في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
نشرت مجلة تايم الأميركية تحقيقا صحفيا عن موجات نزوح لأطفال صغار السن يصلون إلى بلدة طويلة عقب استيلاء قوات الدعم السريع بطريقة "وحشية" على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان أوائل أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
وروى عمال الإغاثة مشاهد وصفوها بالمروعة لوصول مئات الأطفال إلى البلدة غير مصحوبين بذويهم وهم في حالة يُرثى لها من الإنهاك والجوع.
وقال أرجان هيهنكامب، منسق ملف أزمة دارفور في لجنة الإنقاذ الدولية، للمجلة إنهم تحدثوا إلى طفلة تبلغ 13 عاما كانت تحمل رضيعا عمره 5 أشهر، ولم تكن تعرف أين هي والدتها أو إخوتها الأربعة أو شقيقتها الكبرى بعد أن تفرَّق شملهم.
وأضاف "هذه قصة فظيعة، لكنها تمثّل واقع أناس وصلوا مع بعض أفراد أسرهم، ولكن غالبا في غياب شبه كامل للرجال البالغين".
ويُقدَّر عدد الذين وصلوا إلى طويلة بدون والديهم خلال الأسابيع الماضية بما بين 450، وفق منظمة (أنقذوا الأطفال) البريطانية، و800 بحسب (ميد غلوبال) الأميركية.
من جانبه، أفاد هيهنكامب أن نحو 5 آلاف شخص وصلوا إلى البلدة وقد تفرّقت عائلات بعضهم مع اختفاء شبه تام للرجال البالغين، مما يشير إلى عمليات قتل واسعة حدثت خلال اقتحام المدينة.
تأتي هذه التطورات عقب معارك دامية انتهت بسيطرة قوات الدعم السريع على آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور. وطبقا لشهادات ناجين وتقارير محلية تناولتها المجلة في تحقيقها الصحفي، فقد شهدت الفاشر عمليات قتل جماعي وإعدامات ميدانية واعتداءات جنسية، أجبرت عشرات الآلاف على الفرار. وأظهرت مقاطع فيديو جنود الدعم السريع وهم يجمعون رجالا في مجموعات كبيرة قبل إعدامهم.
وورد في التحقيق الصحفي أيضا أن كثيرا من الأطفال وصلوا إلى طويلة بعد فقدان أسرهم بالكامل، في حين أُرسل آخرون من قبل ذويهم الذين دفعوا تكاليف تهريبهم دون القدرة على تحمل تكلفة سفر الأسرة كاملة.
كما فُصل كثير منهم عن آبائهم على الطرق الوعرة التي تنتشر فيها عصابات الخطف والابتزاز والقتل. ويروي موظفون في منظمة "أنقذوا الأطفال" مشاهد فوضوية شاهدوا فيها أطفالا يركضون وحدهم تحت نيران القذائف والطائرات المسيّرة خلال اقتحام المدينة.
وتفاقم الوضع الإنساني في الفاشر قبل هروب السكان مع إعلانها منطقة مجاعة رسمية في الثالث من الشهر الحالي، رغم أن المؤشرات كانت تؤكد بلوغها مستوى المجاعة منذ أشهر، لكن صعوبة جمع البيانات وسط الحرب عطّلت الإعلان الرسمي.
ووصل الأطفال إلى بلدتي طويلة والدبة (شمال السودان) وغيرها منهكين وجائعين، بعدما اعتمد الكثير منهم على صدقات عابرة من بالغين وناجين آخرين على طول الطريق.
وتحولت طويلة من قرية صغيرة تضم بضعة آلاف إلى مركز مكتظ يضم نحو نصف مليون نازح. وتقول منظمات الإغاثة -بحسب مجلة تايم- إنها قادرة فقط على تغطية 50% من الاحتياجات، في ظل غياب شبه كامل للبنية الصحية والتعليمية والاقتصادية.
وتشير تحذيرات إلى احتمال توقف العمليات الإنسانية في شمال دارفور إذا لم تتوفر أموال عاجلة وتسهيلات آمنة لنقل الإمدادات.
وتنتشر الأمراض بسرعة في المخيم، خصوصا الكوليرا والملاريا، اللتين تفتكان بالأطفال يوميا، مع تسجيل البلاد أكثر من 120 ألف حالة كوليرا مشتبه بها و3 آلاف وفاة حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ونقلت تايم الأميركية عن فرانشيسكو لانينو، نائب مدير البرامج في منظمة (أنقذوا الأطفال) بالسودان، القول إن النساء اللاتي وصلن إلى طويلة يروين كيف أنهن التقطن أطفالا في الطريق "بعضهم عُثر عليه تائها في شوارع الفاشر أثناء الفوضى، وبعضهم في المناطق الصحراوية بين الفاشر وطويلة". وتقول هؤلاء النسوة "لقد أصبحوا الآن جزءا من عائلاتنا".
وتساءلت إحداهن بنبرة هي مزيج من الحزن والخوف "كيف سيكون مصير أطفالي يوما ما؟ هل سيأخذون بثأر أقاربهم الذين قُتلوا؟ وأي مستقبل ينتظرهم؟".
المصدر:
الجزيرة