آخر الأخبار

شامة المغربية.. سيدة الماء التي تحرس آخر أنفاس السقاية التقليدية

شارك

في زمنٍ يكفي فيه نقر على شاشة هاتف لإشباع الحاجات، لا تزال شامة تجوب أزقة المدينة القديمة بالرباط، حاملة قربة جليدية على كتفها، تروي بها عطش المارة والسياح، وتسقي ذاكرة مهنة تقاوم النسيان.

شامة تميم "سيدة الماء"، ورثت مهنة السقاية عن جدها ووالدها لأكثر من أربعين سنة، متحدية بذلك الصورة النمطية التي اختزلت هذه الحرفة في الرجال، مؤكدة على أنها قادرة على الجمع بين متطلبات الحياة العائلية ومهنتها التراثية.

لم تكن شامة سيدة عادية بالنسبة للسياح والوافدين من دول العالم، فهي تحظى بالإعجاب والثناء كحارسة لآخر نبضات السقاية في التقليدية.

وفي مشهد يختلط فيه الحنين بالتحدي، تروي السيدة شامة لـ"العربية.نت" حكايتها مع مهنة لم تعد مألوفة في زمننا المعاصر، لكنها لا تزال تنبض بالحياة بين يديها.

تقول بشغف: "عشقي للسقاية بدأ منذ كنت طفلة صغيرة أرافق والدي في جولاته. كنت أراه يسقي الناس، لا كمن يوزع الماء فحسب، بل كمن يمنحهم الحياة، ومنذ ذلك الحين، سرى حب هذه المهنة في عروقي، حتى أصبحت جزءًا مني".

وتضيف، قائلة: "وعندما أضطر أحيانًا للتوقف بسبب ظروف صحية، أشعر بأن شيئًا ينقصني، وكأنني أفتقد ذاتي، وما إن أرتدي بدلتي التقليدية وأحمل أدوات السقاية، أشعر بالارتياح ونشاط يسري في جسدي، وكأنني احتسيت كوبا من الشاي أعاد إلي الحياة".

تحب شامة أن تطل بزيّها المزركش، تارة بالأحمر وتارة بالأخضر، وتعتني بكؤوسها النحاسية كما تعتني الأم برضيعها. تمنح جرعة ماء باردة تحت شمس الصيف القاسية مقابل بضع "دريهمات"، أو دعاء وصدقة رمزية، كما ارتبط في المخيل الشعبي المغربي ببركة الماء "وفضائل السقيا ورمزا من رموز التكافل والتضامن الاجتماعي".

ورغم تغير الزمن وتوفر الماء في كل بيت، لا تزال شامة مصرة على أداء هذا الدور، ليس فقط كمهنة بل كصون لتراث ثقافي آخذ في الاندثار. هي واحدة من قلائل بقين على العهد، يحملن الماء ومعه حكايات الأجداد، ويحيين ذاكرة مدينة تنبض بتاريخها من خلال تفاصيل بسيطة، وكأس ماء.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار