آخر الأخبار

سوريا.. حكومة جديدة أم إعادة تدوير الأزمة؟

شارك
الشرع خلال الإعلان عن تشكيل حكومة في سوريا.. أرشيفية

في لحظة حرجة من تاريخ البلاد، تجد سوريا نفسها أمام مفترق طرق جديد، محفوف بالمخاطر السياسية والتعقيدات الأمنية، مع تحذيرات أممية وأميركية من انفجار مرتقب إن لم تُتخذ خطوات حقيقية نحو شمولية الحكم وتوسيع المشاركة السياسية.

تشير معلومات خاصة حصلت عليها "سكاي نيوز عربية" إلى أن الرئاسة السورية، برئاسة الرئيس أحمد الشرع، تدرس تشكيل حكومة جديدة تمثل الأطياف والمناطق السورية بشكل أفضل، في خطوة تبدو للوهلة الأولى استجابة لضغوط داخلية متصاعدة، لكنها في العمق تعكس مسعى للتناغم مع اتفاقات خارجية بدأت تتبلور، لا سيما مع أطراف غربية.

تقول المصادر إن "الحكومة الموسعة" المرتقبة قد تكون جزءًا من صفقة أكبر مع قوى دولية تهدف إلى حفظ استقرار البلاد، وإعادة هيكلة العلاقة مع الكيانات المحلية مثل قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، التي تبقى حجر الزاوية في أي ترتيبات سياسية أو أمنية في شمال وشرق البلاد.

بيدرسون وباراك: نداءات مختلفة ومصير واحد

تحذير جير بيدرسون، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، من خطر فشل المرحلة الانتقالية وتحوله إلى "تفكك كامل" يعكس قلقًا عميقًا لدى الأمم المتحدة من استمرار الجمود السياسي. بيدرسون شدد على أن الولاء للدولة لا يُفرض بالقوة، بل يُكسب عبر "دولة تمثل وتحمي الجميع".

من جانبه، اعتبر المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك، أن المسار الشمولي والتعاون مع "قسد" أمر محوري لأي استقرار دائم، داعيًا إلى حوار وطني يُنتج "دولة واحدة، حكومة واحدة، وجيشًا واحدًا".

السويداء على حافة الانفجار

على الأرض، تبقى السويداء مثالًا على هشاشة المشهد. قافلة مساعدات رابعة وصلت المحافظة المحاصرة، وسط اتهامات للفصائل الدرزية للحكومة بفرض حصار إنساني ونفي رسمي من دمشق.

اللجنة الدولية للصليب الأحمر دقت ناقوس الخطر، مؤكدة أن أكثر من 1200 شخص يقيمون في مراكز إيواء وسط نقص بالغ في الغذاء والدواء.

الوضع الإنساني المتدهور في السويداء يعيد إلى الواجهة قضية "الحوكمة المحلية"، ومدى قدرة دمشق على إقناع المكونات المحلية – لا سيما الأقليات – بأن التغيير في الشكل سيقابله تغيير في المضمون.

الحكومة المقبلة: حكومة كفاءات أم توازنات طائفية؟

في مداخلة مع برنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، أكد الباحث السياسي مؤيد غزلان قبلاوي أن " الحكومة السورية الحالية هي حكومة كفاءات بامتياز"، لكنه لم ينكر أن هناك نية لتعزيز التمثيل المنطقي والطائفي، شرط عدم المساس بالوزارات السيادية.

وبحسب غزلان، فإن الحكومة تضم وزراء من السويداء، وأكراد، ومسيحيين، ما يشير إلى محاولة واضحة لإرضاء المكونات، ولو ضمن حدود مدروسة، قائلاً: "إذا كان المزيد من التنوع يكفل الانسجام، فلا مانع طالما أن الوزارات السيادية متفق عليها مع الجميع".

اللامركزية: خوف من الانفصال أم خطوة نحو التكامل؟

من أبرز الملفات المطروحة على طاولة الحوار السوري – الكردي، هي مسألة اللامركزية، التي لا تزال تثير الجدل. غزلان رأى أن مفهوم اللامركزية "غامض" لدى " قسد"، محذرًا من أنها قد تؤدي إلى الانفصال كما حدث في ليبيا، اليمن، وكاتالونيا.

لكنه أقر في المقابل بإمكانية منح صلاحيات محلية محددة تحترم خصوصية الشعب الكردي، مشيرًا إلى ضرورة أن يتم كل ذلك ضمن "الخطاب الوطني"، وليس على أساس عرقي أو طائفي، محذرًا من أن "الطائفية السياسية ستكون معوّقة لأي مشروع وطني".

مظلوم عبدي: 3 ساعات من الحوار الحساس

أبرز ما استُعرض في البرنامج كان الحديث عن الاجتماع الأخير بين مظلوم عبدي، القائد العام لقوات "قسد"، والرئيس السوري أحمد الشرع.

اجتماع دام أكثر من 3 ساعات، تناول "قضايا حساسة جدًا تتعلق بخصوصية الشعب الكردي واندماجه في مؤسسات الدولة"، كما كشف قبلاوي.

يؤكد هذا اللقاء – بحسب غزلان – أن لغة الحوار والتفاوض بدأت تحل مكان لغة السلاح، مشددًا على أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه السعودية في المرحلة المقبلة، عبر دعمها الاقتصادي والسياسي للمسار الانتقالي.

المجتمع الدولي: شريك لا مفر منه

أشار قبلاوي إلى أن إرضاء السوريين لم يعد ممكنًا دون موافقة المجتمع الدولي، معتبرًا أن العلاقة باتت "ثنائية متلازمة".

الدول الغربية، بحسب رأيه، أصبحت طرفًا مباشرًا في المعادلة السورية، خصوصًا بعد تدخل فرنسا في المحادثات بين الشمال الشرقي ودمشق، والدور السعودي والإماراتي في دعم المسار الاقتصادي.

ما بعد اتفاق 10 مارس: هل تتحقق البنود؟

في إشارة إلى اتفاق 10 مارس، اعترف قبلاوي أن تنفيذه لم يحقق تقدما ملموسًا باستثناء وقف إطلاق النار، داعيًا إلى مزيد من الضغوط الدولية لتسريع العملية السياسية، واستعادة الجغرافيا والثروات إلى الدولة المركزية، في خطوة أولى نحو إعادة بناء التوازن الداخلي.

ختم قبلاوي مداخلته بتشديده على أن "لا دولة في التاريخ حققت التوافق والاندماج الوطني في أشهر". في رأيه، حتى ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية احتاجت 15 عامًا، وإسبانيا ما بعد فرانكو احتاجت عقدًا ونصف من التوافقات.

وبالتالي، يرى أن أي نجاح سوري قادم يتطلب مسارًا طويلًا، يمر بالمخاض السياسي، والتجربة والخطأ، والحوار مع المكونات، ومع المجتمع الدولي.

المرحلة الانتقالية في سوريا معلّقة بين احتمالات واعدة بالتغيير، ومخاوف حقيقية من إعادة إنتاج الأزمة. يبقى مستقبل الحكومة السورية المقبلة، وقدرتها على تمثيل الطيف الوطني بكل مكوناته، رهينة ما إذا كانت التغييرات شكلية أم جوهرية، وما إذا كان الحوار سيتحول إلى اتفاق دائم، لا مجرد رسائل تطمينية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا