آخر الأخبار

مقتل مهندس كيمياء نووية مصري وجدل المنصات.. ما رأي العلماء؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

منذ تخرج المصري الشاب عبد الله أحمد الحمصاني في كلية الهندسة لم يمارس أي أعمال لها علاقة بتخصص "مهندس كيمياء نووية" المدون ببطاقته، ومع ذلك كان تدوين هذا التخصص ببطاقته كفيلا بإثارة زخم كبير صاحب مقتلة في حادث جنائي بشع في منطقة كرموز بمحافظة الإسكندرية.

ولقي الحمصاني، الذي يعمل مندوب مبيعات بأحد توكيلات السيارات، حتفه على يد زميل له، إثر خلافات نشبت بينهما، قام على إثرها الجاني بإطلاق أعيرة نارية تجاه المجني عليه محدثاً إصابته التي أدت إلى وفاته، وفر هارباً بسيارته، وهذا ما أعلنته الداخلية المصرية في بيان رسمي.

واستبق فرع نقابة المهندسين بمحافظة الاسكندرية صدور بيان الداخلية الذي كشف تفاصيل الحادث، بإصدار بيان يبدو في ظاهرة تعزية لأسرة الشاب، لكن الرسالة التي يمكن قراءتها منه أنه يحاول تهدئة حالة الجدل التي أشعلها مقتل الحمصاني بنفي أي علاقة له بـ"الكيمياء النووية" حتى وإن كانت مدونة في بطاقته.

وأوضحت النقابة في بيانها أن المجني عليه خريج قسم البتروكيماويات بإحدى الجامعات الخاصة، وهو تخصص لا توجد له شعبة منفصلة في النقابة، ومدمج مع الهندسة النووية في شعبة "الكيمياء والنووية" والمقيد بها الراحل، وبالتالي فإنه لم يكن له أي علاقة بالتخصصات النووية، حتى أثناء دراسته، حيث إن تخصص البتروكيماويات يعد أحد فروع الهندسة الكيميائية فقط.

غير أن ذلك لم يمنع الخبر من الانتشار كالنار في الهشيم، لينضم لواحدة من هذه الحكايات التي تستمد زخمها من قصص استهداف العلماء العرب العاملين في مجال الطاقة النووية، والتي يكتنف بعضها الكثير من المبالغات، لكن البعض الآخر كان حقيقيا تماما، كما قال خبراء تحدثوا للجزيرة نت.

بعد إيجابي يجب استثماره

ومع أن حالة الزخم التي صاحبت تلك الحادثة، يمكن قراءتها من منظور سلبي تحدث عنه الدكتور عبد الناصر توفيق رئيس المركز المصري للفيزياء النظرية، وهو محاولة البحث عن بطل غير موجود وإنجاز علمي لم يتحقق، إلا أن لها أيضا بعدا إيجابيا يمكن استثماره، وهو أن التخصصات النووية على ما يبدو لها رونق جذاب في أذهان الناس.

إعلان

ويقول توفيق للجزيرة نت إن "الجانب السلبي للقصة يرتبط بقصص مشكوك في صحتها في مصر، تم نسجها في عهود سابقة واستثمارها سياسيا، وتتحدث عن علماء مصريين تم اغتيالهم بواسطة جهات مخابراتية لاقترابهم من هذه المنطقة النووية".

وباستثناء الدكتور يحيى المشد الذي اغتيل في فرنسا بسبب عمله في البرنامج النووي العراقي، فإن توفيق يشكك في صحة القصص الأخرى، والتي لا يوجد في الإنتاج العلمي لأصحابها مع يبررها، ويجعل من أصحابها هدفا لجهات مخابراتية.

ويضيف "أتحدث هنا عن العالم المصري مصطفى مشرفة، والذي نفى شقيقه بنفسه قصة اغتياله، وتحدث عن وفاة طبيعية في 16 يناير/كانون الثاني 1950، والعالمة سميرة موسى التي توفيت في حادثة سير".

ما "النووي" من الأساس؟

ويوضح توفيق أنه يجب التوعية بأن كلمة "نووي" لا تعني فقط الاستخدامات العسكرية، لأن ذلك ما يفهمه أغلب الناس، بالرغم من وجود مشروع قومي هو "مفاعل الضبعة النووي" والذي يستهدف في الأساس توظيف الطاقة النووية في الاستخدامات السلمية، وأهمها إنتاج الكهرباء.

ويضيف أن "مثل هذه المشروعات ستحتاج لشباب مؤهل، واعتقد أنه يمكن استثمار حالة الانبهار التي تستدعيها كلمة نووي لافتتاح الكثير من الأقسام في الجامعات المصرية، مع مزيد من التوعية بأن العاملين بها بمنأى عن أي استهداف، لأنهم ببساطة مستخدمين للوقود النووي الذي يورد لهم بمواصفات تلاءم الاستخدام السلمي، وليسوا منتجين له.

ويتم إعداد الوقود النووي المؤهل للاستخدامات العسكرية بطريقة تسمح بإنتاج طاقة شديدة ومركزة بسرعة أو لإنتاج مواد صالحة للاستخدام العسكري، مثل نظائر يمكن استخدامها في رؤوس حربية، بينما الوقود الذي سيستخدم في مشروعات مثل مشروع الضبعة، مصمم لتوليد حرارة وكهرباء بكفاءة وبأمان، ولم يصل لدرجة تخصيب تسمح بتوظيفه لاستخدامات عسكرية.

ومع أن بيان "المهندسين" المصرية يلمح لعدم وجود تخصص قائم بذاته في الجامعات المصرية يجمع بين الكيمياء والنووي، فإن توفيق يشير إلى أنه يتم تدريسه كجزء من التخصص الأوسع وهو الطاقة النووية، لكن ذلك في رأيه غير كاف لأن تخصص "الكيمياء النووية" الأقرب للاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

ويقول "صحيح أن بعض طرق تخصيب اليورانيوم تعتمد على وسائل كيميائية، تحتاج إلى هذا التخصص. لكن الدول التي لا تملك تقنيات التخصيب، تحتاج له بشدة في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ومنها على سبيل المثال إنتاج النظائر لأغراض الصناعة والبحث العلمي، وإنتاج النظائر المشعة التي تلعب دورا محوريا في تشخيص الأمراض وعلاجها، وقياس ومراقبة مستويات الإشعاع، ووضع سياسات لحماية العاملين بمحطات الطاقة النووية والجمهور".

أمنية مفقودة

ويتفق الدكتور ماهر القاضي، أستاذ مساعد الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا الأميركية، مع ما ذهب إليه الدكتور توفيق، من ضرورة استثمار الزخم الذي أحدثته الحادثة لتدعيم التوعية بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية، لكنه لا ينكر أيضا أنها تعبر عن رغبة لدى المواطن أن يكون لدينا قدرة نووية.

ويقول القاضي للجزيرة نت "استدعاء قصص الماضي في مصر والتي يكتنفها كثير من المبالغات في تلك الحادثة، هي تعبير عن تمسك المواطن بحلم امتلاك قدرة نووية مثل دول في المنطقة تعاني اقتصاديا مثلنا، وأقصد هنا باكستان".

إعلان

ويضيف "المواطن خيل له أن لدينا مشروعا دفع جهات مخابراتية لاستهداف المهندس الشاب، وهو ما يفسر الاهتمام بتلك الحادثة على منصات التواصل الاجتماعي، ويفسر أيضا سرعة الكشف عن ملابساتها وإصدار بيان سريع يعلن القبض على الجاني".

ومع مشاركة القاضي للمواطن البسيط هذه الأمنية، إلا أنه يعترف أن تحقيقها صعب، ليس بسبب العلم الذي يقف خلف تخصيب اليوانيوم لأن ذلك لم يعد المشكلة، ولكن الصعوبة في امتلاك الأجهزة التي تساعد على تحقيق ذلك.

ويختم "هذه الأجهزة لا تأتي إلا من أماكن محددة، ومجرد السعي لامتلاكها رسالة تفهمها الأجهزة المخابراتية بأنك تسعى لتخصيب اليورانيوم للاستخدامات العسكرية".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار