من وحي كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش استلهمت المخرجة التونسية سارة عبيدي اسم فيلمها الجديد "كأن لم تكن" المشارك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لتعبر من خلاله عن المهمشين في الحياة الذين افترستهم الوحدة وأنهكهم روتين العمل.
وقالت المخرجة قبل عرض الفيلم ضمن مسابقة آفاق السينما العربية بالمهرجان "الاسم مأخوذ من قصيدة محمود درويش، تنسى كأنك لم تكن، كحب عابر وكوردة في الليل.. اللي يحكى فيها عن العابرين، الناس الذين يمرون في الحياة دون أي ضوضاء ولهم أهمية، لكن إحنا منشفهمش".
الفيلم من بطولة زينب المالكي ونور الهاجري ومحمد يحيى الجزيري ويسر قلعي وفاطمة الفالحي وسندس بلحسن، وهو العمل الروائي الطويل الثاني في مسيرة مخرجته بعد ثلاثة أفلام قصيرة.
يسرد الفيلم قصة عايدة الموظفة في مركز اتصالات الذي التحقت به في البداية بحثاً عن عمل مؤقت لحين إيجاد وظيفة في مجال دراستها لكنها تظل بين جدرانه عشر سنوات فريسة للروتين وأسيرة ساعات العمل الطويلة فتجد نفسها وحيدة دون عائلة أو أصدقاء.
ومن المفارقة أن المركز يروج للرحلات السياحية والترفيهية للعملاء عبر الهاتف بينما في المقابل يعاني الموظفون فيه من أوضاع
مزرية تفرض عليهم العمل في الإجازات والمناسبات، وتحجب عن النساء الأجر في إجازة الوضع.
تأتي الاستقالة المفاجئة لشريك عايدة في العمل يحيى بسبب ما اصطلح على تسميته "الاحتراق الوظيفي" بمثابة جرس إنذار لها، لا سيما أنها كانت تكن له مشاعر طيبة لم تفصح عنها مطلقا.
ورغم ترقي عايدة في العمل لتصبح المشرفة العامة على مركز الاتصالات، فإن هذه الترقية لا تحقق لها السعادة المنشودة بل تجلب عليها المزيد من الضغوط، إذ تطلب منها مالكة المركز تسريح عدد من العاملين، مما يدخلها في صراع جديد بين إنسانيتها كزميلة سابقة لهم تعرف أوضاعهم وظروفهم المعيشية الصعبة وبين قسوة منصبها الجديد.
تقاوم عايدة الضغوط المتزايدة ومشاعرها المكبوتة لكن إصرار مالكة مركز الاتصالات على تسريح الموظفين يضعهما في مواجهة حاسمة تنحاز فيها عايدة إلى إنسانيتها وتستعيد حريتها المفقودة غير مبالية بالعواقب.
وعن الإيقاع البطيء المتعمد للفيلم الذي عكس رتابة حياة أبطاله علقت بطلة العمل زينب المالكي مازحة "أقول للناس اللي يحبوا الأفلام البوليسية، دا فيلم بوليسي، فيه اتنين قتلة متسلسلين.. الروتين والوحدة".
وأضافت "نحكي دائما عن السينما اللي فيها أحداث كبيرة وأحداث مزلزلة وننسى نحكي عن الحدث الأهم، وهو الحياة.. دور عايدة كان تحديا كبيرا، فأحيانا الممثل النجم يختبئ وراء حوارات أو أداء انفعالي كبير لكن عندما تكون المساحة عندك أنك تعبر وتخرج الإحساس بأدوات أخرى، تكون المهمة أصعب".
ومن المقرر إعلان نتائج جوائز مهرجان القاهرة السينمائي في 21 نوفمبر.
المصدر:
العربيّة