آخر الأخبار

السودان.. الحرب تدمر البنية التحتية وتعمّق معاناة المواطنين

شارك
تسببت الحرب في السودان بدمار هائل

حذر خبراء ومسؤولون في منظمات دولية ومحلية من تزايد التأثيرات الكارثية للدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية والمنشآت العامة في السودان بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023.

وأشار الخبراء إلى أن الدمار الناجم عن القصف الجوي والأرضي وعمليات النهب الواسعة ترك أكثر من 60 بالمئة من مناطق البلاد بلا خدمات صحية أو تعليمية.

وإضافة إلى شبكات المياه والكهرباء والمرافق الصحية والتعليمية، طال الدمار أكثر من 4 جسور و200 مبنا عاما وتاريخيا ومئات الآلاف من المنازل، كما أثر بشكل كبير على البنية التحتية الزراعية.

وتشير تقديرات إلى خسائر مباشرة تتراوح ما بين 180 إلى 200 مليار دولار وغير مباشرة تفوق 500 مليار دولار أي نحو 40 مرة من ناتج السودان السنوي البالغ متوسطه نحو 36 مليار دولار.

ويرسم الخبير الاقتصادي والمالي عمر سيد أحمد صورة قاتمة لتداعيات الحرب المستقبلية متوقعا أن تستغرق عملية إصلاح ما دمرته الحرب من بنى تحتية سنوات طويلة في ظل اقتصاد منهك تراجعت إيراداته بأكثر من 80 بالمئة بسبب الحرب.

وأوضح سيد أحمد لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية في السودان يستوجب العمل لسنوات طويلة وتوفير تمويل ضخم يصعب الجزم بإمكانية الحصول عليه في ظل الضبابية التي تحيط بالحرب الحالية وبالوضع السياسي للبلاد"، مضيفا: "ستواجه البلاد تحديات كبيرة في تأمين الموارد المالية اللازمة وتوفير بيئة سياسية مستقرة".

الحرب على الجوع

ألقى الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية بظلاله على جهود مكافحة الجوع بعد أن تركت الحرب أكثر من 25 مليون من السكان أمام خطر انعدام الأمن الغذائي.

وفي ظل أزمة الكهرباء والمياه الطاحنة التي تعيشها معظم مناطق العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من مدن البلاد الأخرى، حولت معظم المجموعات التي تدير المطابخ الخيرية المعروفة بـ"التكايا" جهودها ومواردها من تقديم الوجبات اليومية لآلاف الجوعى إلى البحث عن طرق لمساعدة السكان العطشى للحصول على مياه الشرب.

وبعد تراجع في إنتاج الحبوب قدرته منظمة الزراعة والأغذية العالمية "الفاو" بنحو 46 بالمئة في الموسم الماضي، تتزايد المخاوف من أن يؤدي استمرار التدمير الممنهج للبنية التحتية إلى تراجع أكبر في الإنتاج الزراعي خلال الموسم الحالي حيث يعتمد معظم المزارعين في البلاد على الإمداد الكهربائي في ريّ محاصيلهم.

ويعتمد ملايين النازحين والعالقين في مناطق القتال على المطابخ الخيرية التي تشغلها مجموعات طوعية صغيرة تعمل بإمكانيات محدودة، لكن الانقطاع الواسع لإمدادات المياه في معظم مدن البلاد زاد من أعباء تلك المجموعات.

ووفقا لمرتضى عبد القادر أحد الذين يشرفون على مجموعة من المطابخ الخيرية واسعة الانتشار فإن أزمة المياه الحادة أجبرتهم على توجيه جهدهم من إعداد وجبات الطعام إلى توفير مياه الشرب في من المناطق التي تعيش شحا كبيرا بعد توقف الكثير من محطات المياه للانقطاع المستمر في خدمات الكهرباء، وتعطل العديد من الشبكات.

وفي هذا السياق، قال عبد القادر لموقع "سكاي نيوز عربية": "عاشت المناطق التي كنا نقدم فيها الوجبات لآلاف النازحين والعالقين في مناطق القتال أياما عصيبة بسبب انقطاع المياه فحاولنا توفير مضخات ومولدات لمساعدة الناس على جلب مياه الشرب بدلا من جهدنا الأساسي المتمثل في توفير الطعام. لقد ضاعف انقطاع المياه والكهرباء من أعباء المجموعات الطوعية التي كانت تركز على توفير الوجبات اليومية فقط".

آثار مدمرة على قطاعي الصحة والتعليم

أشار تقدير لمعهد لندن للصحة العامة إلى أن غالبية من ماتوا خلال الحرب في العاصمة الخرطوم وحدها والذين قدّرهم بنحو 61 ألفا منذ اندلاع القتال وحتى نهاية نوفمبر الماضي، راحوا ضحية الأمراض وانعدام العلاج بسبب الدمار الذي لحق بالقطاع الصحي.

وتتحدث منظمة الصحة العالمية عن دمار واسع أدى إلى انهيار شبه كلي للبنية التحتية للرعاية الصحية، الأمر الذي قلص القدرة على الحصول على الرعاية الصحية بشكل كامل إلى 15 بالمئة فقط من إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليون نسمة.

ويعتقد أن نحو 70 من 82 مستشفى رئيسي في العاصمة الخرطوم والمدن المحيطة تعرض إما لدمار كلي أو جزئي.

وقبل الأزمة الحالية، كان لدى السودان ما يقدر بنحو 6500 منشأة للرعاية الصحية الأولية و300 مستشفى عام في جميع أنحاء البلاد.

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ما بين 70-80 بالمئة من المرافق الصحية في المناطق الأكثر تضررا من النزاع، مثل الجزيرة وكردفان ودارفور والخرطوم، وحوالي 45 بالمئة في أجزاء أخرى من البلاد، بالكاد تعمل أو مغلقة، مما يؤثر على ملايين الأشخاص.

كما تقول الأمم المتحدة إن الصراع ترك دمارا متعدد الأوجه على البنية التحتية التعليمية، حيث أدى إلى تدمير جزئي وكلي طال أكثر من 5 آلاف مدرسة ومؤسسة تعليمية ووضع بالتالي مستقبل نحو 19 مليون طالب على المحك.

وحول ذلك، قال مانديب أوبراين، ممثل اليونيسف في السودان، إن "السودان على وشك أن يصبح موطنا لأسوأ أزمة تعليمية في العالم".

وحتى في المناطق الآمنة نسبيا التي لم تتعرض فيها المدارس ومؤسسات التعليم للدمار، فقد تحولت معظم المدارس إلى مراكز لتقديم الخدمات الحيوية مثل التغذية والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي، لأكثر من 12 مليون نازح فروا من مناطق القتال.

أزمة المياه والكهرباء

يواجه سكان المدن الواقعة في مناطق القتال والمناطق الآمنة على السواء من نقص حاد في خدمات المياه والكهرباء، حيث
تعرضت منشآت المياه والكهرباء في معظم مناطق البلاد لدمار كبير بسبب القصف الجوي المستمر لشهور طويلة في عدد من المناطق إضافة إلى عمليات النهب الواسعة التي طالت معظم شبكات وخطوط الإمداد.

وبحسب مهندس متخصص في مجال التخطيط الحضري فإن نحو 90 بالمئة من شبكات ومنشآت الكهرباء الأساسية تعرض لنوع من التدمير، فيما طال الدمار أيضا شبكات الإمداد المائي والكهربائي خصوصا في العاصمة الخرطوم ومناطق واسعة من ولايات الجزيرة وسنار والنيل الابيض في وسط البلاد، إضافة إلى إقليمي دارفور وكردفان بغرب البلاد.

وذكر تقرير لمنظمة الصحة العالمية أن الاضرار الجسيمة التي لحقت بأنابيب المياه ومحطات المعالجة بسبب القصف الجوي والذخائر المتفجرة أدى إلى أزمة مياه حادة خصوصا في الخرطوم، مما أجبر السكان على اللجوء إلى المياه الملوثة المحتملة من نهر النيل.

قلق دولي

عبّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقها العميق إزاء الارتفاع الأخير في الهجمات على البنية التحتية المدنية الحيوية في السودان، حيث تسببت الهجمات على المنشآت الصحية والخدمية ومحطات الطاقة والمياه والسدود في معظم ولايات البلاد في أضرار جسيمة، أثرت بشدة على توافر الخدمات الحيوية للسكان المدنيين.

وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر "نشهد نمطا مقلقا من الهجمات على البنية التحتية المدنية الحيوية الضرورية لبقاء الناس، وعلى جميع الأطراف احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وحماية هذه المرافق الحيوية".

وبموجب القانون الإنساني الدولي، فإن البنية الأساسية الأساسية، مثل محطة توليد الطاقة أو مرفق المياه، هي أهداف مدنية يحرم القانون الدولي مهاجمتها.

وتعليقا على ذلك، قال عدنان حزام المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، إن الوضع الإنساني تأثر كثيرا بالدمار الذي طال منشآت البنية التحتية خصوصا الصحية ومحطات الكهرباء والمياه.

وأكد حزام لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه "في ظل استمرار التداعيات الخطيرة للصراع على المنشآت الخدمية يواجه السودانيون صعوبات كبيرة في الحصول على الخدمات الأساسية. منذ بدء الصراع ظلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تحذر من تداعيات أي استهداف للبنية التحتية، وتحث أطراف الصراع على احترام قواعد القانون الدولي التي تمنع استهداف الأعيان المدنية والمنشآت الخدمية".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا