في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
شهدت الفترة الأخيرة هجرة كثير من العلماء من أميركا وتفكير آخرين في الهجرة بعد قرارات عدة اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكانت فرنسا من أكثر الدول استقبالا للعلماء المغادرين للولايات المتحدة وتسهيلا لإجراءات انتقالهم إليها. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن الحكومة ستخصص 100 مليون يورو لجذب الباحثين الدوليين، واصفًا خفض التمويل في الولايات المتحدة بأنه "خطأ فادح".
وعندما أعلنت جامعة فرنسية، هذا العام، برنامجا علميا لاستقبال العلماء الأميركيين، بلغ عدد العلماء الأميركيين المتقدمين بعد ثلاثة أسابيع فقط ما يقرب من 300.
كما أطلقت جامعة كوينز الكندية مبادرة خاصة لاستقطاب طلاب الدكتوراه الأميركيين.
ومن المُقرر أيضا أن يستثمر برنامج "اختر أوروبا للعلوم" المُنشأ حديثًا 500 مليون يورو ابتداءً من الوقت الحالي وحتى عام 2027 لجذب الباحثين في مختلف المراحل المهنية.
ويثير استقبال الجامعات العالمية للعلماء المهاجرين تساؤلا مهما عن قدرة الجامعات العربية على استقبال هؤلاء العلماء والاستفادة من خبراتهم العلمية لتنمية وتطوير التعليم والبحث العلمي في الجامعات العربية.
ويضيف: "ودول شمال أفريقيا مثل مصر والمغرب وتونس، ذات التراث العلمي العريق، يمكن أن تستفيد أيضًا، لكنها تواجه تحديات التمويل المحدود وهجرة الأدمغة"
ويقول العبسي، إن كثيرا من الجامعات منخرط فعلا في تطوير قدرات الموارد البشرية في المنطقة، ويضيف: "انطباعي العام هو أن الدول العربية يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة من نقل المعرفة والمكانة العالمية بجذب العلماء الأميركيين، وخاصة المغتربين، إذا توافر التمويل المستقر والبنية التحتية والسياسات الداعمة".
ويقول د. وائل الدليمي أستاذ الصحة العامة في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، ورئيس مجلس إدارة جمعية تقدم العلوم والتكنولوجيا في العالم العربي، في تصريح خاص للجزيرة نت، إن "الدول العربية لن تتمكن من استقبال العلماء المهاجرين من الولايات المتحدة إلا بتهيئة ظروف بحثية مواتية، والقدرة على المنافسة ماليًا مع الحرية الأكاديمية وحرية التعبير"
ويضيف: "هذه المتطلبات هي جوهر استقطاب العلماء، كما حدث في سنغافورة أو غيرها من الدول التي استفادت من علمائها المهاجرين".
ويقول الدكتور هاني جودارزي الأستاذ المشارك في قسم الفيزياء الحيوية والكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو في تصريح للجزيرة نت، إنه لا يملك فهمًا منهجيًا لهجرة العلماء من الولايات المتحدة الأميركية. ولكنه يعلم من تجاربه أن بعض زملائه في جامعات عالمية مرموقة في الولايات المتحدة يفكرون في المغادرة (ومعظمهم يفكر في الهجرة إلى أوروبا)، وهو أمر لم يكونوا ليفكروا فيه قبل بضع سنوات.
ويعود ذلك، بحسب جودارزي، إلى عدم اليقين بشأن التمويل بالإضافة إلى تحديات أخرى مثل حظر السفر، والتي تكون حائلا أمام استقطاب العلماء والمتدربين.
ويقول جودارزي: "أعتقد، من حيث المبدأ، أن الدول التي لديها التزام كبير بتمويل العلوم وبنية تحتية قائمة ستكون الوجهة".
ويضيف: "لا شك أن سمعة الولايات المتحدة كدولة تستثمر في العلوم والتكنولوجيا (وتستخدم العلم في صنع السياسات) قد تضررت"، ولكنه يوضح أنه لا توجد استطلاعات رأي وبيانات منهجية صدرت بعد في هذا الشأن.
ولتحقيق النجاح، بالإضافة إلى التمويل، يحتاج الباحثون إلى الوصول إلى أحدث الأجهزة، وبيئات محفزة، وطلاب ومتدربين متحمسين للعلم. أفترض أن هذه المعايير لا تتوافر في كل مكان.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول الدكتور ناصر زاوية الأستاذ بجامعة رود آيلاند والعميد السابق لمعهد جورج وآنا رايان لعلم الأعصاب، إن "العلماء واجهوا صعوبات مع تغييرات سياسات تمويل الأبحاث وتوقف بعض التمويل في عام 2025. لا توجد دراسات استقصائية أو تقارير دقيقة عن هذا الأمر، بل هي في الغالب تقارير قصصية، لكنّ كثيرا من العلماء غادروا إلى كندا وأوروبا وآسيا"
ويضيف: "استقطب الأوروبيون بعض العلماء من صندوق خاص تابع للاتحاد الأوروبي لإنقاذ العلماء. وكانت دول أخرى أكثر ترحيبًا وسهّلت هجرة هؤلاء العلماء".
وإلى الآن، لم يكن التأثير على العلوم في الولايات المتحدة ملحوظًا؛ ومع ذلك، إذا انخفض التمويل وأصبح المناخ أقل ترحيبًا، بالإضافة إلى قوانين الهجرة الصارمة، فستواجه الولايات المتحدة صعوبات في استقطاب علماء جدد، وستفقد أيضًا من يغادرون. وسيظهر هذا التأثير جليًا في السنوات القادمة.
ويقول زاوية عند سؤاله عن وجود صعوبات لدى كثير من الدول تمنعها من استقبال العلماء المهاجرين أنه لا يعلم بوجود دول تواجه صعوبات في استقبال علماء من أميركا. فهذه فرصة ممتازة لاستغلال الوضع والتسبب في هجرة عكسية للعقول.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول الدكتور رمزي عبد العزيز الباحث في علوم وتكنولوجيا النانو في جامعة آلتو الفنلندية، إن بعض الجامعات العربية قادرة على استقبال العلماء المهاجرين، لكن القدرة للجامعات الخليجية بالدرجة الأولى.
ويقول عبد العزيز إنه تبرز حاليا نحو 8-10 جامعات عربية فقط قادرة على استقبال العلماء المهاجرين بمستوى عالمي، ويضرب مثالا بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) والتي رصدت تمويلا يصل إلى 70-80 ألف دولار سنويًا لكل باحث.
وتشمل العقبات التي تعيق استقبال العلماء قيود التمويل، والبنية التحتية البحثية المحدودة، والحواجز البيروقراطية (التأشيرات والاعتراف بالمؤهلات)، بالإضافة إلى غياب الحرية الأكاديمية الكافية في كثير من الجامعات العربية.
ويضرب عبد العزيز مثالا بالصين إذ أطلقت برنامج "ألف موهبة" منذ 2008 بحوافز ضخمة وتسهيلات ضريبية، فنجحت في استعادة 80% من طلابها المبتعثين.
وبدأ فعلا عدد من العلماء الأميركيين بالعمل في جامعات الخليج، وكانت جامعة قطر قد أطلقت برنامج "شبكة العلماء العرب المغتربين" (2006) والذي يضم 5000 عضو، وتم فعلا استقطاب نماذج ناجحة، والآن بعد مرور 19 عاما تبدأ هذه المبادرة فصلا جديدا يحمل اسم "رابطة العلماء العرب".
ويضيف عبد العزيز أن الدول العربية إذا وفرت دخلا منافسًا عالميًا، وبيئة بحثية قوية، وحرية أكاديمية حقيقية، يمكن لـ 15-20 جامعة عربية (مع الاستثمار) أن تصبح جاذبة. لكن اليوم، فقط 10 جامعات كحد أقصى لديها الإمكانات الفعلية.
فالصين نجحت بخطة منظمة وتمويل حقيقي وحرية فكرية، والدول العربية بحاجة لنفس الصيغة، وليس فقط التمويل.
وتعد الدول العربية من أقل الدول إسهامًا في مجال البحث العلمي. وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة الفنار للإعلام، أن المجلات العلمية العربية تُشكل أقل من 1% من المؤشرات العالمية.
كما وجدت الدراسة أنه على الرغم من ازدياد عدد المجلات البحثية العربية، إلا أن نحو 20% منها فقط تُسهم في البحث العلمي الدولي ويُعترف بها في التصنيفات الدولية.
ووفقا لتصنيفات كيو إس لأفضل الجامعات أداءً في المنطقة العربية لعام 2026 حصلت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن على المركز الأول في المنطقة العربية، من بين ما يقرب من 300 جامعة مشاركة، تلتها جامعة قطر التي احتلت المركز الثاني، وجامعة خليفة التي احتلت المركز الثالث. ثم تلتها بالترتيب:
جامعة الملك سعود، جامعة الإمارات، الجامعة الأميركية في بيروت، جامعة الملك عبد العزيز، جامعة السلطان قابوس، الجامعة الأميركية في الشارقة، جامعة الأردن، جامعة أبوظبي، جامعة عجمان، الجامعة الأميركية في القاهرة، جامعة الشارقة، جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، جامعة الملك خالد، جامعة الأمير محمد بن فهد، جامعة الشرق الأوسط الأميركية، جامعة القاهرة، الجامعة الكندية في دبي، الجامعة اللبنانية.
بعد استقبال بعض الجامعات الأوروبية والكندية لكثير من العلماء المهاجرين من الولايات المتحدة. اتخذ مجلس الدولة في الصين قرارا بإصدار فئة جديدة من التأشيرات للمواهب الشابة في مجال العلوم والتكنولوجيا. وبناء على هذا القرار عُدلت لائحة البلاد بشأن إدارة دخول وخروج الأجانب.
وابتداء من 1 أكتوبر/تشرين الأول 2025 أضافت الصين تأشيرة جديدة (تأشيرة "كي") إلى فئات التأشيرات العادية المتاحة للمتخصصين الشباب المؤهلين في العلوم والتكنولوجيا. وهذه التأشيرة ستفتح الباب لدخول المواهب الأجنبية الشابة في مجال العلوم والتكنولوجيا بمرونة أكبر وعوائق أقل.
وبالمقارنة مع أنواع التأشيرات العادية الـ12 الحالية، فإن تأشيرات "كي" ستوفر المزيد من الراحة لحامليها من حيث عدد مرات الدخول المسموح به وفترة الصلاحية ومدة الإقامة، وفقًا لمؤتمر صحفي عقدته السلطات المعنية.
وبعد دخول الصين، يمكن لحاملي تأشيرة "كي" المشاركة في التبادلات في مجالات مثل التعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا، فضلا عن الأنشطة التجارية وريادة الأعمال.
وتعكس هذه الإضافة توجها سياسيًا أوسع، مما يُسهّل على الأفراد ذوي التعليم العالي والمهارات العالية من جميع أنحاء العالم المساهمة في منظومة الابتكار الصينية.
وقال مسؤولون في مؤتمر صحفي، إن القرار يهدف إلى مواصلة تنفيذ إستراتيجية تنمية القوى العاملة في الصين في العصر الجديد، وتسهيل دخول المواهب العلمية والتكنولوجية الشابة الأجنبية إلى الصين، وتعزيز التعاون والتبادلات الدولية بين المتخصصين الشباب في العلوم والتكنولوجيا.
ووفقًا للإدارة الوطنية الصينية للهجرة، بلغ عدد الرحلات التي قام بها مواطنون أجانب من وإلى الصين في الأشهر الستة الأولى من عام 2025 إجمالي 38.05 مليون رحلة، بزيادة قدرها 30.2% على أساس سنوي.
من هذه الرحلات، كانت 13.64 مليون رحلة دخول بدون تأشيرة، بزيادة قدرها 53.9% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وترتبط إضافة تأشيرة "كي" الجديدة بالأولويات الإستراتيجية الوطنية الموضحة في تقرير المؤتمر الوطني العشرين للصين، حيث ذكر المؤتمر أن "العلم هو القوة الإنتاجية الأساسية، والموهبة هي المورد الأساسي، والابتكار هو المحرك الأساسي".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة