بينما أتصفح الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي قبل ساعات من حلول عيد الحب، تلاحقني خوارزميات المواقع وتضرب على وتري الحساس، لتتدفق أمامي فيديوهات تذكرني بأني لا أزال "وحيداً" ولن أجد مكاناً لي في هذا اليوم، إنه حال الكثيرين من "السناغل"، كما نتداولها بالعامية.
يُحتفل بعيد الحب في 14 فبراير/شباط من كل عام، وهو مناسبة عالمية تُعبر عن مشاعر الحب والمودة بين الأشخاص.
تعود جذور هذا اليوم إلى العصور القديمة، حيث يرتبط بأسطورة القديس فالنتين، الذي كان يُقال إنه تحدى أوامر الإمبراطور الروماني، كلاوديوس الثاني الذي حظر الزواج لجنوده، ما دفع فالنتين إلى تزويج العديد من الشبان والشابات بسرية. وبعد وفاته، أصبح يُحتفل به تكريماً لمحبته واهتمامه بالآخرين.
اليوم، يُحتفل بعيد الحب من خلال تبادل الهدايا، والزهور، وبطاقات التهنئة، بالإضافة إلى كلمات الحب والتقدير بين العاشقين.
ورغم ذلك، إلا أن "يوم الحب" أصبح يُحتفل به الآن بطرق مختلفة بين الأصدقاء والعائلات، باعتباره مناسبة للتعبير عن الحب بمختلف أشكاله.
قد يواجه الأعزب أو العزباء ضغطاً اجتماعياً بسبب الصور المثالية التي تُعرض في هذا اليوم، ما قد يعزز شعورهم بالوحدة أو التوتر.
وفي هذا الإطار، توضّح الدكتورة سلمى البيروتي، وهي اختصاصية نفسية وتربوية، أنه لا ينبغي على غير المرتبطين أن يشعروا بأي ضغط اجتماعي في يوم عيد الحب.
وتقول لبي بي سي إن المجتمع أحياناً يعزز فكرة أنه يجب على الفرد أن يكون في علاقة ليشعر بالقيمة الذاتية، وهذه الفكرة يجب أن تتغير.
وتضيف: "نحن بحاجة إلى أن نكون سعداء بوجودنا كما نحن، وأن نحب أنفسنا أولاً. إذا لم نتعلم كيف نحب ذاتنا، لن نتمكن من حب الآخرين كما يجب. عندما نحب أنفسنا، نبدأ في اكتشاف قيمنا ومبادئنا الشخصية، مما يساهم في تحسين نظرتنا للحياة."
وتؤكد بيروتي أن عيد الحب يجب أن يكون مناسبة للاحتفال بالذات، وليس سبباً للضغط أو الشعور بالوحدة، مشيرةً إلى أن الأعزب يمكنه أن يواجه هذا الضغط من خلال التركيز على ذاته، وتنمية علاقته مع نفسه.
وتوضح أن الفكرة الأساسية هي الخروج من دائرة القلق الاجتماعي، وأن الاحتفال بيوم الحب من خلال العناية بالنفس سيساعد في التخلص من الضغوط الخارجية.
وفي هذا اليوم، الذي يُحتفل فيه بالحب والعلاقات، يصبح السؤال ملحّاً لدى غير المرتبطين: ماذا نفعل بهذا العيد؟
يقدم الدكتور نواف الرفاعي، وهو أخصائي إرشاد نفسي، مجموعة من النصائح تساعدنا لنجعل هذا اليوم مميزاً ونحجز لأنفسنا مكاناً فيه.
يقول الرفاعي لبي بي سي إن فكرة الحب لا تقتصر على العلاقات العاطفية فقط، وعلى من يعتبر نفسه وحيداً في هذا اليوم أن يجعل عيد الحب يوماً للتمتع بجميع أشكال الحب التي تحيط به، مثل حب الأصدقاء، العائلة، وحتى حبك لذاتك.
ويضيف: "الحب لا يحتاج إلى سبب أو مناسبة خاصة ليكون حقيقياً في حياتك".
"كن محباً لنفسك، ولا تسمح للانتقادات السلبية أن تؤثر عليك كونك أعزب"، هكذا يخاطبنا الرفاعي لنهزم أي مشاعر اكتئاب قد تسيطر علينا مع حلول هذا العيد.
ويقول: "قد تكون العزوبية فرصة لتعزيز علاقتك بنفسك، ومعرفة ما تحب وتحتاج. امنح نفسك التقدير الذي تستحقه واحتفل بنفسك كما أنت".
يطلب منا الرفاعي ألّا نكتفي بالانتظار ليحدث شيء، بل أن نقوم بخلق لحظاتنا الخاصة.
وينصح: "اقضِ اليوم في فعل شيء يُرضيك، مثل التطوع في عمل خيري أو الانغماس في شغفك الخاص. يمكن أن تكون هذه الأنشطة مصدراً للسعادة الداخلية وتساعدك في إعادة شحن طاقتك العاطفية".
عيد الحب فرصة لقضاء وقت ممتع مع الأشخاص الذين يحبونك بصدق. قد تكون العائلة والأصدقاء المقربين هم الداعمين لك في كل الأوقات، بحسب الرفاعي، الذي يطلب منّا أن نقضيَ يومنا معهم ونستمتع بالعلاقات التي تُشعرنا بالأمان والمودة.
دُهشت عندما حدّثني الرفاعي عن هذه النصيحة، فقد تجنبنا الشعور بالضغط فعلاً، لأن وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالمقارنات والتوقعات الافتراضيّة حول العلاقات العاطفية، بحسب الرفاعي.
ويقول: "حاول تقليل استخدام هذه المنصات في عيد الحب، والتركيز على اللحظات التي تعيشها بعيداً عن المشاهدات المبالغ فيها".
ركّز على الجوانب الإيجابية في حياتك وعبّر عن امتنانك لها.
يختم الرفاعي حديثه مع بي بي سي بأنك لو كنت أعزباً، فهناك أشياء عدة يمكن أن تُشعرك بالرضا، مثل نجاحاتك الشخصية أو علاقاتك الاجتماعية القوية، ويقول: الامتنان يساعد على تعزيز الإحساس بالسعادة والرضا الداخلي.
بالنسبة لي قد ألجأ إلى النصحية الثالثة، وأخرج مع الأصدقاء أو أقضي اليوم في نادٍ رياضي، على سبيل المثال. وعليك أنت أيضاً أن تختار نصيحةً أو أكثر مما سبق، لعل خروجنا في هذا العيد يتحول إلى ذكرى لقائنا بشريك المستقبل.
ولكم أن تعتبروا هذا التقرير بمثابة إعلان للبحث عن شريك! فهل نحتفل بعيد الحب العام المقبل ونحن عشّاق؟