آخر الأخبار

قصة ذبابة "السرفيد" التي تخدم البشر أكثر مما يظنون

شارك

كشف موقع ميداني غير معتاد، عبارة عن جزيرة فولاذية وسط بحر الشمال، مدى بُعد ما يمكن أن تقطعه الذبابات الحوامة المهاجرة التي تسمى "السرفيد".

حطت الذبابة على منصة نفطية تبعد 200 كلم عن سواحل أسكتلندا، مع حبوب لقاحٍ عالقة على أجساد معظم الحشرات التي فحصها العلماء، ما يبرهن أن هذه المهاجرات قادرات على نقل جينات النبات عبر مساحات شاسعة من المياه المفتوحة.

في الدراسة التي نشرت يوم 18 سبتمبر/أيلول في مجلة "جورنال أوف أنيمال إيكولوجي" حلل باحثون من جامعة إكستر البريطانية 121 ذبابة حوامة هبطت على المنصة في حقل بريتانيا النفطي.

ومع وجود صفر نباتات على المنصة ولا يابسة قريبة، فإن أي حبوب لقاح تحملها الحشرات لا بد أنها قادمة من أماكن بعيدة. في الواقع، كانت 92% من الذبابات تحمل حبوب لقاح من نحو 14 نوعا نباتيا، منها محاصيل شائعة.

هذه الملاحظة البحثية مهمة جدا في سياق فهم الدور الذي تلعبه أصغر الكائنات الحية، تلك التي ربما لا نلاحظ وجودها حتى، في الحفاظ على بيئة الأرض، فبدون كائنات كهذه سنفقد الكثير جدا من غطاء الكوكب النباتي، وهو ما يؤثر مباشرة على حياة البشر.

مصدر الصورة حلل الباحثون 121 ذبابة حوامة هبطت على المنصة في حقل بريتانيا النفطي (كريج هانا-جامعة إكستر)

سعاة للمحاصيل

يقول المؤلف الرئيسي في الدراسة توبي دويل، الباحث في مركز البيئة والحفظ في جامعة إكستر، إن الفريق حلل عينات حبوب اللقاح وأنماط الرياح، ومن ثم تمكن من تقدير أن العديد من الذبابات جاءت من أماكن تشمل هولندا وشمال ألمانيا والدانمارك، على بعد أكثر من 500 كيلو متر.

وأضاف، في تصريحات لـ"الجزيرة.نت"، "كانت أكثر حبوب اللقاح شيوعا من القراص الشائع والبلسان الأسود ونبات الميدوسويت، لكنها حملت أيضا حبوب لقاح لمحاصيل تشمل الخضراوات والبقوليات والحبوب والمكسرات والفواكه".

إعلان

تشير الدراسة إلى أن الذبابة الحوامة تلقح النباتات البرية والمزروعة أثناء هجرتها، كما أن يرقاتها مكافحة طبيعية للآفات تتغذى على المن الذي يضر بغلال المزارع.

ويضيف "من خلال طيرانها في أنحاء أوروبا، تقدم هذه الذبابات المهاجرة على الأرجح طيفا من الفوائد الحيوية للبشر ولتنوع النباتات، فهي ملقحات نافعة، كما أن ذبابة السرفيد مكافح طبيعي يتغذى على آفات مثل المن، ما يسهم في تقليل أضرار المحاصيل".

وتؤثر هذه الحركة بعيدة المدى في تدفق الجينات، أي تبادل المادة الوراثية بين تجمعات النباتات، إذ إن النقل المنتظم لحبوب اللقاح لمسافات مئات الكيلومترات يمكن أن يساعد في الحفاظ على التنوع الجيني وصحة النباتات، وربما تعزيز قدرتها على مقاومة الأمراض وتقلبات المناخ.

مصدر الصورة اصطاد الفريق الذبابات التي وصلت في يونيو (كريج هانا-جامعة إكستر)

ركوب التيارات الهوائية

اصطاد الفريق الذبابات التي وصلت في يونيو الذي يرجح أنه هو شهر الهجرة، وشهر يوليو الذي تتجه فيه الهجرات جنوبا، وتفضل الذبابات الطيران مع الرياح المواتية، فتنتظر هبوبها في الاتجاه المرغوب قبل الإقلاع.

وعلى الأرجح فإن المنصة كانت محطة استراحة، أو محاولة للعثور على غذاء، بعد ساعات من التحليق، وفقا للمؤلف الرئيسي للدراسة.

لتتبع مسارات الحشرات، جمع العلماء بين تحديد أنواع حبوب اللقاح وتحليل مسارات الرياح الراجعة، لبناء صورة عن الأماكن التي يحتمل أن الذبابات جاءت منها خلال اليوم أو اليومين السابقين.

ولأن المنصة بلا أزهار، فإن أي حبوب لقاح لا بد أنها التقطت على اليابسة قبل الرحلة، ويشمل ذلك حبوبا من محاصيل كالحبوب والبقول، ما يدل على أن الذباب الحوام يمكنه وصل مناظر زراعية متباعدة.

يوضح "دويل" أن الذباب الحوام من أكثر الملقحات وفرة في أوروبا، وكثير من أنواعه يهاجر موسميا بأعداد هائلة.

وتؤكد النتائج كذلك القيمة الاقتصادية للحفاظ على مسارات هجرة الحشرات ودعم الموائل عبر القارة، فالأسيجة المزروعة وحواف الحقول والأشرطة المزهرة في المدن تؤمن الوقود للمهاجرين قبل وبعد الرحلات الطويلة، كما أن خفض استخدام المبيدات التي تضر بالذباب الحوام يمكن أن يحمي هذه الخدمة البيئية المجانية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار