آخر الأخبار

لماذا أصرت الولايات المتحدة على تحييد منصة "تيك توك" محليا وفصلها عن الشركة الأم؟

شارك

نجحت الولايات المتحدة في السيطرة على تطبيق " تيك توك " الصيني داخل حدودها، بعد أن سعت طويلا للحد من تأثيره، ومنافسته لتطبيقات الإعلام الاجتماعي الأميركية مثل فيسبوك و إنستغرام ، والتفوق عليها في معركة التأثير بالشباب الأميركي تحديدا.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وقّع أمرا تنفيذيا تضمن تحويل ملكية التطبيق الشهير داخل الولايات المتحدة إلى ملكية أميركية، حيث أشارت وسائل إعلام محلية إلى أن تحالفا يضم شركات "أوراكل" و"إم جي إكس" إضافة إلى "سيلفر ليك"، سيمتلك الحصة الأكبر في "تيك توك أميركا" والتي ستصل لـ80%، في حين ستبقى حصة بأقل من 20% ملكا للشركة الأم "بايت دانس"، أي أقل من الحد الذي يمكن الشركة الصينية من إبقاء سيطرتها الكاملة عليه، وتنسجم مع القوانين الأميركية.

الاتفاق الذي وصفه الأميركيون باتفاق "رابح رابح" أوقف قرارا وشيكا بحظر التطبيق في الولايات المتحدة كان قد اتخذه ترامب وأجله مرات عديدة، في حين لم يتضح بعد ما إذا كان المستخدمون الأميركيون سيحتاجون إلى تنزيل تطبيق جديد خاص بهم أم لا.

مصدر الصورة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقّع أمرا تنفيذيا تضمن تحويل ملكية التطبيق الشهير داخل الولايات المتحدة إلى ملكية أميركية (الفرنسية)

مخاوف أميركية

رغم اعتراف ترامب بفضل التطبيق الصيني -الذي يملك 170 مليون مستخدم أميركي- في فوزه بالانتخابات الرئاسية، إلى أنه ومنذ ولايته الأولى سعى إلى السيطرة عليه، وعامله المعاملة ذاتها التي تلقتها التقنيات الصينية الأخرى مثل تقنية "الجيل الخامس"، حيث تنظر الإدارة الأميركية إلى هذه التقنيات بعين القلق على الأمن القومي والخصوصية.

وتخشى الولايات المتحدة أن تجبر الحكومة الصينية إدارة "بايت دانس" المالكة للتطبيق على تسليم بيانات المستخدمين الأميركيين، مثل: سجلات التصفح، ومعلومات الاتصال، والبيانات الجغرافية، ولا تخفي إدارة ترامب شكها في قدرة "بايت دانس" على حماية هذه المعلومات بالنظر إلى قوانين الأمن الصينية التي قد تجبر الشركات على التعاون مع أجهزة المخابرات الصينية، واستخدام التطبيق ليكون أداة تجسس على المسؤولين الأميركيين.

خوارزميات "تيك توك" المتفوقة

رغم تراجعه عن ذروة استخدام الأميركيين للتطبيق منذ عام 2022 حين وصلت فترات المشاهدة إلى 61 دقيقة في اليوم الواحد، بقي "تيك توك" متصدرا لزمن المشاهدة ومتفوقا على تطبيقات "فيسبوك" و"إنستغرام" و"سناب شات"، بحسب مجموعة أبحاث المستهلكين "إي ماركتر"، وأظهرت أرقام المشاهدة لهذا العام استمرار تفوق التطبيق الصيني بـ52 دقيقة، مقابل 35 "لإنستغرام" و30 دقيقة لتطبيق "فيسبوك" و26 لـ"سناب شات".

إعلان

وتسخر الولايات المتحدة أيضا، استخدام خوارزمية "تيك توك" للتلاعب بما يراه المستخدمون الأميركيون، ويشمل ذلك الترويج لمحتوى مؤيد للصين أو قمع محتوى يعتبر ضارًا بالمصالح الصينية، مما يؤثر على الرأي العام والخطاب السياسي في الولايات المتحدة.

بحسب نشرة "تك إن دبث" التي تنشرها وكالة "بلومبيرغ" فإن خوارزمية التطبيق الصيني تتيح تدفقا هائلا للمحتوى، حيث يستطيع التطبيق فهم اهتمامات المستخدم، ثم يقوم بإغراقه بأكبر عدد من المواد المشابهة لهذه الاهتمامات.

كما تتلخص ميزة التطبيق في اتباعه نظاما لا يعتمد على المتابعين أو عددهم، بل على تفاعلات المستخدمين، حيث تشكل الخوارزمية صورة كاملة عن هذه التفاعلات والاهتمامات، وتوفر المحتوى المتوافق معها.

أما تحديد هذه الاهتمامات، فيكون من خلال تتبع فترات مشاهدة مقاطع الفيديو وما إذا تمت إعادة المشاهدة، إضافة إلى المتابعات والتعليقات والإعجابات التي يسجلها المستخدم للمحتوى والمشاركات التي يقوم بها، كما تقوم الخوارزمية بتخطي المحتوى بناء على تخطي المقاطع أو التأشير عليها بـ"ليست مهمة".

وعند نشر مقطع مصور جديد، تقوم خوارزمية "تيك توك" بعرض هذا المقطع على مجموعة صغيرة من المستخدمين المهتمين بهذا المحتوى، وبناء على التفاعل تقوم بتوسيع انتشاره أو قتله.

مصدر الصورة أسهم تطبيق "تيك توك" في إحداث تغيير كبير في الرأي العام الأميركي حول العديد من القضايا مثل الصراع العربي الإسرائيلي وحرب الإبادة على غزة (رويترز)

من منصة ترفيه إلى أداة تغيير سياسي

أسهم تطبيق "تيك توك" في إحداث تغيير كبير في الرأي العام الأميركي حول العديد من القضايا، مثل الصراع العربي الإسرائيلي وحرب الإبادة على غزة، ففي دراسة لجامعة هارفارد وشركة هاريس بول لاستطلاعات الرأي العام، حول توجهات الناخبين الأميركيين تجاه قضايا محددة منها الحرب الإسرائيلية على غزة، أظهرت النتائج تضامن 60% من الفئة العمرية (18-24) من الشباب الأميركي مع "حماس" في مواجهة إسرائيل.

بل إن 71% من هذه الفئة لا تتوافق مع السياسات الإسرائيلية، في حين يرفض 63% منهم اعتبار حماس مسؤولة عن الصراع مع إسرائيل.

في حين يعتقد 51% من الشباب الأميركي في الفئة العمرية بين (18-24)، أن إسرائيل يجب أن تنتهي كدولة يهودية، وهذا ما يعد تغيرا قويا في التعبير حتى عن المواقف التي كانت تصاغ سابقا بعبارات تلطيفية في أفضل الأحوال.

في حين يعارض 57% من الفئة ذاتها سياسة ترامب في التعامل مع الصراع بين إسرائيل وحماس كما وصفته الدراسة، والدعم العسكري الأميركي لإسرائيل. في حين يقف 71% ضد سلوك إسرائيل خلال الحرب.

وخلال عام 2023، أظهرت دراسة صادرة عن مركز "بيو" للأبحاث، أن 60% من البالغين الأميركيين (تحت 30 عاما) لديهم توجهات إيجابية لهذه الفئة العمرية تجاه الشعب الفلسطيني.

مساهمة التطبيق في نقل صور مباشرة تظهر حقيقة ما يجري وما ترتكبه الوحشية الإسرائيلية في غزة وفلسطين، في مواجهة تقييد المحتوى الذي مارسته تطبيقات محلية أميركية مثل "فيسبوك" و"إنستغرام"، كسر حالة الغفلة التي عاشها الشباب الأميركي سابقا، وتحولت منصة "تيك توك" إلى منصة إخبارية ومصدر رئيسي يكسر حالة "الرواية الواحدة" التي تمارسها وسائل الإعلام والإعلام الاجتماعي، حيث يؤكد مسح أجراه مركز "بيو" للأبحاث في مارس 2024، أن 48% من مستخدمي "تيك توك" الأميركيين في الفئة العمرية من (18-29) يستخدمونه مصدرا أساسيا لمتابعة القضايا السياسية الراهنة.

إعلان

ولا يقل الزلزال الذي أحدثه التطبيق في تحول اتجاهات الرأي العام الأميركي خاصة المتعلق منها بإسرائيل وحربها في غزة، عن تأثير التطبيق في تحولات مهمة مثل "ثورة جيل زد" في نيبال والتي أسقطت الحكومة، وارتكزت على التطبيق الصيني في نقل الوقائع.

نتنياهو أكبر الرابحين

ولا يعد ترامب أكبر الرابحين من الصفقة فحسب، فرئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو عبّر عن سعادته بالاتفاق، وذلك خلال لقائه مؤثرين أميركيين في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، لعرض وجهة النظر الإسرائيلية التي فشل في عرضها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، معبرا عن أنه يرغب في استخدام كل الأسلحة الممكنة ومن ضمنها وسائل الإعلام الاجتماعي، وظهر نتنياهو محتفيا بنجاح الصفقة وبيع التطبيق إلى مستثمرين موالين لإسرائيل، واصفا العملية بأنها "أهم عملية شراء تتم حاليا"، في حين أثارت تصريحات نتنياهو عاصفة من الردود الغاضبة لدى الشباب الأميركي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار