تايوان تواجه تهديدات الصين بـ"دبلوماسية السوشي" اليابانية

من وجبات السوشي إلى ألواح الشوكولاتة التي تحمل صورة رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة سناي تاكايتشي، يتكاتف رجال الأعمال والمسؤولون والمواطنون في تايوان لدعم جارهم، في وقت يتعرض فيه لضغط من بكين بسبب تصريحات تفيد بأن طوكيو قد تتدخل عسكرياً للدفاع عن تايوان في حال تعرضت لهجوم صيني.

التلويح بالرد العسكري

فبعد أن قالت رئيسة الوزراء اليابانية، سيناي تاكايتشي، هذا الشهر إن محاولة من بكين للسيطرة على تايوان قد تستدعي رداً عسكرياً من اليابان، ردّت الصين بإرسال سفن عسكرية في المياه المتنازع عليها قرب اليابان، ونصحت مواطنيها بعدم السفر إلى اليابان، وأشارت إلى أنها ستفرض قيوداً على واردات المأكولات البحرية اليابانية، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".

هذا المشهد شديد الألفة بالنسبة لتايوان، التي تواجه منذ سنوات تهديدات اقتصادية وعسكرية متزايدة، في ظل سعي الصين لعزلها عن الدعم الدولي.

وفي المقابل، شهدت اليابان عودة موجة من التأييد الشعبي لتايوان في مواجهة إصرار بكين على أن الجزيرة الديمقراطية جزء من أراضيها.

فعندما حظرت الصين واردات الأناناس التايواني عام 2021، طلبت اليابان 19 ألف طن من الفاكهة، في رقم قياسي لذلك العام. وظهر رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي - وهو الموجّه السياسي لتاكايتشي - في صورة يحمل أناناساً تايوانياً.

مصدر الصورة

آيستوك

رد الجميل

الآن، تسعى تايوان لرد الجميل، فقد أعلنت الحكومة في تايبيه رفع جميع القيود المفروضة على واردات الغذاء الياباني، بما في ذلك المأكولات البحرية، وهي قيود كانت مفروضة منذ كارثة فوكوشيما النووية عام 2011.

وقبل يوم واحد من الإعلان، نشر الرئيس التايواني لاي تشينغ-تي فيديو لنفسه وهو يتناول طبق سوشي يضم إسكالوب من هوكايدو اليابانية وسمك اليلو تيل من كاغوشيما في جنوب كيوشو.

وقال الرئيس في الفيديو: "ماذا تأكلون أنتم؟ ربما الآن وقت مناسب لتناول الطعام الياباني". ولم يشر إلى تصريحات تاكايتشي، لكنه قال إن وجبة السوشي التي تضم أيضاً الحبار المحلي وبيض التاماغوياكي المصنوع من بيض تايواني تمثل "دليلاً على الصداقة المتينة" بين البلدين.

وفي مدينة هسينشو، مقر شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC)، تعهّد عضو سابق في المجلس المحلي بمنح ألف من السكان 18 ألف ين ياباني لكل منهم - أي نحو 114 دولاراً - لإنفاقها أثناء زياراتهم لليابان.

السوشي يغزو التواصل

وكان زعيم الحزب المحافظ الياباني، ناوكي هياكوتا، قد قال إن إنفاق كل مواطن ياباني نحو 18 ألف ين قد يعوّض النقص السنوي في عائدات السياح الصينيين.

وقال المسؤول السابق، صن تشين-تشينغ، لوسائل إعلام محلية، إنه تلقى بين 70 و80 اتصالاً بشأن عرضه منذ إعلانه يوم الأحد. وأضاف: "رئيسة وزراء اليابان سيناي تاكايتشي أظهرت دعمها لتايوان، ومن واجبنا نحن التايوانيين أن نرد لها هذا الدعم".

كما نشر سياسيون تايوانيون آخرون صوراً على وسائل التواصل الاجتماعي وهم يتناولون السوشي أو يشترون حاجياتهم من السوبرماركت الياباني "لوبيا"، الذي يمتلك فروعاً في تايوان. ودعت وزارة الخارجية التايوانية يوم السبت المواطنين إلى تناول السوشي وشرب البيرة اليابانية، مرفقة منشورها بعلم تايوان وقلب ثم علم اليابان.

وفي أحد فروع "لوبيا" بمدينة كاوهسيونغ جنوب البلاد، وُزعت منشورات ملوّنة تتضمن رسوماً للرئيس لاي وهو يأكل السوشي، معلنة عن عروض خاصة على "سوشي الصداقة التايوانية-اليابانية". تاي هسو-كونغ، 51 عاماً ويعمل في مجال تقنية المعلومات، كان يتفقد خيارات السوشي وأطباق ثعبان البحر.

وقال إنه بعد قراءته عن احتمال فرض الصين حظراً على المأكولات البحرية اليابانية، قرر شراء المزيد من المنتجات اليابانية. وقال: "بصفتنا تايوانيين، يجب أن ندعم اليابان بالتأكيد. لماذا لا تدعم صديقاً يتعرض للتنمر؟".

وتدرس إحدى أكبر شركات الأغذية في تايوان، “آي-مي فودز”، إنتاج دفعة واسعة من لوح شوكولاتة محدود الإصدار يحمل صورة تاكايتشي على الغلاف.

ووفق متحدثة باسم الشركة، فقد طلب الرئيس التنفيذي إنتاج القطعة التذكارية بعد فوز تاكايتشي في الانتخابات. لم تكن الشوكولاتة مطروحة للبيع، لكن الشركة تلقت نحو 100 طلب من عملاء يريدون شراءها خلال الأيام الأخيرة.

عودة تايوان إلى الصين

وتتقارب اليابان وتايوان - التي تبعد أقل من 70 ميلاً عن الأراضي اليابانية - في ظل التوسع العسكري الصيني في المنطقة. ويقول محللون إن ذلك كان عاملاً مهماً في الاتصال الذي أجراه شي جينبينغ مع الرئيس ترامب يوم الاثنين، حيث شدد الزعيم الصيني على أهمية عودة تايوان إلى الصين.

وقال هوانغ كوي-بو، أستاذ الدبلوماسية في جامعة تشنغتشي الوطنية في تايبيه: "من الواضح تماماً أن الصين تستخدم واشنطن للضغط على طوكيو.

وهي تُظهر أن لديها قنوات تواصل جيدة مع ترامب ويمكنها الحديث معه في أي وقت".

مصدر الصورة

أميركا و تايوان والصين - تعبيرية آيستوك

أما داخل تايوان، فيبدو أن ردّ تاكايتشي الحازم على الصين أثار زخماً شعبياً واسعاً، حيث يدعو السكان إلى شراء المزيد من "مأكولات الديمقراطية" و"إسكالوب الحرية" من اليابان.

ونشرت لين يويه-هسين، 69 عاماً من مدينة نيو تايبيه، صوراً لنفسها يوم الاثنين وهي تتناول الإسكالوب الياباني. وقالت لـنيويورك تايمز إنها تأثرت بعدد التعليقات التي جاءت من مستخدمين يابانيين يشكرون دعمها.

وأضافت: "الأصدقاء الحقيقيون يجب أن يدعموا بعضهم بعضاً. فلنشحن كل الإسكالوب إلى هنا. أي شيء يرفضونه سنشتريه، وأي مكان لن يذهبوا إليه سنذهب نحن".