آخر الأخبار

الجوع والقصف ينهيان حياة نصف نزلاء مركز المسنين الوحيد بغزة

شارك

غزة- تترك سياسة التجويع التي بلغت ذروتها في قطاع غزة ، آثارها على المسنين المرضى الذين التصقت جلودهم بعظامهم من شدة سوء التغذية؛ وقد اجتمعت عليهم مع الأمراض المزمنة التي يعانون منها.

ولم يجد الحكيم معتز مناصرة، المشرف على المسنين المقيمين داخل "مركز الوفاء" المخصص لرعايتهم بغزة، خيارا سوى تقنين ما تبقى من وجبات طعام لعلها تكفي هذه الفئة الهشة لعدة أيام أخرى.

ويخشى المشرفون على متابعة الحالة الصحية للمسنين من فقدان حياة المزيد منهم بعدما فقدوا أكثر من نصفهم خلال أشهر الحرب الطويلة على غزة جراء الجوع والقصف والخوف.

مصدر الصورة المسنة منور تشتكي قلة الطعام بسبب المجاعة (الجزيرة)

تقنين الطعام

تبدو الحسرة والحيرة على الحكيم مناصرة الذي يراقب تراجع الحالة الصحية للمسنين دون أن يتمكن من تغيير الواقع المؤلم الذي يعيشونه.

ويقول للجزيرة نت، أثناء انشغاله في متابعة المسنين المرضى: "منذ مطلع مارس/آذار الماضي ونحن نفقد المزيد من أصناف الطعام المقدمة للمسنين، ورغم أنهم يحتاجون إلى رعاية خاصة، إلا أن طعامهم يقتصر الآن على المواد التي تحتوي على الكربوهيدرات فقط من أرز وعدس وشوربات، حتى وصل الأمر ببعض المسنين برفض تناولها بسبب تكرارها".

ومع ذلك اضطر الطاقم الطبي المشرف على المسنين لتقنين كمية الوجبات، وخصصوا لكل مسن رغيفي خبز فقط طوال اليوم بعدما كان يتناول 4 أرغفة خلال فترة ما قبل التجويع، بحسب الحكيم مناصرة.

مصدر الصورة تدهور الحالة الصحية للمسنين نتيجة سوء التغذية (الجزيرة)

كما لجأ القائمون على رعاية المسنين إلى اختصار كمية الوجبات والاكتفاء بتقديم شوربة العدس في وجبة الغذاء نظرا لعدم توفر الدقيق، في محاولة منهم لتجنب الوصول إلى مرحلة ينفد فيها الطعام المتاح لديهم بشكل كامل.

وأوضح الحكيم مناصرة أن إغلاق المعابر لم يتوقف على معاناة المسنين من التجويع، وإنما طال مستلزمات النظافة الشخصية الخاصة بهم، حيث يصعب على إدارة المركز توفير الصابون والمحارم وشفرات الحلاقة والحفاضات الصحية الخاصة بالمسنين.

إعلان

وانعكس شح المستلزمات الصحية التي تمنع قوات الاحتلال إدخالها إلى قطاع غزة على نظافة المسنين المرضى، حيث اضطر طاقم الخدمات إلى خفض عدد مرات تغيير الحفاضات الصحية لهم إلى النصف، رغم ما يترتب عليه من آثار صحية.

وحذر مناصرة من استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والدواء والمستلزمات الخاصة بالمسنين، لأن ذلك سيزيد من تدهور الحالة الصحية للمسنين المتردية أساسا.

مصدر الصورة المسنة مسرات اجتمع عليها الحرب والجوع والمرض (الجزيرة)

الخطر يهدد حياتهم

ويقضي طاقم التمريض أوقاتا طويلة لإقناع المسنين بتناول الطعام المكرر، والذي يرفضه معظمهم ويطالبون بتنوعه كما كان في السابق.

ويقول غسان حرارة مشرف خدمات المسنين للجزيرة نت، إن أعمار المسنين المقيمين داخل "مركز الوفاء" وأوضاعهم الصحية تجعل من الصعب عليهم إدراك ما يدور حولهم من ظروف التجويع، وغالبا ما يرفضون تناول الطعام، ويلحّون علينا في كل الأوقات بتوفير خضراوات ولحوم وفواكه ومشتقات الألبان التي اعتادوا عليها سابقا، مما يزيد من الأعباء الملقاة على عواتقنا.

واشتكت المسنة مسرّات التي تمكث في مركز الوفاء منذ سنوات من إمساك شديد نظرا لعدم تناولها الفواكه والخضراوات، واقتصار طعامها على البقوليات، وهو ما كررته المسنة منور في حديثهما للجزيرة نت، وقالت " بدنا خبز، زهقنا كل يوم نفس الأكل".

ويشرح أخصائي التغذية العلاجية في مركز الوفاء محمد الشكري، أن هناك هرما غذائيا قاعدته تتكون من الكربوهيدرات التي تشمل النشويات والسكريات، ومن ثم البروتينات ويستكمل بالدهون وكلها مهمة لصحة الإنسان.

مصدر الصورة محمد الشكري أخصائي التغذية العلاجية (الجزيرة)

وقال الشكري في حديث للجزيرة نت "الآن لا يتوفر داخل المركز إلا النشويات فقط، ونفتقر لباقي مكونات الهرم الغذائي، وهذا ينعكس بشكل خطير جدا على صحة المسنين الذين يعانون من أمراض متعددة، ويؤدي إلى ضعف في العضلات، وبالتالي عدم مقدرتهم على الحركة شيئا فشيئا".

وأوضح أنه في أوقات سابقة كانوا يعوضون نقص الغذاء بالمكملات الغذائية لكنها لم تعد موجودة، وكذلك نفد الطعام لدى الهيئات الخيرية التي كانت توفر وجبات للمسنين.

وحذّر أخصائي التغذية العلاجية من الوصول لمرحلة انعدام الأمن الغذائي بشكل كامل حال استمرت المجاعة، وحينها سيصل المسنون إلى المرحلة الخامسة من سوء التغذية، التي يمكن أن تؤدي لوفاتهم.

مصدر الصورة الدكتور فؤاد نجم مدير مركز الوفاء: فقدنا نصف المسنين المقيمين منذ بداية الحرب (الجزيرة)

فقدوا حياتهم

ويعد مركز الوفاء لرعاية المسنين الوحيد في قطاع غزة الذي يقدم الرعاية الشاملة والمبيت للمسنين الذين لا يوجد لديهم أبناء ذكور أو أقارب من الدرجة الأولى، وذلك منذ العام 1981.

وفي هذا السياق يقول مدير المركز الدكتور فؤاد نجم "مع انطلاق الحرب على غزة كان المركز يقدم الرعاية لثلاثة وأربعين مسنا، لكننا فقدنا ثلاثة وعشرين منهم خلال الفترات الماضية بسبب المجاعة والخوف والقصف".

وبحسب نجم فإن المقر الرئيس للمركز الذي كان يقع في مدينة الزهراء وسط قطاع غزة تعرض للقصف المباشر في الشهر الأول للحرب، مما اضطرهم لنقل المسنين بصعوبة إلى مقر مؤقت داخل مستشفى يافا بمدينة دير البلح ، قبل أن يعودوا بهم إلى مقر آخر في مدينة غزة.

إعلان

وأكد نجم في حديثه للجزيرة نت أن المسنين الذين يرعاهم "مركز الوفاء" يعيشون في ظروف استثنائية لفقدانهم الأهل والمعيل، وتعرضوا لنوبات من الخوف والهلع والبكاء بسبب شدة القصف، وعدد منهم أصيب بشكل مباشر.

وأشار إلى أن الظروف القاهرة التي اجتمعت على المسنين تسببت بفقدان أكثر من نصفهم، محذرا من موت المزيد منهم إن بقيت الأوضاع المعيشية على حالها في قطاع غزة.

ومن الجدير ذكره أن 620 فلسطينيا تُوفوا نتيجة نقص الغذاء والدواء في القطاع، وفقا لآخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة بغزة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

الأكثر تداولا اسرائيل سوريا أمريكا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا