Excavations of a workshop that was buried in Pompeii almost 2000 years ago have given archaeologists unique insights into Roman construction techniques and the longevity of the empire’s concrete https://t.co/HxRB8kAP82
— New Scientist (@newscientist) December 9, 2025
لطالما احتلت الخرسانة الرومانية القديمة مكانة أسطورية في تاريخ الهندسة، حيث صمدت هياكلها الضخمة لأكثر من ألفي عام بينما تتهاوى نظيراتها الحديثة بعد عقود قليلة.
وهذا التفوق الزمني المذهل دفع العلماء لعقود لمحاولة فك شفرتها، وفي عام 2023 قدم فريق بقيادة البروفيسور أدمير ماسيتش من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حلا للغز: عملية "الخلط الساخن" الفريدة التي كانت السبب وراء متانتها الأسطورية.
Building materials found in partially constructed rooms in Pompeii offer clues into how ancient Romans made cement, says research in @NatureComms. Insights improve our understanding of ancient Roman technologies that kept structures standing for centuries: https://t.co/Ol0T6hZoCI
— Springer Nature (@SpringerNature) December 10, 2025
واكتشف الفريق أن السر يكمن في الخطوات الدقيقة التي اتبعها الرومان عند تحضير الخرسانة، حيث كانوا يخلطون قطع الجير الحي (الكويكلايم) مع الرماد البركاني ومكونات أخرى في حالتها الجافة أولا، قبل إضافة الماء.
وهذه العملية تولد حرارة عالية تؤدي إلى تشكل حبيبات جيرية صغيرة بيضاء تبقى محبوسة داخل المزيج. وعندما تبدأ الشقوق بالظهور في الخرسانة مع مرور الزمن، تذوب هذه الحبيبات الجيرية من جديد وتملأ الفراغات، مانحة المادة قدرة مذهلة على "الإصلاح الذاتي".
لكن هذا الاكتشاف وضع العلماء في موقف محرج، لأنه يتعارض مع ما كتبه المهندس المعماري الروماني الشهير فيتروفيوس في القرن الأول قبل الميلاد في كتابه المؤثر "دي أركيتكتورا"، الذي يعد أول مرجع معروف في نظرية العمارة. وذكر فيتروفيوس بوضوح أن الرومان كانوا يخلطون الجير بالماء أولا ليصنعوا عجينة، ثم يضيفون المكونات الأخرى.
Ancient Construction Site at Pompeii Sheds Light on Rome's Miraculous Self-Healing Cement https://t.co/j1QExCOe6D
— Gizmodo (@Gizmodo) December 9, 2025
ويقول ماسيتش: "كان احترامنا الكبير لفيتروفيوس يجعل من الصعب القول إن وصفه قد يكون غير دقيق. كتاباته هي التي ألهمت اهتمامي بالعمارة الرومانية، والآن تتعارض نتائج بحثي مع هذه النصوص التاريخية المهمة".
وجاء الحل من حيث لم يتوقع العلماء. فقد اكتشف علماء الآثار موقع بناء قديم في بومبي محفوظا بشكل مذهل تحت الرماد البركاني منذ ثوران بركان فيزوف عام 79 ميلادي. وهذا الموقع كان بمثابة كبسولة زمنية حافظت على كل تفاصيل عملية البناء الرومانية، بما في ذلك أكوام المواد الجافة الجاهزة للاستخدام، والأدوات، والجدران غير المكتملة.
وعند تحليل العينات من هذا الموقع، وجد الفريق أدلة قاطعة تؤكد استخدام تقنية الخلط الساخن. فقد اكتشفوا قطعا سليمة من الجير الحي ممزوجة بالمكونات الجافة الأخرى، بالإضافة إلى وجود تلك الحبيبات الجيرية المميزة في الخرسانة المتصلبة. والأهم من ذلك، استخدم الفريق تقنيات متطورة لتحليل النظائر المستقرة مكنتهم من التمييز بوضوح بين الجير المخلوط ساخنا والجير المطفأ الذي وصفه فيتروفيوس.
ولم يتوقف الاكتشاف عند هذا الحد. فتحليل المكونات البركانية في الخرسانة كشف عن تنوع مدهش في المعادن التفاعلية، خاصة في مادة الخفاف البركاني. وهذه المعادن تستمر في التفاعل كيميائيا مع محيطها لقرون طويلة، مكونة ترسبات معدنية جديدة تعزز متانة الخرسانة باستمرار وتزيد من قدرتها على الإصلاح الذاتي.
أما بالنسبة للتناقض مع فيتروفيوس، فيطرح ماسيتش تفسيرا جديدا يقول إنه ربما تم فهم كتابات فيتروفيوس بشكل خاطئ عبر القرون، خصوصا أنه ذكر في موضع آخر وجود حرارة كامنة خلال عملية الخلط، ما قد يشير ضمنيا إلى تقنية الخلط الساخن.
وهذا البحث ليس مجرد إعادة كتابة للتاريخ، بل له تطبيقات عملية عميقة. فقد أسس ماسيتش شركة ناشئة تستلهم من هذه الاكتشافات لتصميم خرسانة حديثة ذاتية الإصلاح. كما أن فهم كيفية تفاعل الكالسيوم على مدى آلاف السنين يمكن أن يحدث ثورة في صناعة مواد البناء المعاصرة.
المصدر: Eurekalert
المصدر:
روسيا اليوم