آخر الأخبار

عام على وقف إطلاق النار.. لبنان بين التحذير والتصعيد

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بيروت- بعد عام على توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية ، يبدو الجنوب اللبناني أبعد ما يكون عن الهدوء الذي بشّر به الاتفاق؛ ف لبنان ، الذي التزم ببنود الاتفاق بحذافيرها يجد نفسه اليوم أمام واقع عسكري وسياسي متوتر في ظل استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات داخل أراضيه، وسط تحذيرات دبلوماسية من أن المرحلة المقبلة قد تحمل تصعيدا واسعا.

ونشطت في العاصمة بيروت حركة دبلوماسية خلال الأيام الماضية، حملت مؤشرات مقلقة، أبرزها رسائل غربية تُحذّر من احتمال توسع العمليات الإسرائيلية إذا ظل الوضع على ما هو عليه.

وفي المقابل، تؤكد القيادات اللبنانية أن البلاد تتعرض لـ"حرب من طرف واحد"، وأن إسرائيل تستغل ثغرات في الاتفاق، لا سيما البند 4 المتعلق بحق الدفاع عن النفس، لشن عمليات متجددة داخل الأراضي اللبنانية.

التمسّك بالمفاوضات

وانتقل الخطاب السياسي لكل من رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام من مرحلة المطالبة بتثبيت وقف إطلاق النار إلى الدعوة لفتح مسار تفاوضي جديد، يهدف لتثبيت الاستقرار وترسيم حل نهائي للحدود.

وقد شدّد عون مرارا على ضرورة فصل المسار اللبناني عن القضية الفلسطينية ، مؤكدا جهوزيته للانخراط في مفاوضات تتصل حصرا بالملف اللبناني، دون تحديد الشكل أو المرجعية التفاوضية حتى الآن.

ويُعوّل لبنان على تفعيل ما يُعرف بـ"لجنة الميكانيزم"، باعتبارها آلية قادرة على ضبط إيقاع التوتر على الحدود، بما يمهّد لحل دائم ونهاية حالة اللاسلم واللاحرب، لكن معطيات الميدان تسير باتجاه آخر في ظل الضغوط المتزايدة التي تحملها الوفود الأجنبية، وآخرها التحذير الذي نقله وزير الخارجية المصري، من أن الأسابيع المقبلة قد تكون حاسمة وربما خطرة إذا استمر التصعيد.

ويؤكد لبنان أيضا، أنه أوفى بكل التزاماته المنصوص عليها في 12 بندا، بينما لم تلتزم إسرائيل بالبندَيْن 2 و12، المتعلقين بوقف الأعمال العدائية والانسحاب من الأراضي اللبنانية، في حين تتزايد مخاوف رسمية من أن استمرار الخروقات سيفتح الباب أمام مواجهة مفتوحة قد تعيد تكرار مشهد ما قبل الاتفاق.

إعلان

وبناء عليه، تتقاطع قراءة رئاسة الجمهورية والحكومة و البرلمان اللبناني عند نقطة مركزية: لبنان يدخل واحدة من أدق المراحل منذ وقف إطلاق النار، وأن غياب أي مسار تفاوضي فعّال قد يجعل المنطقة على مشارف تصعيد واسع يصعب احتواؤه.

مصدر الصورة أثناء تشييع القائد العسكري في حزب الله علي الطبطبائي الذي اغتالته إسرائيل وآخرين قبل أيام (أسوشيتد برس)

"نقطة الصفر"

ويقول المحلل السياسي جوني منير، للجزيرة نت، إنه بعد عام على وقف إطلاق النار يتّضح أن المسار لم يتقدم قيد أنملة، بل بقيت الخيارات تحت ما يصفه بـ"خط الصفر"، في مشهد يُعيد إلى الأذهان مستوى الضغط الذي سبق توقيع الاتفاق، بل وكأن الأمور عادت إلى ما قبل لحظة التوقيع طوال العام الماضي.

ويشرح منير أنه في البداية كانت الخروقات تقتصر على مُسيّرات إسرائيلية، لكن سرعان ما تصاعدت العمليات، فرفعت إسرائيل منسوب الردّ العسكري وبدأت باستخدام الطائرات الحربية وصواريخ أكثر تدميرا، وتوسّعت دائرة الاستهداف لتشمل مختلف المناطق اللبنانية.

ويضيف أن الواقع الميداني شهد قصفا يوميا متواصلا، وفي الأسابيع الأخيرة باتت الاعتداءات تتكرّر أكثر من مرة في اليوم الواحد، وصولا إلى خروقات برية أيضا، ما يعني عمليا أنّ وقف إطلاق النار لم يتحقق ليوم واحد على الأرض.

ويتابع أن إسرائيل روّجت طوال هذه الفترة لفكرة أن لبنان و حزب الله هما مَن يُعطّلان تطبيق الاتفاق، لعدم سحب أو تسليم السلاح كما نصّت بعض بنوده، ما يكشف أن الاتفاق لم يكن هشّا فحسب، بل إنه لم يُطبّق أصلا.

ويشير المحلل ذاته أن المشهد لم يعد مقتصرا على التحذيرات الدبلوماسية، في الأسابيع الماضية، بل برزت أحاديث أكثر وضوحا عن ضربة عسكرية إسرائيلية واسعة في لبنان، تراوحت توصيفاتها بين عمليات "جراحية" محدودة وضربات موسّعة تترافق مع تقدّم بري، وهو ما ألمح إليه وزير الخارجية المصري خلال زيارته التحذيرية إلى بيروت، وبهذا يبدو أن الأمور عادت فعليا إلى نقطة الصفر.

ويختم بأن إسرائيل قد تكون بصدد البحث عن اتفاق جديد، بعدما تبيّن أن الاتفاق السابق لم يمنحها ـولا للولايات المتحدة ـ ما كانت تسعى إليه من مفاوضات مباشرة مع لبنان تقود إلى تسوية، أو ما تصفه إسرائيل بـ"السلام".



تصعيد تل أبيب

من جانبه، يرى الخبير العسكري، العميد حسن جوني، أن الواقع اليوم أسوأ مما كان عليه لحظة توقيع الاتفاق، إذ بدا الاتفاق في بداياته وكأنه إعلان لنهاية الحرب وبداية مرحلة من الاستقرار، لكن تبيّن لاحقا ومع مرور الوقت أن لبنان دخل في أزمة أشدّ وأعمق مما كان عليه خلال الحرب نفسها.

ويضيف جوني للجزيرة نت أنه صحيح أن وتيرة العمليات تبدّلت، لكن الحرب لم تتوقف، بل استمرّ الجيش الإسرائيلي في خوضها بوتيرة منخفضة، دون التزام جوهري ببنود الاتفاق؛ لا من ناحية وقف العمليات العدائية التي تواصلت بأشكال متفاوتة، ولا من ناحية الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية، حيث لا تزال إسرائيل تحتفظ بـ5 نقاط على الأقل، بعضها موسّع ومحصّن.

إعلان

وعلى العكس، صعّدت تل أبيب من تهديداتها واستمرت في التأكيد أن الحرب لم تحقق هدفها بعد، والمتمثّل في القضاء على الجناح العسكري لحزب الله، حسب جوني.

ويعتبر المتحدث ذاته أن الاتفاق ولد ميتا، وأن الدول الضامنة له، وفي مقدمتها أميركا، تشارك إسرائيل في تجاوزه بل وتتبنّى رؤية أمنية مغايرة تماما لبنوده.

وحسب جوني جاء الاتفاق بوصفه ترجمة ل لقرار1701 ، لكن التطورات اللاحقة أظهرت أن إسرائيل وأميركا لم تعودا تعتبران هذا القرار أساسا للحل أو لإعادة الاستقرار للمنطقة، خاصة بعد التوجّه لوقف مهمة " اليونيفيل " العام المقبل.

ويضيف "كما أن الطروحات الأميركية، مثل ورقة توم باراك وغيرها، تؤكّد أن القرار 1701 لم يعد مقبولا كإطار للحل، وأن الراعي الأميركي بات يبحث عن خيارات أخرى، بينها سيناريوهات عسكرية قد يتولى تنفيذها الجيش الإسرائيلي".

سقوط الرهانات

في المقابل، يرى المحلل السياسي، علي حيدر، أنه بعد عام على اتفاق وقف الأعمال العدائية، تبيّن أن معظم رهانات إسرائيل وأميركا وبعض خصوم المقاومة في الداخل على تراجع حضور المقاومة وفقدانها التأييد الشعبي قد سقطت.

فقد برزت -يقول حيدر للجزيرة نت- محطات عديدة عكست قوة حضور حزب الله وتماسك بيئته، أبرزها التظاهرات التي دفعت الاحتلال للتراجع عن قرى كان قد توغّل فيها، والمشهد الشعبي الواسع في تشييعي الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله وخلفه هاشم صفي الدين ، فضلا عن مواقف الحزب في مواجهة مسألة نزع السلاح ، ومسار التعافي الذي تحقق خلال العام.

ويضيف أن الاتفاق فشل في تحقيق مجموعة من بنوده الأساسية:


* لم تنسحب إسرائيل من التلال التي وسّعت احتلالها لها.
* وواصلت الاعتداءات والخروقات، وكان آخرها عملية الاغتيال الأخيرة، وسقوط نحو 400 شهيد خلال عام.
* كما تعثّرت عملية إعادة الإعمار بفعل أداء الحكومة اللبنانية التي تحوّلت -بحسب وصفه- إلى أداة ضغط إضافية بدل أن تكون جزءا من الحل. مصدر الصورة التحذيرات من المواجهة الواسعة والشاملة بين إسرائيل ولبنان تزداد يوما بعد آخر (الفرنسية)

ويعتبر حيدر أن لبنان اليوم يقف عند مرحلة انتقالية بين ما بعد الحرب وما يُراد فرضه، وسط تجاذب واضح بين المقاومة والدولة من جهة، والإسرائيلي والأميركي من جهة أخرى، وعلى وقع ضغوط ومُتغيّرات إقليمية تجعل المشهد مفتوحا على سيناريوهات متعددة.

ويشير حيدر إلى أن الوضع الأمني يدخل مرحلة شديدة الحساسية، بلا مسار حتمي، لكن مع احتمالات مرتفعة لتصعيد إسرائيلي قد يتراوح بين الوتيرة الحالية وأيام قتالية وربما مواجهات أوسع، دون مؤشرات حتى الآن على اندلاع حرب شاملة.

ويتابع "إسرائيل لم تلتزم بالاتفاق لأن أهدافها الإستراتيجية لم تتحقق، ولخشيتها من أن وقف الضغط على المقاومة سيتيح لها إعادة ترميم قوتها، لذلك طُبّق الاتفاق جزئيا فقط، فيما واصل الإسرائيلي سياسة التصعيد، أما المشروع الأميركي لإخضاع لبنان وتجريده من عناصر قوته فلا يزال يواجه عقبات كبيرة، أبرزها تعذّر نزع سلاح المقاومة، الأمر الذي يدفع إسرائيل لرفع مستوى التهديدات والضغوط في المرحلة الراهنة".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا أمريكا اسرائيل لبنان حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا