آخر الأخبار

بينها مطار المزة.. مراكز وسجون الأسد تتحول لمواقع تصوير في سوريا

شارك
من الاحتفالات بذكرى سقوط الأسد - 8 ديسمبر 2025 فرانس برس

بعد الإطاحة بنظام الأسد، تحولت مواقع ومراكز أمنية وسجون كانت رمزاً للقوة والتعذيب والانتهاكات المروعة إلى مواقع تصوير للدراما السورية، فمن على مدرّج مطار المزة العسكري قرب دمشق، يقف طاقم مسلسل "عيلة الملك" مستعدًا لتصوير مشهد هروب شخصية نافذة في الساعات الأخيرة من حكم بشار الأسد.

وبينما يصدر المخرج محمد عبد العزيز تعليماته عبر اللاسلكي لفريق العمل، يصف تلك اللحظة قائلاً: "من الصعب تخيّل أننا نصوّر هنا، مطار المزة كان رمز القوة العسكرية. الآن نصنع فيه دراما عن سقوط تلك القوة".

يُعد "عيلة الملك" واحدًا من عدة أعمال درامية ستُعرض في شهر رمضان، يجري تصويرها داخل مواقع كانت عصيّة على دخول السوريين، من مراكز أمنية إلى فروع مخابرات، تحوّلت اليوم إلى ساحات تصوير مفتوحة.

تدور أحداث المسلسل التي تروي قصة عائلة من دمشق خلال الأشهر الأخيرة من حكم الأسد، وتُسلط الضوء على العوامل الاجتماعية والسياسية التي أسهمت في سقوطه.

"من مكان للتعذيب إلى فضاء للإبداع"

ويقول المخرج لوكالة فرانس برس "إنه إحساس غريب، فالأماكن التي كانت تُحكم منها سوريا قد تحولت إلى استديوهات، من فرع فلسطين إلى مطار المزة العسكري، من مكان كان يُحكم بالحديد والنار، إلى فضاء نجرب فيه أدوات إبداعية".

ولطالما مثّل مطار المزة العسكري قاعدة جوية ومركز اعتقال تابعا للمخابرات الجوية، فيما يعدّ فرع فلسطين واحدًا من أبرز مراكز الاعتقال التي ارتبط اسمها بالخوف والانتهاكات. واليوم، يمرّ فريق التصوير بين مركبات محترقة وانفجارات مصطنعة، في مشاهد تجسّد بحسب المخرج "لحظة تحرير المعتقلين مع انهيار الأجهزة الأمنية".

وبعد سقوط الحكم السابق، توجّه المئات إلى الفروع الأمنية في كافة أنحاء البلاد، بحثا عن أفراد من عائلاتهم دخلوها ولم يخرجوا منها قط، بينما خرج آلاف المساجين من زنزاناتهم.

منظر للمدرج في مطار المزة بالعاصمة دمشق (أرشيفية من رويترز)

"اسم يبث الرعب"

كما أضاف عبد العزيز أن "فرع فلسطين كان أحد أركان النظام الأمني، مجرد ذكر اسمه كان يبث الرعب في النفوس. واليوم نصوّر داخله مشاهد كاملة، مع مراعاة الوثائق التي يجب أن تُؤرشف من دون أن نمسّ بها".

في محيط منزل الأسد في منطقة المالكي الراقية في دمشق والذي دخله السوريون ليلة هروب الأسد إلى روسيا ونهبوه، يؤدي ممثلون مشهد شجار.

يقول عبد العزيز "القبضة الأمنية لم تعد موجودة، صورنا مشاهد في ساحة المالكي وشجارا بين أكثر من 150 شخصا وإطلاق رصاص.. كان هذا من المستحيل تنفيذه".

ينجز الفريق عمليّة المونتاج في بيت دمشقي تقليدي في أحد أحياء المدينة القديمة. هناك يجلس الكاتب معن سقباني (35 عاما) أمام شاشة صغيرة، يناقش مع المخرج ترتيب المشاهد قبل إتمام النسخة النهائية.

ويشرح الكاتب أن لجنة القراءة التابعة لوزارة الإعلام ما زالت موجودة، لكنها بدت أكثر مرونة خلال قراءة نص "عيلة الملك... قدّمنا النص، وكانت الملاحظات الرقابية بسيطة جدا".

من سجن صيدنايا (أرشيفية)

"خوف الممثلين"

ولا يقتصر كسر المحظورات على هذا العمل وحده. يُخرج الليث حجو مسلسل "السوريون الأعداء" المستوحى من رواية للكاتب السوري فواز حداد.

ويشرح المدير الإعلامي للمسلسل أمين حمادة أنه في هذا العمل تتقاطع "حياة الأفراد مع أجهزة الدولة الأمنية في شبكة معقّدة من الشبهات والخوف، وتظهر السلطة فيها قادرة على تحويل المواطنين إلى خصوم بمجرد الشكّ في ولائهم".

سجن صيدنايا (أرشيفية- أسوشييتد برس)

ويستعيد بدوره المخرج محمد لطفي في مسلسل "الخروج إلى البئر" حدث عصيان وقع في سجن صيدنايا في العام 2008، وانتهى بمقتل العشرات من المساجين وحراس السجن، في عمل من تأليف سامر رضوان ويضمّ نخبة من الممثلين السوريين مثل جمال سليمان.

ويقول المخرج إن "العمل كُتب قبل أكثر من عامين وكنا ننوي تنفيذه قبل سقوط بشار الأسد"، لكن تحديّات عدة حالت دون ذلك، لا سيما "خوف" الممثلين حينذاك من رد فعل السلطة، وعقبة اختيار موقع التصوير إذ كان يتعذّر التصوير في سوريا.

من سجن صيدنايا أحد السجون في سوريا (أسوشييتد برس)

سجن صيدنايا

لكن الآن، يعتزم الفريق التصوير في السجن الذي ظل دخوله لعقود من المحرمات، ويُعتبر أحد أكثر المواقع التي شهدت انتهاكات وحالات إخفاء قسرية.

ويقول لطفي "السلطة الجديدة رحّبت بالعمل وقدّمت دعما لوجستيا وتسهيلات واسعة للتصوير داخل سجن صيدنايا".

ويضيف أنه بات من الممكن "نقل معاناة السجناء وممارسات السلطة من داخل المكان الحقيقي" بعدما كان ذلك ضربا من الخيال".

ومنذ الإطاحة بحكم الأسد قبل عام، شهد قطاع الدراما في سوريا تحوّلات لافتة، مع عودة عشرات الممثلين والفنيين والمخرجين إلى البلاد بعد سنوات من مغادرتها خصوصا لانتمائهم إلى المعارضة.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار