آخر الأخبار

غزة تحت الخيام الممزقة: ليل من البرد والعاصفة.. ونهار بلا مأوى

شارك

مع انحسار المنخفض الجوي لساعات قليلة، لم تهدأ معركة النازحين في غزة مع خيام لم تخلق للحياة. في الشوارع والأحياء التي تحولت إلى مخيمات طارئة، تتدلى الأقمشة البالية والشرائط الممزقة، في حين يحاول أصحابها ترميم ما تهشم خلال ليل قاسٍ من الرياح والأمطار.

وجاء الانحسار بمثابة نافذة قصيرة لالتقاط الأنفاس، يستغلها الناس لإغلاق الثقوب وتثبيت الأوتاد، قبل أن تعود السماء لسكب المطر من جديد.

اقرأ أيضا

list of 4 items
* list 1 of 4 نازحو غزة يواجهون شتاء قاسيا بخيام بالية
* list 2 of 4 البرد يقتل أطفال غزة في خيام النزوح
* list 3 of 4 إسرائيل تكثف حربها على خيام النازحين بغزة
* list 4 of 4 كيف يواجه الغزيون الشتاء بخيامهم المهترئة؟ end of list

وقد أحال المنخفض الجوي قطاع غزة لمشهد معقد من الفوضى، حيث انتشر النايلون المهترئ والخشب المكسور في الشوارع، وتطايرت الخيام فوق رؤوس ساكنيها. "لم نذق طعم النوم"، يقول أحد النازحين وهو يحاول شد خيمته بيدين مرتجفتين.

ويضيف بصوت تختلط فيه المرارة بالعجز: "طوال الليل نغلق الثقوب، الخيمة تسقط علينا، والرياح والعواصف لا ترحم". يقول هذا بينما يقف خلفه 3 أطفال مرضى؛ أحدهم يعاني شللا نصفيا، وآخر قلبه مريض لا يحتمل برد الخيام. "انظر إليها"، يشير إلى طفلته، "ازرق جسدها من البرد.. لا أستطيع إخراجها ولا أعرف إلى أين أذهب".

غرق مئات الخيام

على امتداد الشارع، غرقت مئات الخيام، وفي الحي ذاته سقطت عشرات أخرى. الليل كان ثقيلا، والنهار لا يعد بشيء.

نازح ثان يمسك بقطع من الحديد والألمنيوم محاولا تثبيت خيمته: "بقينا مستيقظين لأجل أطفالنا. الخيمة انقلبت علينا ونحن نائمون، واستيقظنا في البرد والمطر". يصف العاصفة بأنها غير مسبوقة منذ عامين من الحرب، ويقول "انقلبت الدنيا"، قبل أن يختم بـ"الحمد لله على كل حال".

الأدوات بسيطة، والإمكانات شبه معدومة. أخشاب قليلة وأكياس رمل لا تصمد أمام رياح اقتلعت الخيام من جذورها. "مبهدلون تماما"، يقول الرجل نفسه، وقد غمرت المياه ملابسه. "بيتي دمر بالكامل، وما أخرجته تمزق بالشظايا. أريد خيمة، أريد شوادر، شيئا يسترنا.. أصبحنا نحن والشارع واحدا".

إعلان

بين أزقة المخيم، أطفال يلتفون حول خيام سقطت ليلة أمس، وعائلات لا تعرف أين تبيت. الوجوه شاحبة، والتعابير مثقلة بحزنٍ لا يخف. نازحة تحاول ترتيب ما تبقى لديها تقول: "الرياح كانت شديدة، والأغلبية أطفال. لا فراش، والخيمة لا تقي من المطر ولا من البرد.. إنا لله وإنا إليه راجعون".

أين حقوق الطفل؟

وعن الليلة القادمة، تجيب بلا تردد: "مثل كل ليلة. سنة كاملة ونحن هكذا". ثم تطلق نداء موجعا: "انظروا إلى أطفالنا. ماتوا جوعا في بداية الحرب، والآن يموتون بردا. يتحدثون عن حقوق الطفل وأطفالنا يموتون". تشير إلى ابنها المريض بنزلات معوية وصداع دائم: "كل الأمراض من شدة البرد.. الخيمة لا تصلح لعيش الحيوانات، فكيف بالبشر؟".

في غزة، لا ينتهي المنخفض الجوي بانقشاع الغيوم. العاصفة تمضي، لكن الخيام تبقى هشة، والبرد مقيم، والانتظار ثقيل. وبين ليل لا يحتمل ونهار بلا مأوى، يواصل النازحون معركتهم اليومية من أجل ستر مؤقت وحياة لم تعد تعرف الاستقرار.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا