في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
داكا- أكد مستشار الأمن القومي البنغالي خليل الرحمن، على ضرورة وجود خارطة طريق تُقدم مسارا لحل قضية الروهينغا وتوضّح كيفية عودتهم إلى ديارهم.
وقال خليل الرحمن، في حديث خاص مع الجزيرة نت، إنه عندما تولت الحكومة البنغالية المؤقتة برئاسة المستشار محمد يونس المسؤولية في أغسطس/آب 2024 "لم يكن هناك سوى تقدم ضئيل، بل شبه معدوم، في حل أزمة الروهينغا ، وأن سنوات كثيرة مضت دون مبادرة لحل هذه القضية، ولم نر أي ضوء في نهاية النفق".
وأضاف المستشار، الذي يشغل منصب المبعوث البنغالي الخاص لشؤون الروهينغا، أنه وخلال عام مضى كان أحد أهم الأمور التي حاولت حكومته القيام بها هو إيصال أصوات الروهينغا إلى العالم، فهم موزعون بين 33 مخيما وتمثلهم عشرات المنظمات والجمعيات والمؤسسات الصغيرة.
ولذلك، شجعت داكا اللاجئين الروهينغيين على توحيد صوتهم "من خلال منصة واحدة يُعبِّرون فيها عن تطلعاتهم ومظالمهم وتوقهم للعودة" حسب تصريح خليل الرحمن.
وأضاف "أصبح واضحا جدا أنهم يريدون العودة إلى أراكان ، تماما كما رأينا في مارس/آذار الماضي عندما حضر الأمين العام ل لأمم المتحدة إفطارا رمضانيا بحضور 100 ألف من الروهينغا الذين حملوا لافتات كتب عليها (نريد العودة إلى ديارنا) ورددوا (أرجوكم ساعدونا على العودة إلى ديارنا)، فكانت الرسالة أن حل المشكلة يكمن بعودتهم الآمنة والكريمة إلى وطنهم".
ظلت بنغلاديش الملاذ الآمن لكبرى موجات نزوح الروهينغا خلال 5 عقود مضت، بعضهم استقر فيها وكثيرون عبروا إلى دول أخرى.
بل أن هناك نزوحا يمتد إلى ما قبل السبعينيات، فخلال عامي 1977 و1978 هاجر نحو 200 ألف روهينغي من ولاية أراكان إلى بنغلاديش إثر عملية عسكرية من قبل الحكم العسكري الميانماري.
وخلال العشرية من 1982 إلى 1992 نزح ربع مليون روهينغي إثر تجريد أقليتهم من حقوق مواطنتها، وعدم إدراجها ضمن الأقليات المعترف بها من حكومة يانغون، كما شهدت تلك الفترة انتفاضة شعبية شهيرة في ميانمار ضد العسكر، وغُير اسم البلاد من بورما إلى ميانمار .
ورغم إعادة أعداد كبيرة من اللاجئين الروهينغا من بنغلاديش إلى أراكان عام 1992، فإن تلك العودة لم تكن مستدامة ولا آمنة ولا مرتبطة بحقوق مواطنة كاملة، ففي 2012 استيقظ العالم على أعمال عنف طائفي ومصورة، لتشهد بنغلاديش بين عامي 2012 و2016 هجرة نحو 168 ألف روهينغي، حسب إحصاءات أممية.
وبعد هدوء نسبي وتراجع للعنف والتوتر لنحو عام ونصف، عاد الروهينغا ليشهدوا أكبر موجة نزوح وتهجير بين عامي 2017 و2018، حيث نزح نحو 800 ألف روهينغي، يشكلون نحو نصف عدد اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش اليوم الذي يصل إلى 1.4 مليون لاجئ، وهناك تقديرات بوجود أعداد أكبر خارج المخيمات الـ 33 في جنوب شرق البلاد.
ولم يتوقف النزيف الديمغرافي لأقلية الروهينغا في ولاية أراكان، فعددهم في تراجع مستمر لصالح قومية الرِيكاين البوذية ، فمنذ مطلع 2024 نزح 150 ألف روهينغي من ولاية أراكان، عابرين نهر ناف نحو ريف كوكس بازار البنغالي، وهذه المرة بسبب توسع ما يعرف ب جيش أراكان الذي يرفع شعارات وتطلعات قومية الرِيكاين البوذية، ويقاتل الجيش الميانماري من جهة، كما يطمح للسيطرة الكاملة على ولاية أراكان، وقد حقق ذلك بنسبة 80% على الأقل.
ومن أولئك الذين نزحوا من بنغلاديش، خلال عقود مضت، توجه مئات الآلاف نحو دول أخرى حسب أرقام أممية وإحصاءات روهينغية مختلفة، بينها أرقام منتدى بورما للسلام والتنمية.
فإلى جانب الـ1.4 مليون لاجئ في بنغلاديش، يقدر عدد من بقي من الروهينغا داخل ميانمار بما يتراوح ما بين 700 و900 ألف روهينغي في ولاية أراكان والعاصمة الاقتصادية يانغون وولايات ميانمارية أخرى.
ويتطلع المهجرون في أصقاع العالم من الروهينغا للعودة لبلادهم، إذ بات يلاحظ أن أعدادهم خارج وطنهم صارت أكثر منه داخل أراكان، مما يعني تحقق هدف إفراغها من الوجود الديمغرافي والحضاري للروهينغا.
شهادات وصور أقمار صناعية توثق تدمير قرى ومساجد الروهينغيا بميانمار بعد تهجيرهم القسري pic.twitter.com/UZd9FJ9rlg
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 1, 2025
"عبئ ثقيل"
وما تزال بنغلاديش تستقبل لاجئين جددا كل يوم، ويعلق خليل الرحمن قائلا إن مبدأ بنغلاديش الأول هو "إنقاذ الأرواح، فقد كانوا بحاجة للمساعدة، ففتحنا أبوابنا لهم، وكانوا يهربون من التطهير العرقي ومن الإبادة الجماعية ، ووجدوا في بنغلاديش الملاذ الآمن. وفعلنا ذلك لدواعٍ إنسانية، فقد كنا نحن قبلهم في محنة". وقدمنا المساعدة لهم، بتزويدهم بالغذاء وغيره من الضروريات حتى يبقوا على قيد الحياة.
وإلى جانب قضية العودة -يواصل خليل الرحمن- فإن "الشاغل الثاني الذي يساورنا هو انخفاض مستوى الدعم الكلي للروهينغا، فمنذ وصول أكثر من مليون روهينغي إلى بنغلاديش، ونحن نتحمل عبئا ثقيلا، وسعداء حقا بمساعدة المجتمع الدولي لنا طول هذه الفترة".
ويردف "لكن عدم اليقين بشأن تقديم المساعدات يقلقنا كثيرا، لأن هذا قد يعني المسافة بين الحياة والموت، فعندما تنخفض حصتك الغذائية الشهرية من 12 دولارا إلى 6 دولارات، يمكنك أن تتخيل ما قد يحدث، لكن المانحين ما يزالون يحاولون، كما نطلب من مانحين إضافيين أن يأتوا ويمدوا أيديهم للمساعدة".
ويعد ملف "المساءلة عن الفظائع التي ارتكبت"، من أبرز ما يشغل الحكومة البنغالية بخصوص قضية الروهينغا، وفق خليل الرحمن، الذي قال "في نهاية المطاف يجب أن تكون هناك مساءلة، مما يعني ذلك إصدار أحكام في القضايا الجارية في المحكمة الجنائية الدولية و محكمة العدل الدولية ، وقد يعني تحقيق العدالة الانتقالية ، أو مسار كشف الحقيقة والمصالحة".
ويضيف "لدينا إيمان راسخ بأن العالم يجب أن يتحد لإنجاح الوساطة بين الطائفتين في ولاية أراكان، الرِيكاين والروهينغا، حتى يتمكنوا من العيش معا بسلام، فأحد أسباب تكرار مشكلة اللاجئين هذه هو انعدام الثقة بين الطائفتين، ونود أن يستثمر المجتمع الدولي بهذا المسار أيضا".
ويرى خليل الرحمن بأن هناك أسباب تشير إلى أن الروهينغا سيتمكنون من العودة إلى بلادهم، من خلال التواصل مع مختلف أطراف الصراع في أراكان.
وقال إن "الصين تؤيد حل هذه القضية، وشجعتنا على البقاء على اتصال مع جميع الأطراف، فمن مصلحة كل من له مصالح في تلك المنطقة أن يسود السلام وأن يعود الناس إلى حياتهم اليومية بشكل طبيعي".
وحول الدور الذي تتطلع بنغلاديش إلى أن تؤديه دول عربية وإسلامية، يقول خليل الرحمن "الروهينغا جزء من الأمة الإسلامية، وهم إخوتنا، ونحن كدول إسلامية نتحمل مسؤولية خاصة تجاههم، من جانب بنغلاديش، نقوم بذلك وقد مددنا أيدينا بقدر ما استطعنا".
ويضيف "بعض الدول الإسلامية قدمت المساعدة، ك قطر التي توفر الغاز الطبيعي، وساعدت ببعض البرامج التعليمية، و تركيا تدير مستشفى".
ويختم "هناك مجال كبير لفعل المزيد، فالكثير من الشباب ينشأون في المخيمات ويحتاجون التعليم والتدريب، وهذا مجال آخر يمكن تقديم المساعدة فيه، أعتقد أن العالم الإسلامي، والعالم بأسره، يمكنه أن يبذل جهدا أكبر".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة