تُقدر قيمة شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة " OpenAI" الآن بـ 500 مليار دولار، وقد أبرمت صفقات تُقدّر قيمتها بعشرات ومئات المليارات من الدولارات مع شركاء في مجال البنية التحتية، حتى مع استمرارها في إنفاق مبالغ طائلة.
وأصبحت هذه النفقات تحرك السوق. فقد ارتفع مؤشرا ناسداك وستاندرد آند بورز 500 إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع بعد أن وافقت شركة إنفيديا على استثمار ما يصل إلى 100 مليار دولار في "OpenAI"، بحسب تقرير لقناة "سي إن بي سي"، اطلعت عليه "العربية Business".
وجاء ذلك في أعقاب صفقة بقيمة 300 مليار دولار بين "OpenAI" و"أوراكل" في يوليو كجزء من مبادرة ستارغيت، وهو مشروع بنية تحتية بقيمة 500 مليار دولار، تُموّله أيضًا مجموعة سوفت بنك.
ولا تتوقف التزاماتها عند هذا الحد؛ فقد أعلنت "CoreWeave" يوم الخميس أنها وافقت على تزويد "OpenAI" بما يصل إلى 22.4 مليار دولار من البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، بزيادة عن 11.9 مليار دولار التي أعلنت عنها في مارس.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت شركة برودكوم، المُصنّعة للرقائق، إنها ضمنت عميلًا جديدًا بقيمة 10 مليارات دولار، وسارع المحللون إلى الإشارة إلى أن هذا العميل هو "OpenAI".
وبينما تقول "OpenAI" إن التوسع هو مفتاح دفع الابتكار وإنجازات الذكاء الاصطناعي المستقبلية، بدأ المستثمرون والمحللون يُبدون دهشتهم من المبالغ الطائلة، بالإضافة إلى اعتماد "OpenAI" على شبكة متزايدة الترابط من شركاء البنية التحتية.
على سبيل المثال، استحوذت "OpenAI" على حصة بقيمة 350 مليون دولار في "CoreWeave" قبل طرحها العام الأولي في مارس. وعززت "إنفيديا" حصتها المالية في "OpenAI" من خلال المشاركة في جولة تمويل بقيمة 6.6 مليار دولار في أكتوبر.
وتنفق "أوراكل حوالي 40 مليار دولار على رقائق "إنفيديا" لتشغيل أحد مراكز بيانات "ستارغيت" التابع لـ "OpenAI"، وفقًا لتقرير في مايو لصحيفة فاينانشال تايمز. وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشفت "CoreWeave" عن طلبية شراء بقيمة 6.3 مليار دولار على الأقل من "إنفيديا".
ومن خلال استثمارها البالغ 100 مليار دولار في "OpenAI"، ستحصل "إنفيديا" على حصة في الشركة الناشئة وتحقق إيرادات في الوقت نفسه.
ومن المتوقع أن تحقق "OpenAI" إيرادات بقيمة 13 مليار دولار فقط هذا العام، وفقًا لسارة فريار، المديرة المالية للشركة. وقالت فريار، لـ"سي إن بي سي"، إن الطفرة التكنولوجية تتطلب رهانات جريئة على البنية التحتية.
وقالت فريار: "عندما بدأ الإنترنت، ظل الناس يشعرون وكأنهم (يقولون) "يا إلهي، نحن نبني أكثر من اللازم، هناك الكثير"، مضيفة: "انظروا إلى أين وصلنا اليوم".
وقال الرئيس التنفيذي لـ"OpenAI"، سام ألتمان، لـ"سي إن بي سي" في أغسطس، إنه مستعد لإدارة الشركة بخسارة من أجل إعطاء الأولوية للنمو واستثماراتها.
لكن بعض المحللين يحذرون من هذا النهج، مجادلين بأن صفقة "OpenAI" مع "إنفيديا" تُذكر بأنماط تمويل البائعين التي ساعدت في انفجار فقاعة الإنترنت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتشير هذه الأنماط إلى قيام الشركات بتمويل عملائها بطريقة تجعلهم يقومون بشراء منتجات وخدمات بقيمة كبيرة حتى لو لم تكن لديهم المقدرة المالية الفعلية.
كانت "إنفيديا" الرابح الأكبر من طفرة الذكاء الاصطناعي حتى الآن لأنها تُنتج وحدات معالجة الرسوميات اللازمة لتدريب النماذج وتشغيل أحمال عمل الذكاء الاصطناعي الكبيرة.
وسيساعد استثمار إنفيديا في "OpenAI"، الذي سيُدفع على أقساط على مدى عدة سنوات، الشركة الناشئة على بناء مراكز بيانات تعتمد على وحدات معالجة الرسوميات الخاصة بها.
وكتبت مجموعة بيسبوك للاستثمار في مذكرة لعملائها يوم الثلاثاء: "لا تحتاج إلى أن تكون متشككًا في وعود تقنية الذكاء الاصطناعي بشكل عام لتُعتبر هذا الإعلان إشارة مُقلقة حول مدى اعتماد هذا المجال بأكمله على نفسه".
وأضافت: "إذا اضطرت إنفيديا إلى توفير رأس المال الذي يُصبح إيراداتها للحفاظ على النمو، فقد يكون النظام البيئي بأكمله غير مستدام".
وقال بيتر بوكفار، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة ون بوينت بي إف جي ويلث بارتنرز، إن أسماء شركات من أواخر التسعينيات كانت تتردد في ذهنه بعد الإعلان عن صفقة "إنفيديا" و"OpenAI".
ومع ذلك، فإن الفارق الرئيسي هو أن هذه الصفقة "أكبر بكثير من حيث القيمة المالية"، كما كتب في مذكرة.
وأشار متحدث باسم "OpenAI" لتصريحات ألتمان وفريار السابقة عند توجيه "سي إن بي سي" أسئلة للشركة، مضيفًا أن "OpenAI" تسعى إلى "فرصة تحدث مرة واحدة في القرن وتتطلب طموحًا يوازي حجم اللحظة".
ووفقًا لتقرير التكنولوجيا لعام 2025 الصادر عن شركة "Bain & Company"، قد يصل إجمالي الطلب على الحوسبة إلى 200 غيغاواط بحلول عام 2030. وسيكلف بناء مراكز بيانات كافية لتلبية هذا الطلب المتوقع حوالي 500 مليار دولار سنويًا، مما يعني أن شركات الذكاء الاصطناعي ستضطر إلى تحقيق إيرادات سنوية إجمالية تبلغ تريليوني دولار لتغطية هذه التكاليف.
وحتى لو استثمرت الشركات كل مواردها في السحابة ومراكز البيانات، فإن "المبلغ لا يزال أقل بنحو 800 مليار دولار من الإيرادات المطلوبة لتمويل الاستثمار الكامل"، بحسب تقرير "Bain & Company".