آخر الأخبار

لماذا قفزت الفضة أكثر من الذهب وأين تتجه في 2026؟

شارك

في الوقت الذي اعتاد فيه المستثمرون النظر إلى الذهب كملاذ أول، خرجت الفضة من الظل لتخطف الأضواء بقوة. هذا المعدن الذي يُلقب غالبا بـ"معدن الشيطان" بسبب تقلباته الحادة، سجل في 2025 قفزات تاريخية أربكت الأسواق وأعادت رسم خريطة المعادن النفيسة، مدفوعا بمزيج نادر من نقص الإمدادات واندفاع الطلب الاستثماري والصناعي.

في 12 ديسمبر/كانون الأول 2025، لامس سعر الفضة مستوى قياسيا عند 64.64 دولارا للأونصة، واستمرت مسيرة الصعود ليرتفع إلى أكثر من 72 دولارا للأونصة وقت كتابة هذه السطور (24 ديسمبر/كانون الأول 2025) مسجلا أعلى مستوى له خلال العام ليكسب 147% منذ بداية العام، وفقا لوكالة رويترز.

اقرأ أيضا

list of 4 items
* list 1 of 4 الفضة عند أعلى مستوى على الإطلاق.. ما السبب؟
* list 2 of 4 4 أسباب تفسر ارتفاع الفضة في 2025
* list 3 of 4 بسبب الصين سوق الفضة العالمي تواجه خطرا جديدا
* list 4 of 4 توقعات بارتفاع الفضة مع تباطؤ الذهب end of list

ورغم أن الذهب لمع بقوة بعدما ارتفع بأكثر من 70% منذ مطلع 2025، مدفوعا بالتوترات الجيوسياسية، وتخفيضات أسعار الفائدة الأميركية، وعمليات الشراء القوية من قبل البنوك المركزية، والطلب الاستثماري القوي، فإن بريقه بدا أقل وهجا مقارنة بما حققته الفضة من صعود استثنائي، وفقا لرويترز.

تعكس هذه الأرقام تحولا لافتا في شهية المستثمرين، وتطرح أسئلة أعمق حول طبيعة هذا الصعود وحدوده، ومن أهمها:


* ما الأسباب التي تقف خلف هذا الأداء المذهل للفضة؟
* وهل ما نشهده مجرد موجة مؤقتة أم بداية عصر جديد للمعدن الأبيض؟
* والسؤال الأهم: إلى أي مستوى قد تصل أسعار الفضة في عام 2026؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا التقرير…

ما أسباب الأداء المذهل للفضة؟

كان شهر ديسمبر/كانون الأول هو المرة الثالثة فقط خلال الـ50 عاما الماضية التي بلغت فيها أسعار الفضة ذروتها. ومن بين أعلى مستويات أسعار الفضة الأخرى كانت في يناير/كانون الثاني 1980، عندما جمع الأخوان هانت ثلث المعروض العالمي في محاولتهما احتكار السوق، وكذلك عام 2011، في أعقاب أزمة سقف الدَّين الأميركي عندما تم اللجوء إلى الفضة والذهب كملاذ آمن وفقا لشبكة "سي إن بي سي".

وعلى عكس موجات الاستثمار السابقة، اعتمد ازدهار الفضة في عام 2025 على مزيج من العرض المنخفض والطلب المرتفع بالإضافة إلى الاحتياجات الصناعية ومعركة التعريفات الجمركية والتوترات الجيوسياسية في العالم.

مصدر الصورة ارتفاع الطلب على الفضة لاستخدامها في صناعة السيارات الكهربائية (رويترز)

6 أسباب رئيسية

يمكن إجمال أسباب ارتفاع أسعار الفضة في عام 2025 إلى 6 أسباب رئيسية وفقا لعدد من المنصات الاقتصادية المتخصصة.

إعلان

1- نقص الإمدادات العالمية واستمرار العجز في المعروض

تعاني سوق الفضة من عجزٍ هيكلي مستمر منذ سنوات، نتيجة الطلب القوي من القطاعات الصناعية والاستثمارية مقابل محدودية القدرة على زيادة الإنتاج.

وتؤكد سوكي كوبر، المحللة في بنك ستاندرد تشارترد، أن السوق "تعاني من نقص في المعروض على مدى السنوات الخمس الماضية، مع استمرار الاضطرابات في المخزونات الإقليمية"، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز ، ما يعكس عمق الاختلال بين العرض والطلب.

2- زيادة الطلب الصناعي المرتبط بالتقنيات الحديثة

رغم الاستخدامات التقليدية للفضة في صناعة المجوهرات والعملات، فإن الطلب الصناعي بات المحرك الرئيسي لنمو استهلاكها وارتفاع أسعارها، ولا سيما في قطاعات الإلكترونيات والألواح الشمسية.

وزاد هذا التحول من الضغوط على السوق، خاصة أن الفضة تُنتج في الغالب كمنتج ثانوي لمعادن أخرى، ما يحد من قدرة شركات التعدين على الاستجابة السريعة لارتفاع الطلب، ويُبقي المعروض تحت ضغط مستمر، وفقا للمصدر السابق.

وفي السياق ذاته، أصبحت الفضة عنصرا أساسيا في بناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وصناعة السيارات الكهربائية، وهما قطاعان شهدا نموا متسارعا خلال العام الماضي، ما عزز الطلب على المعدن الأبيض ودفع أسعاره إلى مستويات أعلى وفقا لمنصة "بارونز" .

3- ميل المستثمرين نحو الملاذات الآمنة بسبب الظروف الاقتصادية

أدى خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفدرالي الأميركي، إلى جانب حالة عدم الاستقرار الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية ، ومؤخرا أزمة النفط الفنزويلية، إلى دفع المستثمرين نحو الفضة باعتبارها وسيلة فعالة للتحوط ضد التضخم وضعف الدولار، وفقا لمنصة "بارونز" .

4- تدفقات استثمارية قوية لمنتجات الفضة المتداولة في البورصة

مع ارتفاع الأسعار، سجلت المنتجات المتداولة في البورصة المدعومة بالفضة تدفقا كبيرا، حيث استقطبت أكثر من 187 مليون أونصة هذا العام، بزيادة قدرها 18% عن مستويات عام 2024 ما ساهم في تكثيف الزخم الصعودي وفقا لمنصة "غولد إنفست" .

وقالت كوبر إن تدفقات منتجات الفضة المتداولة في البورصة تجاوزت 4 آلاف طن.

وقال محللو شركة ميتسوبيشي "إن الزخم والأساسيات تدعم المزيد من المكاسب، على الرغم من أن التمركز المفرط وانخفاض السيولة في نهاية العام قد يتسببان في حدوث تقلبات" وفقا لمنصة "انفستينغ".

مصدر الصورة طلب كبير على الفضة في أسواق الهند (رويترز)
* 5- الطلب القوي في الأسواق المحلية الكبرى مثل الهند

تُعد الهند أكبر مستهلك للفضة في العالم، حيث يتم استخدام حوالي 4 آلاف طن متري سنويا، معظمها للمجوهرات والأواني والحلي. وقد وصل الطلب على الفضة في الهند إلى ذروته في فصل الخريف خاصة مع انتهاء موسم الرياح الموسمية وموسم الحصاد.

كما تزامنت جاذبية الفضة هذا الخريف مع "مهرجان الأنوار" الذي يستمر 5 أيام ويحتفل بالازدهار والحظ السعيد، وهو أيضا أكبر عطلة رسمية في الهند وفقا لشبكة "سي إن بي سي".

6- إدراج الفضة في قائمة المعادن الحيوية الحرجة في الولايات المتحدة

أعدت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية قائمة جديدة للمعادن الحيوية الحرجة عام 2025 باستخدام أساليب مُحدثة لتقييم كيفية تأثير اضطرابات إمدادات المعادن على الاقتصاد الأميركي والأمن القومي.

وأضافت القائمة النهائية 10 معادن جديدة، من بينها الفضة، إضافة إلى البورون، والنحاس، والرصاص، وفحم الكوك، والفوسفات، والبوتاس، والرينيوم، والسيليكون، واليورانيوم.

إعلان

وفي الأشهر الأخيرة، تراكمت كميات هائلة من الفضة في الولايات المتحدة ، نتيجة للمخاوف من فرض تعريفات جمركية أميركية محتملة على الفضة، مما فاقم النقص الحاصل في أماكن أخرى وزاد من ارتفاع الأسعار، وفقا لصحيفة فايننشال تايمز.

مصدر الصورة الإقبال على الذهب والفضة كمخزن للقيمة يتزايد في أوقات الأزمات (رويترز)

موجة مؤقتة أم بداية عصر جديد؟

هذا السؤال بات يشغل بال عدد متزايد من الخبراء والمستثمرين حول العالم، في وقت تقف فيه الفضة عند نقطة تلاقي نادرة بين المال والصناعة.

فمن جهة، تُعد الفضة مخزنا موثوقا للقيمة يلجأ إليه المستثمرون في أوقات الاضطراب، ومن جهة أخرى أصبحت عنصرا أساسيا لا غنى عنه في العديد من التقنيات الحديثة، مما يمنحها دورا مزدوجا يميزها عن باقي المعادن، وفقا لمنصة شركة "إكس إس" .

وأسهمت التوترات الجيوسياسية، وارتفاع معدلات التضخم، إلى جانب التوجه العالمي المتسارع نحو الطاقة النظيفة والتقنيات الخضراء، في تسليط الضوء بقوة على الفضة.

ولم يعد ارتفاع أسعارها يُفسر على أنه موجة مضاربة عابرة، بل بات يعكس قصة أعمق تقوم على طلب طويل الأجل ومتنامٍ مقابل عرض محدود يصعب زيادته بسرعة، وهو ما يفتح الباب أمام الحديث عن مرحلة جديدة قد يعيشها المعدن الأبيض في السنوات المقبلة.

وأشار تقرير نُشر قبل أيام من قبل مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" و"معهد الفضة"، إلى أن "الفضة مهيأة للعب دور محوري كمعدن من الجيل المقبل في مختلف الصناعات الحيوية والانتقال للطاقة النظيفة والتحول الرقمي خلال العقد المقبل".

وأكد بيان صحفي صادر عن معهد الفضة على "ازدياد أهمية خصائص التوصيل الكهربائي والحراري الفائقة للفضة في التحول التكنولوجي الذي يقود الاقتصاد العالمي".

ونتيجة لذلك، من المتوقع أن ينمو الطلب الصناعي العالمي على الفضة بشكل أكبر مع تسارع الطلب من قطاعات التكنولوجيا الحيوية خلال السنوات الخمس المقبلة.

وستساهم قطاعات مثل الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والسيارات الكهربائية وبنيتها التحتية، ومراكز البيانات والذكاء الاصطناعي في زيادة الطلب الصناعي حتى عام 2030.

أسعار الفضة في 2026؟

في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في العالم، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ، وتنامي التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأميركية العام المقبل، إلى جانب تزايد المخاوف المرتبطة بالديون العالمية، وازدياد الطلب على الفضة في الصناعات الحديثة، يرى بعض المحللين أن البيئة الحالية مهيأة لارتفاع حاد في أسعار الفضة قد يدفعها إلى مستوى 100 دولار للأونصة.

وفي هذا السياق، قال فيليب جيسلز، المحلل في بنك "بي إن بي باريبا"، لشبكة "سي إن بي سي" إن سعر الفضة قد يتضاعف بحلول نهاية العام المقبل.

مصدر الصورة توقعات أن تواصل الفضة الارتفاع في عام 2026 (رويترز)

وأوضح جيسلز أنه في مناخ يتسم بالتضخم المرتفع والتقلبات الحادة في الأسواق، سيواصل المستثمرون البحث عن الملاذات الآمنة، ولا تزال الفضة تُعد وسيلة موثوقة للحفاظ على القوة الشرائية.

ورغم تحذيره من احتمال حدوث تراجعات قصيرة الأجل، أكد أن وصول الفضة إلى 100 دولار بحلول نهاية عام 2026 يظل "أمرا ممكنا بالتأكيد" وفقا لمنصة "مجموعة ديفير".

سوق صاعدة

هذا التفاؤل يشاركه المستثمر المخضرم بيتر غرانديتش، الذي يرى أن السوق لا تزال "أقرب إلى البداية منها إلى النهاية" في ما قد يتحول إلى أحد أكبر أسواق الصعود في التاريخ.

ويقول غرانديتش إنه لن يتفاجأ إذا تجاوز سعر الفضة حاجز 100 دولار في المستقبل القريب، معتبرا أن العوامل الأساسية الحالية تدعم هذا السيناريو بقوة.

ويضيف غرانديتش أن على المستثمرين الاستعداد لمزيد من المراجعات التنازلية لبيانات الوظائف الأميركية، وهو ما قد يشعل موجة صعود قوية تدفع الفضة إلى مستويات ثلاثية الأرقام، والذهب نحو 5 آلاف دولار للأونصة.

إعلان

ويشير إلى أن الذهب لطالما كان مؤشرا بالغ الدلالة تتجاهله وول ستريت، لأنه يكشف نقاط ضعف هيكلية في الاقتصاد الأميركي واقتصادات أخرى، ويقول "لم تعد الفضة مجرد ذهب الفقراء" وفقا للمصدر السابق.

تقف الفضة اليوم إذن عند مفترق طرق تاريخي بين دورها التقليدي كملاذ آمن وأهميتها المتنامية كمعدن إستراتيجي في اقتصاد المستقبل.

ومع استمرار الضغوط الجيوسياسية، والعجز الهيكلي في المعروض، وتسارع التحول نحو الطاقة النظيفة والتقنيات الحديثة، لم يعد السؤال ما إذا كانت الفضة ستظل في دائرة الضوء، بل إلى أي مدى يمكن أن يمتد هذا الصعود، وما إذا كان عام 2026 سيكرّس بالفعل بداية عصر جديد للمعدن الأبيض.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار