أن الحفرية الموجودة في الجانب الجنوبي الغربي من الأقصى من أخطر الحفريات -وفقا للجلاد- لأنها فعليا تؤثر على منطقة لم يتم تدعيمها ولا ترميمها منذ نحو ألف عام، أي من الفترة الصليبية وهي منسية تماما.

ومع تعاقب السنين تخلخلت الأساسات في هذه المنطقة مع تنفيذ الحفريات، مما أدى لتساقط الحجارة التي ظهرت عند قبة يوسف آغا، وهذه أخطر منطقة حاليا في المسجد.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا