آخر الأخبار

كيف يحتجز الاحتلال جثامين الشهداء كورقة مساومة سياسية؟ خبير يجيب الجزيرة نت

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أعدم جنود الاحتلال الإسرائيلي أواخر شهر مارس/آذار المنصرم المقدسي محمد أبو حماد، من بلدة العيزرية شرقي القدس المحتلة، واحتجزوا جثمانه، ليعيد ذلك إلى الذاكرة ملف احتجاز جثامين الشهداء الفلسطينيين في مقابر الأرقام وثلاجات الموتى.

على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة تضمّن الفصل الحادي عشر من اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 أغسطس/آب من عام 1949، مادتين تتعلقان بمسألة احتجاز الجثامين خلال الحروب.

وتنص المادة (130) على أنه "على السلطات الحاجزة أن تتحقق من أن المعتقلين الذين يتوفون أثناء الاعتقال يدفنون باحترام، وإذا أمكن طبقا لشعائر دينهم، وأن تحترم مقابرهم وتصان بشكل مناسب، وتميز بطريقة تمكن من الاستدلال عليها دائما".

وفي المادة ذاتها تؤكد الاتفاقية على أن يدفن المتوفون في مقابر فردية، إلا إذا اقتضت ظروف قهرية استخدام مقابر جماعية، وبمجرد أن تسمح الظروف، وبحد أقصى لدى انتهاء الأعمال العدائية، تقدم الدولة الحاجزة قوائم تبين المقابر التي دفنوا فيها، وتوضح هذه القوائم جميع التفاصيل اللازمة للتحقق من هوية المعتقلين المتوفين ومواقع المقابر بدقة.

لكن الاحتلال الإسرائيلي لا يُعير هذه الاتفاقية الدولية ولا غيرها أي اهتمام، ويحتجز منذ نشأة كيانه جثامين الشهداء الفلسطينيين إما في مقابر الأرقام أو الثلاجات.

مصدر الصورة مقبرة الشهداء في مخيم جنين تضم قبورا حفرتها عائلات الشهداء المحتجزة جثامينهم لأبنائهم (الجزيرة)

وفي حوار خاص أجرته الجزيرة نت مع منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء حسين شجاعية، قال إن الاحتلال يتبع هذه السياسة لاستخدام الجثامين كورقة ضغط ومساومة في أي صفقة تبادل من جهة، وللتحكم في الفلسطينيّ حتى بعد موته من جهة أخرى.

إعلان

وتاليا نص الحوار كاملا:


*

بداية متى تأسست الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، وما الأسباب التي دفعت لتأسيسها؟

تأسست عام 2008 بسبب الحاجة الماسة لوجود جسم يعمل في مجال استرداد الجثامين المحتجزة بشكل مؤسسيّ، لأن ذلك كان مفقودا قبل انطلاق الحملة.

انطلقت الحملة بجهود عائلات الشهداء المحتجزين وبمتابعة من مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، ومن خلاله بدأ العمل بتوثيق جثامين الشهداء والعمل القانوني لاستردادها.


*

ماذا يعني احتجاز جثامين الشهداء من نظرة إنسانية وحقوقية، وأين يكمن الانتهاك في هذه السياسة؟

كافة القرارات والاتفاقيات الدولية بما فيها اتفاقية جنيف تُحرّم وتُجرّم احتجاز جثامين الشهداء، والأديان السماوية تضمن للمتوفى ظروف دفن تحترم الإنسان، وكل ذلك يمنح العائلة الحق في تشييع ودفن الشهيد، وبالتالي فإن الاحتلال ينتهك الأعراف والمواثيق الدولية ومبادئ الديانات السماوية بهذا الخصوص.

ويكمن الانتهاك أيضا في حرمان العائلة من حقها في الدفن والعزاء والحزن على فقيدها، وهذ خرق لحقوق الإنسان الأساسية.


*

من يقرر احتجاز الجثامين في الضفة الغربية والقدس، وما آلية ذلك؟

يعود قرار احتجاز جثمان الشهيد لقائد المنطقة، وهو ضابط يستند على قرارات الكابينت الإسرائيلي (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية)، كما يعتمد الاحتلال على قانون الطوارئ البريطاني الذي كان يخول القائد العسكري احتجاز جثامين الشهداء أو فرض شروط على شكل الجنازة وإتمام مراسيمها.


*

أين تُحتجز جثامين الشهداء الفلسطينيين؟

الاحتجاز إما أن يكون في الثلاجات التابعة لمعهد "أبو كبير للطب الشرعي" الواقع في مدينة يافا والتابع لكلية الطب في جامعة تل أبيب، وإما في مقابر الأرقام.

وحسب متابعتنا فإن الحديث يدور عن 6 مقابر معروفة ومعلومة لدينا في كل من عسقلان ، و بئر السبع ، ومنطقة وادي الحمام شمال مدينة طبريا ، بالإضافة لمقبرة في "جسر دامية" قرب الجفتلك شمال مدينة أريحا.

إعلان

وتوجد مقبرة أخرى في منطقة "جسر بنات يعقوب" جنوب شرق سهل الحولة، وأخرى قرب منطقة "عميعاد" العسكرية الحدودية بين سوريا وفلسطين.


*

ما الأسباب التي يدّعي الاحتلال أنه يحتجز الجثامين لأجلها؟

بردود رسمية من المحكمة الإسرائيلية العليا فإن الهدف من الاحتجاز هو استخدام جثامين الشهداء كأوراق ضغط ومساومة على الفلسطينيين في أي صفقة تبادل قادمة، وهذا الادعاء يتحدثون عنه منذ سنوات طويلة وقبل اندلاع الحرب الأخيرة على غزة.

ومن الأسباب الأخرى التي يمكن أن نتحدث عنها كحملة تعمل في هذا الإطار، فإن هناك محاولة لردع الفلسطينيين عن مواجهة الاحتلال من جهة، ورغبة في التحكم بالفلسطيني حتى بعد الموت من جهة أخرى.

في حياة الفلسطيني يتحكمون به من خلال الحواجز العسكرية والمستوطنات و جدار الفصل العنصري والاعتقال، وبعد الوفاة باحتجاز جثمان الشهيد وحرمان الأهل من الوداع والدفن، هي محاولة للتحكم فينا أحياء وأمواتا وفي كل الأوقات.


*

كم عدد الجثامين المحتجزة من المناطق الفلسطينية بشكل عام، ومن القدس بشكل خاص؟

عدد الجثامين الموثقة لدينا كحملة وهذا ما تمكنا من توثيقه وقد يكون العدد أكبر بكثير، فإننا نتحدث عن 684 جثمانا محتجزا حتى تسجيل هذا الحوار، ومن بينها 428 جثمانا منذ عودة سياسة الاحتجاز عام 2015، ومن بين الجثامين 256 شهيدا في مقابر الأرقام.

بخصوص القدس نتحدث عن 47 شهيدا يتوزعون بين مقابر الأرقام وثلاجات الاحتلال، 41 منهم منذ عام 2015 و6 من شهداء القدس محتجزون في مقابر الأرقام.



إعلان

*

لمن يعود أقدم وأحدث جثمان مقدسي محتجز، ولمن يعود أصغر وأكبر جثمان محتجز من ناحية السن؟

يعود أقدم جثمان للشهيد المقدسي جاسر شتات الذي قُتل عام 1968، وتحتجز سلطات الاحتلال جثمانه في مقابر الأرقام، أما أحدث جثمان فيعود للشهيد محمد أبو حماد الذي ينحدر من بلدة العيزرية شرقي القدس، وأُعدم في 25 مارس/آذار المنصرم.

أصغر جثمان محتجز في مقابر الأرقام يعود للطفل حسن الشرباتي من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية ويبلغ من العمر 13 عاما، ومن القدس تعود أصغر الجثامين للطفلين خالد الزعانين من بلدة بيت حنينا شمالي القدس، ووديع عليان من بلدة جبل المكبر جنوبيها، ويبلغ كلاهما من العمر 14 عاما.


*

هل طالبتم وتطالبون بمعاينة الجثامين المحتجزة أو زيارتها؟

سبق أن طالبنا بمعاينة الجثامين وزيارتها لكن الاحتلال يرفض ذلك، وآخر معاينة لجثمان محتجز كانت عام 2017، وبعدها لم يسمح لأي عائلة بمعاينة جثة ابنها.

وهذه النقطة بالتحديد خلقت شكا كبيرا لدى العائلات الفلسطينية، فبعضها لم يتأكد إذا كان نجلها قد استشهد أم لا، لأنها لم ترَ جثمانه ولا تفاصيل ما حدث معه عن طريق الصور ومقاطع الفيديو التي تُنشر أحيانا.




*

ما الإجراءات القانونية التي تخوضها الحملة والمؤسسات المعنية لاستعادة الجثامين وما مدى تأثيرها؟

الإجراءات القانونية التي تخوضها الحملة كثيرة، ففي البداية لدينا مراسلات مع الجيش والشرطة وقائدي المناطق للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء، وإذا لم تفض هذه الإجراءات لأي نتيجة نتوجه للمحكمة الإسرائيلية العليا، ولكن في السنوات الأخيرة كان هناك الكثير من القرارات التي تعوق عمل المحامين والمؤسسات المعنية لاستعادة الجثامين، وهذا أثّر بشكل كبير وقلّل من عدد الجثامين التي يمكن تحريرها بالسبل القانونية.

إعلان

هناك بعض الإنجازات، ولكن يحاول الاحتلال قدر الإمكان وضع العراقيل أمام الجهود القانونية للإفراج عن جثامين الشهداء، وكان آخرها احتجاز جثامين لشهداء ينحدرون من مناطق الداخل المحتل ويحملون الجنسية الإسرائيلية، وأبرزهم الأسير الشهيد وليد دقة، الذي كان قرار احتجازه وغيره قد صدر عن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير.

يعوق الاحتلال قدر الإمكان عمل المؤسسات في مجال استعادة جثامين الشهداء الآن، وفي السابق نجحنا في استرجاع أكثر من 121 جثمانا من مقابر الأرقام والثلاجات، لكن في السنوات الأخيرة بات الأمر صعبا في ظل القرارات والإجراءات القانونية الصعبة.


*

المحكمة الإسرائيلية العليا نظرت في قضايا الجثامين المحتجزة، لكن أين وصل المسار القانوني وهل هو في حالة تعثر أم جمود؟

المحكمة الإسرائيلية العليا نظرت في ملفات احتجاز الجثامين، وأحيانا كانت تجيز ذلك بناء على قرارات الكابينت الإسرائيلي، واليوم نحن في حالة جمود كبيرة جدا في ملف احتجاز الجثامين، ولا يوجد عمل قانوني يمكن أن يؤثر في هذه القضية بسبب القرارات والمحاكم الإسرائيلية المتواطئة؛ إذ أحد أذرع الاحتلال، وبالتالي هي متورطة في احتجاز جثامين الشهداء.

بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تعقدت الأمور بشكل كبير على كافة الأصعدة ومنها ملف الجثامين المحتجزة، كما ارتفع عدد من احتُجزوا بشكل غير مسبوق في عام 2024، فمنذ مطلعه وحتى اليوم احتجزت سلطات الاحتلال 192 شهيدا.

ووثقنا أيضا ارتفاعا في الاعتداءات على الجثامين والتنكيل بها، سواء خلال نقلها من موقع الاستشهاد إلى مكان الاحتجاز كما حصل في قباطية جنوب غرب جنين عندما ألقى الاحتلال بجثامين الشهداء من طوابق عليا، أو تعمد قوات الاحتلال ترك الجثامين بجوار الحواجز العسكرية وعلى جنبات الطرقات، وفي بعض الأحيان تعمد دهسها بالجرافات والآليات الإسرائيلية، وهذا جزء مما تم توثيقه.

إعلان

بعد اندلاع الحرب وثقنا احتجاز جثامين 280 شهيدا فلسطينيا، ومن بينهم غزيون تم الإعلان عن استشهادهم في السجون، وحسب بعض المصادر الإسرائيلية فالحديث يدور عن احتجاز أكثر من 1500 شهيد غزّي بمعسكر "سديه تيمان".

ووثقت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء أيضا إعادة 516 جثمانا إلى غزّة خلال الحرب، وتم تسليم هؤلاء تحت صفة "مجهول الهوية" ودُفنوا في مقابر جماعية وما زالوا يصنفون في قائمة المفقودين بسبب انعدام إمكانية إجراء الفحوصات اللازمة للتعرف على هويتهم.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا