آخر الأخبار

وفيّات فندق أسطبنول: الاشتباه بوجود غاز الفوسفين القاتل

شارك
جرى إخلاء الفندق في منطقة فاتح، حيث أقامت العائلة قبل نقلها إلى المستشفى، على أثر التسمم الكيميائي. صورة من: Chris McGrath/Getty Images

التسمم الكيميائي، وليس مرضا منقولا بالغذاء، هو السبب المحتمل لوفاة عائلة ألمانية تركية في إسطنبول  الأسبوع الماضي، الأمر الذي سلط الضوء على دور المبيدات المنتجة للفوسفين، بعد عدة حوادث مشابهة في تركيا وحول العالم. فقد ذكرت صحيفة "جمهوريت" المحلية النتائج الأولية من التحاليل الجنائية التي أجريت على عينات مأخوذة من جثث الأم وطفليها اللذين توفيا بين الثالث عشر والرابع عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، والأب الذي توفي بعد ثلاثة أيام.

مقتطفات من التقرير الأول قالت إن المحققين يعتقدون بشكل أولي أن الوفاة حدثت نتيجة تسمم كيميائي ناجم عن الظروف في الفندق الذي كانوا يقيمون فيه. ولا تزال الفحوصات الباثولوجية لجثث الضحايا، مع التحاليل الميكروبيولوجية للكشف عن مسببات الأمراض، والسمية للكشف عن السموم، والتحاليل الكيميائية، قيد الإجراء.

في البداية، اشتبه في أن   العائلة أصيبت بتسمم غذائي بعد تناول الطعام عند باعة أطعمة في شارع في منطقة أورتاكوي الشهيرة في إسطنبول، وتم توقيف عدة أشخاص مرتبطين بمقدمي الأطعمة المحليين الذين زارتهم العائلة. لكن التسمم الغذائي لم يعد يعتبر السبب المرجح للوفاة.

المبيدات القاتلة تتطلب استخداما دقيقا

جرى إخلاء الفندق في منطقة فاتح، حيث أقامت العائلة قبل نقلها إلى المستشفى، على أثر التسمم الكيميائي. وأشارت تقارير إلى أن مبيدات استخدمت للسيطرة على انتشار بق الفراش قد تسربت إلى غرفة العائلة عبر نظام تهوية الفندق. ولم تؤكد السلطات ذلك بعد.

ومع ذلك، فقد أثارت هذه الفرضية مرة أخرى القلق بشأن استخدام المواد الكيميائية الصناعية في أماكن يمكن أن تشكل خطرا كبيرا على حياة البشر. تتضمن هذه المواد الفوسفيدات المعدنية، وهي فعالة في مكافحة الآفات لكنها قد تسبب مرضا شديدا أو الوفاة إذا جرى التعامل معها بطريقة غير صحيحة. وأحد هذه المبيدات هو فوسفيد الألمنيوم، المادة التي يزعم أنها استخدمت في الفندق.

فوسفيد الألمنيوم مركب كيميائي يستخدم عادة لقتل القوارض في مخازن الحبوب ولمنع تلف المحاصيل، ويستخدم بعيدا عن البشر، مثل داخل جحور القوارض. وهو مرخص للاستخدام الزراعي في تركيا وفي العديد من الدول الأخرى. وعند تعرضه لرطوبة الهواء، يتفاعل هذا المركب الصلب ويطلق غاز الفوسفين، وهو غاز قاتل للحيوانات. ومن العلامات المبكرة للتسمم القيء أو سعال الدم. وقد أفيد بأن العائلة المتوفاة قد ظهرت عليها هذه الأعراض.

قال جاويت إسك ياووز، وهو طبيب صحة عامة وبيئية في جامعة حاجت تبة، لـ DW إن "فوسفيد الألمنيوم عادة لا يسمح باستخدامه في البيئات المنزلية"، مشيرا إلى إنه "وفقا للتشريعات التركية، يمكن استخدام فوسفيد الألمنيوم بوصفه منتجا لحماية النباتات في مرافق تخزين منتجات مثل الحبوب والقمح والذرة، وليس في الأماكن المصنفة على أنها أماكن للصحة العامة مثل المنازل والفنادق وأماكن العمل. وتشرف وزارة الصحة التركية على استخدام المواد البيوسيدية في الأماكن المصنفة على أنها أماكن للصحة العامة". وقد شارك ياووز مؤخرا في تأليف تقرير يراجع الاستخدام الصحيح وإدارة هذا المركب.

الفندق الي سكنته الأسرة وقضت فيه نحبها. صورة من: Chris McGrath/Getty Images

لا ينصح باستخدام الفوسفين لمكافحة الآفات في البيئات المنزلية

على الرغم من أن مبيدات الفوسفات يوصى بها لمخازن الحبوب الكبرى وللاستخدام من قبل مهنيين مرخصين فقط، فإنه غالبا ما يتم تخفيف هذه المواد لتقليل الخطر الذي قد تشكله على العمال والناس. وأضاف ياووز: "تتطلب القوانين وعمليات التفتيش، وكذلك وعي الأفراد بالمواد البيوسيدية، أن يكونوا على دراية بالمخاطر المحتملة لهذه المنتجات. ويجب أن يطبق المهنيون المدربون المنتجات الصحيحة في الأماكن المناسبة، مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة".

ومثل تركيا، تحظر العديد من الدول استخدام الفوسفيدات المعدنية في القضاء على بق الفراش. لكن تطبيق القوانين والسيطرة على هذه المواد قد يكون محدودا، وقد استخدم فوسفيد الألمنيوم على نطاق واسع في الدول المتوسطة والمنخفضة الدخل لمكافحة القوارض والحشرات.

كما شهدت تركيا في السابق وفيات بسبب سوء استخدام فوسفيد الألمنيوم. ففي عام 2023، أدى استخدامه في مكافحة بق الفراش إلى وفاة أم وطفل، وإلى نقل عشرة أشخاص إلى المستشفى. وتم الإبلاغ عن حوادث أخرى مشتبه بها في 2024.

كما حدثت حوادث أخرى حول العالم. ففي عام 2015، تسبب حادث مشابه لمكافحة بق الفراش باستخدام فوسفيد الألمنيوم المهرب بشكل غير قانوني من باكستان في شقة في كندا في وفاة طفلين وإدخال أربعة أفراد آخرين من العائلة إلى المستشفى.

في البداية، اشتبه في أن العائلة أصيبت بتسمم غذائي بعد تناول الطعام عند باعة أطعمة في شارع في منطقة أورتاكوي الشهيرة في إسطنبول.صورة من: DHA

مكافحة بق الفراش ممكنة بطرق بسيطة

تقدم وكالات الصحة حول العالم إرشادات مختلفة للسيطرة على بق الفراش، وهي حشرات صغيرة مسطحة ذات لون محمر وتتغذى على الدم في الغالب، توصي هذه الوكالات بالحفاظ على غرف النوم نظيفة ومرتبة وخالية من الفوضى، لأن هذه الحشرات تحب العيش في الأماكن الضيقة.

يمكن العثور على بق الفراش عادة في دروز المراتب، وحول هياكل الأسرة، وعلى أثاث غرف النوم، وفي شقوق الأرضيات والجدران. وبالإضافة إلى وجود خبراء مكافحة الآفات، يمكن أن تساعد نظافة غرف النوم في منع انتشارها. وعلى الرغم من أن بعض العلاجات الشعبية والمنزلية مثل بخاخات الخل والزيوت العطرية يتم اقتراحها أحيانا، فإن الأدلة العلمية على فعاليتها قليلة.

وتتمثل الطريقة الأكثر موثوقية للتحكم ببق الفراش، والتي توصي بها معظم الجهات الصحية، في الغسل والتجفيف المنتظم لأفرشة غرف النوم بدرجة حرارة عالية، وكنس غرف النوم وهياكل الأسرة والمراتب، واستخدام البخار في المناطق المصابة بدرجة خمسين درجة مئوية مئة وعشرين درجة فهرنهايت. وإذا تم الاستعانة بمهنيين، فإن التأكد من استخدامهم مبيدات معتمدة وآمنة للبشر يعد خطوة جيدة أيضا.

أعده للعربية: عباس الخشالي
تحرير: يوسف بوفيجلين

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار