في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دمشق- أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في سوريا قرارين جديدين لتنظيم العملية الانتخابية التي ستجري خلال الشهر الجاري، في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات.
وينص القرار رقم (28) على التعليمات التنفيذية للمرسوم الرئاسي رقم (143) المتعلق بقانون الانتخابات المؤقت، بما يضع إطارا قانونيا واضحا يهدف لتعزيز شفافية العملية الانتخابية وضمان نزاهتها.
أما القرار رقم (27)، فقد حدد القائمة النهائية لأعضاء اللجان الفرعية في الدوائر الانتخابية بالمحافظات، مع تثبيت مراكز عمل هذه اللجان في المناطق المعنية.
تأتي هذه الخطوات لتؤكد التزام هذه اللجنة بتهيئة بيئة انتخابية منظّمة وفعالة، تمهيدا لانتخابات تُوصف بـ"التاريخية" لتلبية تطلعات الشعب السوري، بحسب المسؤولين عن اللجنة.
ومن جانبه، أكد الدكتور نوار نجمة، المتحدث الإعلامي وعضو اللجنة العليا للانتخابات، أن التعليمات التنفيذية للانتخابات وُضعت بعناية فائقة لضمان الشفافية الكاملة للعملية الانتخابية منذ بدايتها.
وقال في حديثه للجزيرة نت "التغطية الإعلامية الواسعة، والمراقبة الشعبية، وآلية الطعون لعبت دورا أساسيا في تشكيل اللجان الفرعية، وستسهم أيضا في تعزيز نزاهة بنية الهيئة الناخبة".
وأوضح نجمة أن اختيار أعضاء اللجان الفرعية تم عبر مشاورات واسعة مع مختلف الفعاليات الاجتماعية والسياسية، بما يضمن تنوع المجتمع السوري وحضور الكفاءات القادرة على أداء مهامها على أكمل وجه.
وأضاف "النزاهة كانت معيارا أساسيا في عملية الاختيار، حيث جرى البحث عن أشخاص يتمتعون بالكفاءة العالية والحياد".
وحول دور المنظمات في العملية الانتخابية، أشار نجمة إلى أن مساهمتها ستقتصر على الجانب التدريبي، حيث سيخضع أعضاء اللجان الفرعية لدورات تدريبية مكثفة لمدة يومين لتأهيلهم على إدارة العملية الانتخابية بكفاءة.
وفيما يتعلق بالجوانب الأمنية واللوجستية، أكد الدكتور نجمة أن مؤسسات الدولة هي الجهة المسؤولة عن توفير جميع الاحتياجات المتعلقة بسير الانتخابات، مما يعزز من الثقة في قدرة الدولة على إدارة هذه العملية بسلاسة.
وفي سياق الحديث عن مشاركة المغتربين، شدد نجمة على أن "لا فرق بين السوريين داخل البلاد وخارجها من حيث الحق في العضوية في الهيئة الناخبة، غير أن ممارسة الدور الانتخابي يجب أن تتم داخل الأراضي السورية".
وبيّن أنه "في حال انتخاب أي مواطن مقيم خارج سوريا عضوا في مجلس الشعب، فمن الطبيعي أن يعود إلى الوطن نظرا لطبيعة عمل المجلس القادم الذي سيتطلب وجودا دائما وعملا مكثفا".
ومن جانبه، أكد المحامي محمد حاج عبدو (عضو اللجنة الفرعية عن محافظة حلب ، منطقة سمعان) أن التعليمات التنفيذية الخاصة بالانتخابات في سوريا تم إعدادها بروح من الشفافية منذ البداية.
وقال حاج عبدو في حديثه للجزيرة نت، إن "اختيار أعضاء اللجان الفرعية جرى عبر مشاورات واسعة مع مختلف الفعاليات الاجتماعية والسياسية، بما يضمن التنوع والكفاءة والنزاهة".
وأضاف أن أعضاء هذه اللجان سيخضعون لدورات تدريبية متخصصة لمدة يومين، بينما تتولى مؤسسات الدولة الجوانب الأمنية واللوجستية للعملية الانتخابية.
وحول المعايير الدولية لضمان نزاهة الانتخابات، أوضح حاج عبدو أن النقابات المهنية، مثل نقابة المحامين، ستقوم بترشيح مراقبين قانونيين في كل دائرة انتخابية، إلى جانب المراقبين الذين يختارهم المرشحون أنفسهم.
وشدد على أن "علنية العملية الانتخابية وتغطيتها الإعلامية الواسعة، إلى جانب ضمان سرية الاقتراع، تشكل عناصر أساسية في تكريس الشفافية".
وأشار المحامي إلى أن التعليمات أخذت في الاعتبار التنوع المطلوب داخل الهيئات الناخبة، عبر تخصيص نسب محددة مثل 20% للمرأة، و3% لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى إشراك المغتربين والمهجرين داخليا وخارجيا، شريطة أن يمارسوا دورهم الانتخابي فعليا داخل الأراضي السورية.
وأوضح أن الترشح يجب أن يتم بالحضور الشخصي المباشر، دون السماح بالتفويض، مع التأكيد على ضرورة إقامة أعضاء مجلس الشعب المنتخبين داخل سوريا لمتابعة مهامهم التشريعية.
ويرى خبراء حقوقيون أن القرارات الجديدة الصادرة عن اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تمثل خطوة مهمة لتعزيز الشفافية والنزاهة في الانتخابات بسوريا، غير أن التحديات الأمنية واللوجستية ما تزال قائمة، إضافة إلى ضرورة ضمان مشاركة أوسع تشمل مختلف فئات المجتمع، بمن فيهم المغتربون.
ويشير الخبراء إلى أن التحدي الأبرز يكمن في قدرة هذه الإجراءات على إيجاد توازن بين الطموحات الديمقراطية والواقع المعقد على الأرض.
من ناحيته، أبدى المحامي أحمد شحود جملة من الملاحظات على الإجراءات الجديدة، موضحا في حديثه للجزيرة نت أن "القرارات الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات تعكس التزاما واضحا بتعزيز الشفافية والتنظيم، غير أن ثمة تحديات لا يمكن تجاهلها".
وأشار شحود إلى أن الاعتماد الكبير على مؤسسات الدولة في الجوانب الأمنية واللوجستية قد يثير تساؤلات حول مدى الحياد في بعض المناطق، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة بعدد من المحافظات.
وأضاف أن اشتراط ممارسة الدور الانتخابي داخل الأراضي السورية قد يحدّ من مشاركة المغتربين "نظرا للعقبات اللوجستية والاقتصادية التي تواجههم".
بسبب الظروف الأمنية التي تشهدها هذه المحافظات.. لجنة الانتخابات العليا في #سوريا تعلن تأجيل انتخابات مجلس الشعب المقررة الشهر المقبل في محافظات السويداء الحسكة والرقة#الجزيرة_سوريا pic.twitter.com/rzZGAP7o7v
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 23, 2025
وقال شحود إنه "رغم أن تخصيص نسب للمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة يُعد خطوة إيجابية، إلا أن الأمر يتطلب آليات أكثر وضوحا لضمان تطبيق هذه النسب بشكل عادل وشفاف، مع توفير دعم إضافي يمكّن هذه الفئات من المشاركة الفعالة".
وفي إطار التحديات الأمنية، أشار حاج عبدو إلى أن اللجنة العليا للانتخابات هي الجهة المخولة بتقييم الظروف التي قد تطرأ في بعض المناطق وتؤثر على سير العملية الانتخابية، مؤكدا أن "من بين الخيارات المطروحة للتعامل مع هذه القضايا، إمكانية الاستعانة بالأعضاء المعينين ضمن حصة رئيس الجمهورية، بما يضمن استمرار العملية الانتخابية وفق الأصول".