تباينت ردود المستخدمين حول النسخة الأحدث من "شات جي بي تي". وقد استذكر الكثيرون نبوءة قطب التكنولوجيا بيل غيتس التي أطلقها قبل عامين، فبعد أن طرحت شركة " أوبن إيه آي " الجيل الأحدث من نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في الأسابيع الماضية، واجهت هذه النماذج ردودا كثيرة. ووصل استياء بعض المستخدمين من النموذج الجديد لدرجة أن أحدهم وصفه قائلا "لقد دمروا شات جي بي تي" وذلك عبر حسابه في منصات التواصل الاجتماعي.
ورغم أن المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان ومن خلفه شركته قد روجوا كثيرا للنموذج الجديد قائلين إنه يقدم تجربة فريدة ومختلفة من نوعها فضلا عن كونه أذكى من البشر وأقرب إلى مستوى حملة الدكتوراة في الذكاء، إلا أن بيل غيتس مؤسس ومبتكر " مايكروسوفت " كان له رأي مختلف تماما.
ولكن توقعات غيتس حول الذكاء الاصطناعي لم تكن وليدة اليوم أو الأمس، إذ شاركها في مقابلة أجراها منذ عامين مع الصحيفة الألمانية "هاندلسبلات" (Handelsblatt) واليوم تحققت بفضل "شات جي بي تي".
أوضح غيتس في المقابلة -التي أجراها منذ عامين- أن تقنيات الذكاء الاصطناعي وصلت ذروتها عام 2023، وأضاف أنه على عكس المتوقع من "أوبن إيه آي" فإن نموذج "جي بي تي 5" لن يقدم طفرة في قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وأكد أن التحسينات التي يحملها "جي بي تي 5" تعد تحسينات طفيفة للغاية وستكون أقل من تلك التي قدمتها الشركة بالقفزة بين "جي بي تي 2″ و"جي بي تي 4" منذ عدة أعوام، وأضاف أن تلك القفزة كانت مذهلة وشهدت وصول الذكاء الاصطناعي التوليدي مستويات جديدة تماما، وذلك لأن الذكاء الاصطناعي وصل إلى سقف تطوره التقني.
كما توقع أيضا بازدياد عدد أدوات الذكاء الاصطناعي في السنوات المقبلة بشكل كبير، وأنها ستتوفر مقابل ثمن بخس لمختلف الاستخدامات فضلا عن زيادة دقتها وجودتها بما يتناسب مع متطلبات العمل الجديد.
ولا يعني هذا أن غيتس فقد اهتمامه بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ يرى مبتكر مايكروسوفت أن هذه التقنيات ستقدم المزيد من التحسينات في المستقبل وسيكون لها أثر إيجابي في كافة الأماكن وتحديدا الدول النامية.
وأضاف غيتس أن تكلفة تطوير الذكاء الاصطناعي وتدريبه تنخفض بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، وذلك بفضل تطور النماذج والمعدات المستخدمة لتشغيلها.
يمكن القول إن نبوءة غيتس لتقنيات الذكاء الاصطناعي تحققت بشكل كبير بعد عامين من ظهورها للمرة الأولى، إذ صدر "شات جي بي تي 5" مع تحسينات طفيفة بشكل أثار استياء المستخدمين وجعل الشركة تعيد النموذج السابق.
كما أن دقة نماذج الذكاء الاصطناعي ارتفعت بشكل كبير مؤخرا عن الوقت الذي خرجت فيه نبوءة غيتس، ودفع هذا التحسن "مايكروسوفت" نفسها إلى التخلي عن العديد من الوظائف لصالح الذكاء الاصطناعي.
وتوفرت أيضا الكثير من نماذج الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات المختلفة، وبمقابل زهيد، مقارنة بما حدث عند ظهور التقنية للمرة الأولى.
وانخفضت أيضا تكلفة تطوير التقنية بشكل كبير، وربما كان نموذج " ديب سيك " مثالا حيا على هذا الانخفاض الكبير في التكلفة، إذ تمكنت الشركة من تطوير النموذج بتكلفة تقل عن النماذج الكبرى المنافسة بشكل كبير.
لذلك يمكن القول بأن كافة جوانب نبوءة غيتس تحققت في أوقات مختلفة وحتى قبل مضي العامين الذين تنبأ غيتس بهم، إذ كانت مقابلته في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتحققت النبوءة في أغسطس/آب 2025 أي بعد أقل من عامين.