كوالالمبور- ربما تكون عبارة "ماذا بعد وقف إطلاق النار؟" الأكثر تداولا على لسان قادة المنظمات والأحزاب والمؤسسات الماليزية المناصرة للقضية الفلسطينية.
وقد اختصر محمد جمال الدين بن شمس الدين، مسؤول التنسيق في ائتلاف المنظمات الإسلامية، الإجابة بقوله إن "ما ينتظره الشعب الفلسطيني هو التحرير، وإن نجاح الشعوب الحرة في دعم الشعب الفلسطيني يقاس بمدى الاقتراب من تحقيق هدف التحرير والاستقلال".
وأضاف ا بن شمس الدين، في تصريح للجزيرة نت، أن المساعدات الإنسانية وتضميد الجراح بعد حرب إبادة استمرت 471 يوما لن تمنع الاحتلال من العودة لارتكاب الجرائم سواء في غزة أو في مكان آخر من فلسطين، لا سيما أن عمليات قوات الاحتلال تكثفت في الضفة الغربية بعد الإعلان عن وقف إطلاق مباشرة في غزة.
جاء حديث الناشط الماليزي للجزيرة نت في أعقاب مؤتمر شارك فيه عشرات القادة لمؤسسات المجتمع المدني الماليزي، خُصص لمناقشة الدور الماليزي بعد إعلان وقف إطلاق النار.
وفي بيان ألقاه البروفيسور حفيظي محمد نور مستشار مؤسسة "ماي كير" ورئيسها السابق، وهي أكبر منظمة خيرية مستقلة في ماليزيا، أعربت الشخصيات والمنظمات المشاركة في المؤتمر عن أملها في أن يُلزم المجتمع الدولي الاحتلال ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، والحيلولة دون وضعه عوائق لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني ورفع الحصار عن قطاع غزة نهائيا.
وثمنت عشرات المنظمات المشاركة في المؤتمر الجهود التي بذلتها الحكومة والمنظمات الماليزية، التي سارعت لنجدة الشعب الفلسطيني إنسانيا في أثناء حرب الإبادة، وأشادت بموقف رئيس الوزراء أنور إبراهيم بإصراره على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء الاحتلال.
وطالب البيان المجتمع الدولي بمجموعة من إجراءات، قال إنها تضمن عدم عودة الاحتلال لمواصلة ارتكاب ما وُصفت بأكبر جريمة إبادة في تاريخ الإنسانية، والتأسيس لسلام دائم في الشرق الأوسط، ومن هذه الإجراءات:
من ناحيتها، دانت مفوضية حقوق الإنسان المستقلة في ماليزيا تصريحات مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي اعتبرت فلسطين "حقا توراتيا" لليهود. وقالت المفوضية، في بيان، إن تصريحات إليس ستيفياك أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس تهدد بتدمير الميثاق العالمي لحقوق الإنسان.
وستيفياك هي المرشحة لمنصب مندوب أميركا الدائم لدى الأمم المتحدة.
ورفضت مفوضية حقوق الإنسان ربط مبادئ حقوق الإنسان العالمية بدين معين، وقالت إن جميع مواثيق حقوق الإنسان العالمية تؤكد أن حقوق الإنسان واحدة عابرة للجغرافيا بغض النظر عن الدين والمعتقد.
وأعربت المفوضية -المعروفة اختصارا باسم "سوهاكام"- عن قلقها الشديد من مواصلة قوات الاحتلال قتل المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وطالبت المجتمع الدولي بمعالجة جذور الصراع الكامنة في الاحتلال والتمييز العنصري، وقالت إن أي حل للقضية يستثني حق تقرير المصير والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان مصيره الفشل واستمرار عدم الاستقرار في المنطقة والعالم.
من ناحيتها، تعهدت حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس) بمواصلة الضغط على الهيئات الحكومية والخاصة من أجل إجبارها على وقف التعامل مع الشركات التي تمد الاحتلال بالسلاح والمال والتكنولوجيا.
وتجمع عشرات النشطاء أمام ناطحة سحاب تضم مكاتب شركة "سيام دربي" وهيئة الاستثمارات الماليزية، للمطالبة بوقف التعامل مع شركة "كتر بيلار" الأميركية المصنعة للجرافة "دي 9" (D9)، التي يعتمد عليها الاحتلال في تدمير منازل الفلسطينيين، وإقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المصادرة.
وقال الناشط في حركة بي دي إس هشام الدين رئيس إن الحراك لن يتوقف في ماليزيا ما لم تتوقف الشركات الحكومية والخاصة عن التعامل مع الشركات التي تزود إسرائيل بالمعدات المستعملة في ارتكاب جرائم الإبادة.
أما البروفيسور أول الدين شهرول، أستاذ هندسة الميكانيك في جامعة التكنولوجيا الماليزية "يو تي إم" ورئيس مركز التميز لفلسطين في كوالالمبور، فقال إن جرافات "كاتر بيلار" أصبحت أهم الأدوات التي يستعملها الاحتلال في مشروعه لضم الضفة الغربية.
وأضاف أن تورط شركة كاتر بيلار في جرائم الاحتلال بدأ مع النكبة عام 1948، وظهر بجلاء في حرب الإبادة في غزة، وأن الماليزيين الذين يدعمون حق إقامة الدولة الفلسطينية سوف يواصلون ضغطهم على الشركات التي تناقض هذا الهدف.
وأجمع ممثلو المنظمات الماليزية الذين شاركوا في وقفة احتجاجية بعد ظهر الجمعة على رفض تلطيخ أيديهم بدم الفلسطينيين من خلال التعامل مع الشركات التي تساند الاحتلال وجرائمه.
وعن مبررات الحكومة في عدم الاستجابة لمطالب مقاطعة الشركات العالمية الداعمة للاحتلال، قال محمد نظري إسماعيل رئيس حركة مقاطعة إسرائيل للجزيرة نت، إن هذه الشركات تتذرع بالعوامل الاقتصادية، وتتخوف من ردود فعل اقتصادية وسياسية غربية على إجراءات عملية مثل مقاطعة الشركات الأميركية.
وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن لدى الحكومة الماليزية كثيرا من البدائل، مثل الجرافات الصينية واليابانية والأوروبية التي قد تتفوق على مثيلاتها الأميركية، ولكنها تقول إن هذا قد يتسبب لها بتراجع الأرباح. ويرد المتحدث نفسه على زعم حكومة بلده بالقول "لا يمكن التضحية بأرواح الفلسطينيين مقابل الأرباح المادية".
في حين حذر تيان تشواه رئيس سكرتارية التضامن مع فلسطين من استمرار السماح للشركات الماليزية الكبرى في المساهمة بأرباح شركات متورطة "أيديها ملوثة بدم الفلسطينيين، بينما تدعي ماليزيا أنها مناصرة للحق الفلسطيني وتدين جرائم الاحتلال".