آخر الأخبار

ما حقيقة "كرة بوغا" الكولومبية الغامضة التي حيَّرت العلماء؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أثارت كرة معدنية غامضة عُثر عليها في كولومبيا، تكهنات، "ما إذا كانت دليلاً على وجود تكنولوجيا فضائية متقدمة، أو الأجسام الطائرة المجهولة"، حيث تباينت الآراء عن أصلها، ويسعى الخبراء إلى إيجاد إجابات واضحة.

رصدت الكرة الغريبة، التي تحمل نقوشًا زخرفية، وهي تُحلِّق في نمط غير منتظم في سماء مدينة بوغا في الجزء الغربي من البلاد، قبل أن تهبط وتُصادر، في 2 مارس/آذار الماضي، وفقًا لمقاطع فيديو نُشرت عبر الإنترنت.

ولم تؤكد أي تقارير رسمية أو تحليلات علمية، حتى الآن، مزاعم سقوط الكرة أو سلامة الفيديو، وتعتمد القصص فقط على روايات شهود عيان، واعتبر كثيرون أن الجسم قد يكون بالونًا أو أن الفيديو أُنشئ باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وبحسب ما ورد، استعاد السكان المحليون -الذين يزعمون أن الجسم من أصل فضائي- الكرة بسرعة، التي قيل إنها تزن نحو 4.5 أرطال، وأن درجة حرارتها عند لمسها كانت مشابهة لدرجة حرارة الثلاجة، مما جذب اهتمام هواة الأجسام الطائرة المجهولة، ونُقلت إلى المكسيك لتحليلها.

مصدر الصورة يعتقد بعضهم أن الكرة لها علاقة بحضارة فضائية (بيكسابي)

رموز مشفرة

وفقًا لنتائج مسوحات مجهرية جديدة أجراها فريق من العلماء في المكسيك لكن لم تعلن النتائج في دراسات خاضعة للتحكيم، يبدو أن الجسم الغريب تسبب في تجفيف الحقل، ما أدَّى إلى تلف العشب والتربة في المنطقة التي سقط فيها.

وأشار باحثون من الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك إلى أن ما حدث لا يُرجح أن يكون بفعل إشعاع تقليدي، بل ربما ناتج عن نوع من الطاقة غير المرئية، امتصت الماء من التربة والعشب، مما أدى إلى موتهما وفقدانهما القدرة على النمو من جديد، وأضاف الباحثون أن هذه الظاهرة قد تكون ناجمة عن جسيمات تُعرف بـ"الأنيونات"، وهي جسيمات دقيقة محمولة في الهواء تحمل شحنة كهربائية سالبة.

لكن إلى الآن لم تصدر أبحاث تدعم هذه الفرضيات، وفي نفس السياق، فجدير بالذكر أن بعض الباحثين من نفس الجامعة كانت لهم علاقة بادعاءات الصحفي المكسيكي خايمي موسان قبل عدة سنوات عن جثث محنطة في علب خشبية وزجاجية صغيرة أثناء جلسة استماع عن الكائنات الفضائية في الكونغرس المكسيكي، ثم تبين أنها ليست فضائية، وكان هناك نوع من التضليل.

الغلاف الخارجي للكرة حُفر عليه علامات تشبه النصوص القديمة، بما فيها الرونية (الكتابة الإسكندنافية القديمة)، والأوغام (كتابة سلتيّة قديمة)، والمسمارية (كتابة حضارات ما بين النهرين).

إعلان

وباستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، ادّعي بعض الباحثين أنهم فكّوا الرموز الغامضة المنقوشة التي يعتقدون أنها تحمل معاني أو رسائل أو إشارات أو مضمونا فلسفيا، ربما تقنية متقدمة مشفرة. وتقول الرسالة المزعومة التي لم يتم حتى الآن، فك شيفرتها علميا ونهائيا: "أصل الولادة من خلال الاتحاد والطاقة في دورة التحول، ونقطة التقاء الوحدة والتوسع والوعي-الوعي الفردي".

ولكن وفقًا للدكتورة بياتريز فيلارويل، الباحثة في علم الفلك في المعهد الشمالي للفيزياء النظرية (نورديتا) في ستوكهولم، التي تقود مشروع "المصادر المتلاشية والظاهرة خلال قرن من الرصد"، الذي يهدف إلى تحديد الأجسام التي تظهر وتختفي فجأة في الصور الفلكية، فإنه "لم يصدر حتى الآن أي تقرير علمي رسمي يعلن فك شيفرة هذه الرموز أو يحدد معناها بدقة".

وتضيف فيلارويل في حديثها للجزيرة نت، "تبقى التفسيرات مفتوحة بين فرضيات الرسالة الفضائية، أو الرمز التاريخي، أو حتى الاحتمال بأن تكون جزءًا من خدعة متقنة أو تجربة بشرية سرية أو مشروع تكنولوجي غير معروف المصدر".

مصدر الصورة ادّعى باحثون أنهم فكّوا الرموز الغامضة المنقوشة (مواقع التواصل الاجتماعي)

خصائص غير مألوفة حقا؟!

ويقول الباحثون الذين فحصوا الكرة، ووجدوا أن لها حواف غير منتظمة، مما يدل على أنها جسم صلب، أن تصميمها يتعارض مع أساليب التصنيع التقليدية، وأنها لا تحتوي على أي لحامات أو وصلات مرئية تشير إلى أن الجسم من صنع الإنسان، وهو ما دفع بعضهم إلى الاعتقاد، أنها قد تكون من خارج الأرض. وذكر فيلاسكيز أن تصميمها لا يشبه أي شيء صادفه من قبل، لكنه أشار إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الاختبارات لتحديد أصلها.

واستخدم هذا الفريق الأشعة السينية لفحص الكرة، واكتشفوا أنها تتميز ببنية فريدة من 3 طبقات معدنية مختلفة الكثافة، مع نسب نقاء عالية للألمنيوم وبعض المعادن النادرة، إضافة إلى وجود رقاقة إلكترونية محاطة بـ18 كرة ميكروية (ميكروسفيرات) حول نواة مركزية أطلقوا عليها اسم "شريحة"، بسبب ترتيبها الدقيق وموقعها داخل الكرة، مما يشير إلى وجود تكنولوجيا متقدمة أو هندسة متعمدة.

ولكن في المقابل، أعربت فيلارويل، وهي عضو المجلس الاستشاري لـ"مؤسسة سول" التي تركِّز على موضوعات مرتبطة بالظواهر الجوية غير المحددة، المعروفة أحيانًا باسم "الأجسام الطائرة المجهولة"، عن شكوكها في أن الكرة لها أصل فضائي، وقالت "لا توجد حتى الآن أدلة علمية قاطعة منشورة في المصادر العلمية المعتبرة تثبت قطعا أن الكرة ليست من صنع الإنسان.

وتضيف فيلارويل "تبقى الأدلة العلمية الحالية تشير إلى أن الكرة تمتلك خصائص غير مألوفة، مما يصعب تصنيفها ضمن التكنولوجيا البشرية المعروفة، لكنها لا تقدم برهانًا قاطعًا ينفي ذلك تمامًا".

ومع ادعاءات استثنائية بهذا الشكل، فمن المفترض أن تكون الدلائل استثنائية كذلك، أي أن يقوم عدد من فرق البحث الطبية والأركيولوجية بدراسة هذه الحفريات ونشر عدد من الورقات البحثية المستقلة التي راجعها علماء آخرون (مراجعة الأقران) لتأكيد تلك المعلومة، وهذا لم يحدث إلى الآن في أي من الادعاءات السابقة للباحثين المكسيكيين.

إعلان

وأشار تقرير للبنتاغون صدر العام الماضي إلى عدم وجود أي رصد مؤكد لأجسام طائرة مجهولة من أصل فضائي أو تفاعل بشري مع كائنات خارجية، رغم ادعاءات بعض المطلعين دون تقديم أدلة.

وأمر الكونغرس الأميركي بإعداد هذا التقرير الذي شمل وثائق سرية وغير سرية ومقابلات جديدة، ضمن تحقيق في تاريخ الأجسام الطائرة المجهولة، التي يُشار إليها الآن باسم الظواهر غير المفسرة، وأنشأت وزارة الدفاع مكتبًا خاصًا للتعامل مع هذه الظواهر.

مصدر الصورة مع ادعاءات استثنائية فمن المفترض أن تكون الدلائل استثنائية كذلك (مواقع التواصل الاجتماعي)

نتائج تحيط بها الشكوك

كشفت التحاليل التي أُجريت على الكرة عن خصائص أخرى غير مألوفة، كما قال الباحثون من الجامعة الوطنية المستقلة، فقد وُجد داخلها شبكة معقدة من الأسلاك البصرية الدقيقة الممتدة في اتجاهات مختلفة، ما يشير وفق الباحثين إلى أن مثل هذه البنية قد تسمح للكرة بوظائف متعددة، مثل إرسال واستقبال الإشارات، ومعالجة البيانات، والتحكم وربما التفاعل مع البيئة المحيطة.

وجود هذه الخصائص في جسم غامض دفعت فريق من العلماء إلى الاعتقاد، أنه قد يكون دليلاً على تكنولوجيا فضائية أو تقنية متقدمة غير بشرية ومع ذلك، تقول فيلارويل "وجود رقائق إلكترونية وأنظمة دقيقة يشير إلى أن الكرة قد تكون مجرد جهاز تقني متطور، ربما لغرض المراقبة أو التواصل".

من النتائج أيضًا التي روَّج لها الباحثون ما ذكره ديفيد فيليز إل بوترو، أحد أعضاء فريق البحث، في مقابلة تلفزيونية، وقال إن الشخص الذي وجدها، واسمه خوسيه، شعر بالغثيان أياما بعد لمسها، وأضاف أنه "عندما سكبت الماء عليها بدأ يتصاعد دخان، وتبخر الماء فورًا"، مما يشير إلى أن الداخل كان ساخنًا والخارج باردًا.

لكن عرض هذه النتائج في برنامج موسان التلفزيوني "بين النجوم"، أثارت شكوكًا عن واقعيتها، بسبب سجل الباحث في الظواهر الغامضة خايمي موسان، الذي أثار جدلاً واسعًا بسبب ادعاءاته غير المؤكدة على مدى سنوات طويلة.

هل كل هذا مجرد خدعة؟

وفقًا لفيلارويل "يمكن تفسير خصائص الكرة الكولومبية ببعض المفاهيم الفيزيائية المتعلقة بالطاقة والمادة، فالوزن أو الكتلة الظاهرية لجسم قد تتغير ظاهريًا في ظروف معينة إذا تأثرت بطاقة الوضع أو الطاقة المحيطة به".

وتقول "على سبيل المثال، إذا كانت الكرة تتفاعل مع حقول مغناطيسية أو كهربائية قوية أو تمتلك طاقة وضع غير تقليدية (مثل طاقة مرتبطة بمجالات غير مألوفة)، فقد يظهر تأثير ذلك على وزنها الظاهر أو على قوة الجاذبية المؤثرة عليها".

وفي هذا السياق، فإن فيلارويل ترد على ادعاءات بتغير وزن الكرة، وتضيف "قد تكون الكرة مصنوعة من مواد ذات خصائص حرارية غير مألوفة للإنسان العادي ولكن يعرفها العلماء، مثل المعادن ذات التوصيل الحراري المنخفض أو مركبات نانوية متقدمة، وقد يكون هناك أيضًا تأثير فيزيائي مثل تبديد الحرارة عبر طاقة أخرى (كهربائية أو مغناطيسية) بدلاً من تخزينها حراريًا، ما يجعلها تبدو باردة حتى عند ملامستها أو تعرضها لمصادر حرارة".

نظريًا، يمكن تفسير خصائص الوزن المتغير والمقاومة للحرارة عبر تفاعلات معقدة للطاقة والمادة، وربما تشير إلى تركيب غير تقليدي أو تكنولوجيا متقدمة، لكن لا توجد، حتى الآن، تفسيرات علمية مؤكدة أو مفصلة لهذه الظواهر في حالة الكرة الكولومبية.

حتى مع وجود خصائص غير مألوفة أو تركيب معقد، فإن غياب الدراسات المحكمة أو التوثيق العلمي الشامل يجعل من المستحيل الجزم علميًا بأصلها أو استبعاد فرضية الخدعة أو التكنولوجيا البشرية السرية.

تقول فيلارويل "من المهم الإشارة إلى أن العلم يتطلب التحقق المستقل والتجارب المتكررة، كما أن التاريخ العلمي مليء بأمثلة لأجسام أو ظواهر غامضة اعتُبرت في البداية غير بشرية أو غير مفسرة، ثم تبيّن لاحقًا أنها إما خدع متقنة أو ابتكارات بشرية متقدمة لم تكن معروفة للعامة في وقتها".

إعلان

لذا، حتى يتم نشر نتائج تحاليل مفصلة في مجلات علمية أو عبر هيئات بحثية محايدة، تبقى جميع الفرضيات مطروحة، وتظل "كرة بوغا" موضوع دراسة وتحقيق وجدل.

صور الحياة في الكون

وفي النهاية، فإن الوكالات الفضائية المختصة بهذا النوع من الأبحاث لم تعلن إلى الآن رصد أي أثر لوجود أي صورة من صور الحياة في المجموعة الشمسية أو خارجها، ويجري ذلك على الكائنات الحية العاقلة وغير العاقلة.

وهذه الوكالات ليست محصورة في دولة واحدة، فهناك مثلا وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية، ولكل من الصين والهند وروسيا وكثير من الدول وكالات فضائية ومراصد مختصة برصد الفضاء السحيق، يعني ذلك أنه يرجح أن تعلن إحداها قبل الأخرى عن أي كشف متعلق بهذا النطاق، على الأقل لنسب السبق إليها.

والواقع أن كثيرا من العلماء يؤيدون فعلا فكرة وجود كائنات حية عاقلة في هذا الكون، لكنهم لا يمتلكون أي دليل علمي موثق على ذلك.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار