آخر الأخبار

خلاف غير مسبوق يهزّ المنظومة الأمنية الإسرائيلية ونتنياهو يتدخل لاحتواء الأزمة

شارك
مصدر الصورة

تشهد إسرائيل واحدة من أعمق الأزمات داخل قيادتها الأمنية منذ سنوات، بعد تفاقم الخلاف بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش إيال زامير، في صراع علني بلغ حد الاتهامات المتبادلة بالتقصير والتدخل السياسي.

هذا التوتر دفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التدخل المباشر، وسط تحذيرات من تداعياته على العمليات الجارية في غزة ولبنان والضفة الغربية.

لقاءات منفصلة بدل الاجتماع الثلاثي

كان من المفترض أن يعقد نتنياهو اجتماعاً ثلاثياً يضم كاتس وزامير الثلاثاء، لكن كاتس رفض الجلوس في اجتماع مشترك، ما اضطر نتنياهو إلى عقد اجتماعين منفصلين مع كل منهما.

وذكر مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء "مصمم على حل الخلاف" ودعا الطرفين إلى وقف السجالات الإعلامية.

يشار إلى أن الأمر الذي ساهم في زيادة التوتر بين الجانبين، أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير ألقى كلمة خلال مراسم إحياء ذكرى دافيد بن غوريون قال فيها: "نحن بحاجة إلى قيادة شجاعة، حاسمة، وقادرة على تغيير الواقع. قيادة تعترف أيضاً بالفشل وتجرؤ على إحداث التغيير".

وبينما يسود التوتر بين الرجلين، شارك زامير وكاتس بعد وقت قصير من المراسم في جلسة أمنية في مكتب الوزير في مقر وزارة الدفاع، وبمشاركة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيسي الشاباك والموساد، بالإضافة إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ومسؤولين آخرين.

وأوضح وزير الدفاع في كلمة ألقاها في الكنيست الأربعاء أنه ورئيس الأركان "عملوا، ويعملون، وسيعملون معاً".

وأضاف: "هناك خلاف معين حول مسألة التحقيقات، وهذا أمر مهني".

ولفت إلى أنه يتوقع أن يبقى في منصبه حتى فترة الانتخابات القادمة.

استقلالية زامير أم تدخّل كاتس؟

مصدر الصورة

تفجّر الخلاف علناً هذا الأسبوع بعدما هاجم زامير قرار كاتس تجميد تعيينات رفيعة في الجيش وإعادة فحص تقرير لجنة تورجمان حول إخفاقات 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023. زامير اعتبر الخطوة "تدخلاً سياسياً يضر بجاهزية الجيش".

وبدأ الخلاف عندما قرر وزير الدفاع يسرائيل كاتس تعيين شخصية من جهاز أمن الدولة لكي يراقب التحقيق الذي يقوم به الجيش منذ أشهر.

والهدف من وجهة نظر كاتس هو التأكد من شمولية التحقيق ومحاسبة كل المسؤولين بمن فيهم رؤساء أركان سابقين.

الأمر فجر غضب رئيس الأركان زامير، الذي اعتبر ذلك تدخلاً سياسياً في استقلالية الجيش، الذي حقق سابقاً في أسباب الفشل في التصدي للهجوم ويعود مرة أخرى ليحقق من جديد من خلال لجنة " تورجمان ".

المحلل السياسي إيلي نيسان يقول لبي بي سي عربي إن "جوهر الخلاف أن كاتس يشعر بأن زامير يتصرف باستقلالية أكبر مما ينبغي، بينما يشعر زامير بأن الوزير يضع عراقيل متزايدة أمام عمل الجيش ويتدخل في القرارات المهنية".

ويضيف نيسان أن جذور التوتر تعود لمرحلة اتخاذ قرار اقتحام مدينة غزة، حيث تباينت المواقف بين المستوى السياسي ورئيس الأركان. ويشير إلى مشادات حدثت آنذاك داخل الكابنيت، وهو ما ترك "رواسب سلبية" بين الرجلين.

بحسب نيسان، فإن رفض كاتس المصادقة على تعيينات جديدة دفع زامير إلى إصدار بيان اعتبر فيه أن الوزير "يمس بأمن الدولة"، وهي عبارة غير مسبوقة في تاريخ العلاقة بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.

ويرى نيسان أن تقرير تورجمان، الذي استمر سبعة أشهر، وجه انتقادات لعدد من القادة، لكن كاتس اعتبر أن التقرير يجب أن يشمل أيضًا قادة أركان سابقين، في مسعى لتوسيع دائرة المسؤولية. ويشير إلى أن الوزير ربما يريد إعادة توزيع اللوم بشكل لا يقتصر على القيادات الحالية.

نتنياهو بين خيبة من زامير وامتعاض من كاتس

تنقل يديعوت أحرونوت عن مسؤولين حكوميين قولهم إن نتنياهو "اعتقد منذ البداية أن تعيين زامير كان خطأ"، وإنه "شعر بخيبة أمل من أدائه في غزة ولبنان".

وفي المقابل، هو أيضًا غير راض عن سلوك كاتس، وسبق أن وجّه له انتقادات ضمنية حول "تصرفات انتخابية داخلية".

هل يفكر نتنياهو بإقالة كاتس؟

وفق صحيفة "إسرائيل هيوم" يدرس نتنياهو إمكانية إجراء تعديل وزاري يشمل تعيين وزير الخارجية غدعون ساعر وزيرًا للدفاع، وإعادة كاتس إلى وزارة الطاقة. الصحيفة أشارت إلى أن القرار لم يُتخذ بعد، لكن "كلما استمر كاتس في التصرف باستقلالية، يقترب نتنياهو من الحسم".

وبحسب إسرائيل هيوم، كان من المفترض أصلًا أن يتبادل كاتس وإيلي كوهين حقيبتي الطاقة والخارجية وفق اتفاقيات الائتلاف، لكن التطورات السياسية غيّرت موازين القوى، وتبدو "العودة إلى الطاقة" خيارًا مطروحًا لكاتس.

في ردّه على انتقادات زامير لتجميد التعيينات، قال كاتس: "أحترم رئيس الأركان، لكنه يعلم أنه يخضع لرئيس الوزراء ووزير الدفاع وحكومة إسرائيل"، مضيفًا أنه لن يناقش الملفات عبر الإعلام، وأنه ينتظر تقرير المراقب العسكري قبل اتخاذ قراراته.

مصدر الصورة

"صراع سياسي مقنّع بخلاف مهني"

الحنان ميلر وهو باحث من معهد هارتمان يرى أن الخلاف يتجاوز البعد المهني. ويقول لبي بي سي: "كاتس ينظر إلى البعد السياسي والمنافسة داخل الليكود. هو يستعرض قوته أمام الجيش في سياق تحميل المؤسسة العسكرية مسؤولية إخفاقات 7 أكتوبر".

ويضيف أن زامير "يحاول الدفاع عن الجيش وموقعه المهني" في مواجهة ما يعتبره "تدخلاً سياسياً".

وعن سبب تعيين نتنياهو لشخص ثم خلافه معه، يقول ميلر إن هذا "ليس جديداً"، موضحاً أن نتنياهو "يعين أشخاصاً ثم يشعر أنه ليس لديهم ولاء سياسي كامل". ويشير إلى أن زامير "يمثل الجيش لا الليكود، وهذا يزعج المستوى السياسي".

يرى ميلر أن قرار كاتس تعيين جهة خارجية لمراقبة التحقيقات المستقلة في الجيش "يكشف محاولة لإضعاف زامير وتقليص نفوذ المؤسسة العسكرية"، وهو مؤشر على أزمة ثقة واضحة بين المستويين السياسي والعسكري.

اجتماع بلا مصالحة

تشير صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن اجتماع نتنياهو الثلاثاء لم يسفر عن أي اختراق، وأن عمق الفجوة بين كاتس وزامير جعل حتى الجلوس المشترك أمراً غير ممكن.

وحذر مسؤولون قريبون من نتنياهومن أن الخلاف "يمس التنسيق العملياتي" في جبهات عدة.

هل من حل؟

يرى إيلي نيسان أن الحلّ الوحيد يتمثل في "استبعاد أحد الطرفين"، لكن نتنياهو لا يستطيع إقالة زامير بعد إقالة غالانت سابقاً، كما أن نقل كاتس إلى حقيبة أخرى قد يفاقم أزماته داخل الليكود.

أما الحنان ميلر، فيقول إن "الحل الحقيقي سياسي لا عسكري"، معتبراً أن "الأزمة تعكس صداماً مؤسسياً واسعاً في إسرائيل لا يقتصر على الجيش، بل يمتد إلى القضاء ومؤسسات الدولة".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا