في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
نشرت صحيفة جيروزاليم بوست تحقيقا أجراه كبير مراسليها العسكريين، يوناه جيرمي، عن معركة غير متوقعة لكنها ذات تأثير كبير تدور رحاها تحت الأرض شرق مدينة رفح جنوبي قطاع غزة .
ويرسم التحقيق مشهدا ميدانيا فريدا في شرق رفح ، حيث تفجّرت معركة لم يكن يتوقعها أحد منذ وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
وتوضح الصحيفة أن نحو 200 مقاتل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجدوا أنفسهم عالقين "على نحو غير مقصود" داخل الجزء الخاضع للسيطرة الإسرائيلية من القطاع لحظة بدء الهدنة، مما أدى إلى أحد أكثر الملفات حساسية وتأثيرا على الوضع الأمني والسياسي في المنطقة خلال الأسابيع اللاحقة.
ويشير المراسل إلى أنه اقترب، خلال زيارته الميدانية لرفح يوم الأحد الماضي، مسافة 600 متر فقط من موقع اشتباك وقع قبل يوم واحد، حيث تمكنت قوات لواءي غولاني وناحال في الجيش الإسرائيلي من قتل 11 مقاتلا واعتقال 6 ممن حاولوا الخروج من شبكة الأنفاق.
ونقلت الصحيفة عن قائد لواء غولاني العقيد عدي غونين القول إن هدف القوات هو "تحديد موقع العدو وتدميره أو قبول استسلامهم"، مشيرا إلى أن 17 عنصرا قُتلوا أو استسلموا في ذلك اليوم.
وقد دفع هذا الاشتباك حركة حماس إلى التهديد بالانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار، بينما هزّت قضية المقاتلين المحاصرين الساحة الإسرائيلية والأميركية على حد سواء.
فقد وصل المبعوثان الأميركيان، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف ، إلى القدس في محاولة لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسماح للمقاتلين بالخروج والعبور إلى الجزء الذي تسيطر عليه حركة حماس من مدينة غزة مقابل تسليم أسلحتهم للجانب المصري.
لكن هذا المقترح أثار -حسب جيروزاليم بوست- انقساما حادا داخل الحكومة الإسرائيلية كاد يطيح بها، بعد اعتراضات قوية من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير .
وتعمّقت الفوضى بسبب الرسائل "المتضاربة" لرئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الفريق إيال زامير ، الذي بدا أحيانا "منفتحا" على السماح بخروج المقاتلين، وأحيانا أخرى "مصرّا على قتلهم أو إرغامهم على الاستسلام للقوات الإسرائيلية.
وكشف مصدر عسكري -لم تفصح الصحيفة عن اسمه- أن الجيش اكتشف وجود المجموعة بعد دراسة الأنفاق عبر وسائل تكنولوجية، وبدأ بعملية منهجية لتضييق الخناق عليها عبر قطع المسارات الواحد تلو الآخر.
وأضاف أن المجموعة كانت تضم مقاتلين مدربين وذوي خبرة، تقودهم شخصية بارزة ربما تكون قائد كتيبة، بخلاف معظم قوات حماس الجديدة التي تضم شبانا قاصرين وغير مدربين.
ويبدو أن مقاتلي حماس كانوا إما غير مدركين لاقتراب بدء الهدنة، أو اعتقدوا أنهم سيتمكنون من التسلل لاحقا، أو ربما ظنوا أن إسرائيل ستسمح لهم بالانسحاب لتجنب انهيار وقف إطلاق النار، وفق التحقيق الصحفي.
مصدر عسكري إسرائيلي: المجموعة العالقة في نفق رفح تعاني نقصا حادا في الطعام والماء وتدهورا في المعنويات، ومن خرج منهم أقدم على ذلك لأنه كان على وشك الموت جوعا أو بسبب اتساع التقدم الإسرائيلي داخل الأنفاق
غير أن المصدر العسكري قال إن المجموعة العالقة في النفق تعاني نقصا حادا في الطعام والماء وتدهورا في المعنويات، زاعما أن من خرج منهم أقدم على ذلك لأنه كان على وشك الموت جوعا أو بسبب اتساع التقدم الإسرائيلي داخل الأنفاق.
وأردف قائلا إن أولئك المقاتلين لم يكونوا يدركون أنهم كانوا أهدافا مرصودة حيث تمكنت الطائرات المسيرة من طراز "هرمس 450-زيك" من قصف العديد منهم فور خروجهم من تحت الأرض، بينما نُقل المعتقلون إلى مقر جهاز الشاباك للتحقيق.
وتعتقد مصادر الجيش أن عشرات آخرين من المجموعة قتلوا ودفنوا تحت الأرض، وقد استغلت إسرائيل هذا الوضع للضغط على حماس لإعادة جثامين الأسرى الإسرائيليين، وهي ما اعتبرته الصحيفة "ورقة ضغط" كانت الحركة تعوّل عليها في المفاوضات.
القوات الإسرائيلية لم تُجرِ أي استعدادات عملية للتعامل مع القوة الدولية المنتظر نشرها، مما يعزز الشكوك حول واقعية الجدول الزمني المعلن لنشرها مطلع عام 2026
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، ظل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب وانتشار داخل أجزاء واسعة من رفح، بعيدا نسبيا عن التجمعات السكانية.
ويشير التحقيق إلى أن القوات الإسرائيلية لم تُجرِ أي استعدادات عملية للتعامل مع القوة الدولية المنتظر نشرها، مما يعزز الشكوك حول واقعية الجدول الزمني المعلن لنشرها مطلع عام 2026.
وتخلص جيروزاليم بوست إلى أن هذه المعركة المفاجئة شكّلت اختبارا حاسما لمدى صلابة الهدنة، وأن جميع الأطراف بدت قريبة من الانزلاق إلى مواجهة أوسع، إلا أن القيادات الإسرائيلية والفلسطينية والإقليمية اختارت في النهاية التراجع وتركت الأمور تتطور على أرض الواقع كيفما يكون.
المصدر:
الجزيرة