آخر الأخبار

بعد التصعيد الإسرائيلي والضغط الأميركي.. هل تنفجر الأوضاع في لبنان؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

تتشابك على الساحة اللبنانية مؤشرات ضغط متزامنة من واشنطن وتل أبيب ، حيث تتقدم الولايات المتحدة بالعصا السياسية عبر التهديد بالمساعدات والعلاقات، بينما توسّع إسرائيل هامش القوة العسكرية لفرض معادلة تُجبر لبنان على مواجهة تتجاوز حدود الاشتباك التقليدي.

هذا التداخل بين ضغط سياسي خارجي وضربات ميدانية متصاعدة يعكس مقاربة مزدوجة لإعادة تشكيل البيئة الأمنية في الجنوب، فتل أبيب تتعامل مع اللحظة كفرصة لتثبيت وقائع جديدة، فيما تراهن واشنطن على إضعاف الدور العسكري لحزب الله عبر الجيش اللبناني .

وتبدو إسرائيل، وفق قراءة تحليلية مستندة إلى مسار الغارات، في حالة سباق مع الزمن قبيل انتهاء المهلة الأميركية لنزع سلاح حزب الله ، مستفيدة من توقف القتال في غزة لتوجيه ثقلها نحو الجبهة الشمالية باعتبارها ساحة الأولوية الجديدة.

هذا التصعيد، كما يؤكد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى، يأتي في إطار إستراتيجية تدريجية تهدف إلى رفع مستوى الضغط، سواء عبر تكثيف الغارات جنوب الليطاني أو توسيع رقعة الاتهامات بشأن إعادة بناء بنى تحتية للمقاومة.

ويشير مصطفى، في حديثه لمسار الأحداث، إلى أن إسرائيل تستند في خطابها إلى 3 روافع، إعادة تسليح حزب الله، وتطوير بنيته التحتية جنوب الليطاني، ووجود تعاون بينه وبين الجيش اللبناني، وهي مرتكزات تُستخدم لتبرير التصعيد وربط الساحة اللبنانية بمرحلة ما بعد غزة.

ويتقاطع ذلك مع رسائل إسرائيلية أكثر شمولا، ترى أن ما بعد السابع من أكتوبر 2023 شكّل نقطة تحول في عقيدتها تجاه الجبهات، وأن لبنان بات الساحة المركزية التي تُقدم فيها قوتها الميدانية بوصفها امتدادا لوقف إطلاق النار في غزة، لا خرقا له.

حسابات أعقد

لكن خلف هذا التصعيد تكمن حسابات أعقد، فإسرائيل -وفق مصطفى- تتصرف كجهة تعتبر نفسها منتصرة في هذه الجبهة تحديدا، وتتعاطى مع أي مفاوضات محتملة من موقع القوة، رافعة سقفها نحو نزع السلاح وبناء منطقة عازلة تُدار وفق مصالحها المباشرة.

إعلان

على الطرف الآخر، تبدو واشنطن معنية بتثبيت ضغوطها من خلال إلغاء لقاءات قائد الجيش اللبناني وربط المساعدات بمستوى "التقدم" في ملف نزع السلاح، وهو ما يصفه مايكل مولروي نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط، بأنه انعكاس لشكوك أميركية في قدرة الدولة على فرض سيادتها.

ويرى مولروي أن انتهاء المهلة من دون تغيّر فعلي سيدفع واشنطن إلى خيارات أكثر صرامة، قد تبدأ بوقف المساعدات الأمنية وتمر عبر انسحاب من دور الوساطة، ما يزيد هشاشة الدولة اللبنانية ويقطع أحد خطوط التخفيف عن الجنوب الملتهب.

هذا التعقيد السياسي يترافق مع حالة مأزقية تشخصها مقاربة الخبير العسكري العميد إلياس حنا، الذي يرى أن إسرائيل تعتمد سياسة الردع عبر المنع ورفع الكلفة، لأنها غير قادرة على تحقيق حسم شامل، بينما يجد حزب الله نفسه أمام اعتبارات داخلية وإقليمية تحدّد مستوى رده.

ويشير حنا إلى أن الرد من جانب حزب الله محكوم بتوازنات داخلية دقيقة، أبرزها الحفاظ على إستراتيجية دفاعية تقلل فرص الانزلاق إلى مواجهة مباشرة، وتضمن في الوقت نفسه بقاء القدرة الردعية دون فتح الباب أمام حرب شاملة.

استنزاف منظم

أما أمين قمورية، الصحفي والمحلل السياسي، فيرى أن إسرائيل تنفذ نمطا من الاستنزاف المنظم جنوب الليطاني، مستهدفة بنى ثابتة لمنع تشكّل منظومة متماسكة لحزب الله، وهو ما يضع الدولة اللبنانية وحزب الله وإسرائيل نفسها داخل مأزق متبادل.

ويُبرز قمورية أن إسرائيل تتحرك خارج أهداف الحسم، معتمدة على سياسة رفع الثمن على لبنان وحزب الله بموافقة أميركية واسعة، بينما يبقى رد المقاومة محاطا بإحراج سياسي واجتماعي يعقّد قرار الرد المباشر ويزيد الضغوط على الدولة.

هذا التمدد في الضغط الإسرائيلي يتزامن مع بدء انسحاب تدريجي لليونيفيل ، ما يعني -وفق قراءة قمورية- انكشاف مناطق الجنوب أمام القوة الإسرائيلية المباشرة، ووضع الجيش اللبناني في مواجهة منفردة تتجاوز قدراته وإمكاناته.

ويحذّر قمورية من أن وقف المساعدات الأميركية قد يترك الجيش بلا قدرة على الاستمرار في مهامه، ما يفتح الباب لانهيار منظومة الردع الداخلية ويخلق فراغا أمنيا يسمح لإسرائيل بتوسيع نطاق عملياتها دون عوائق جوهرية.

لكن صورة المشهد رغم كل التصعيد، لا تزال محكومة بمعادلة الردع المتبادل؛ فحزب الله يدرك كلفة الرد غير المحسوب، كما تدرك إسرائيل أن الحرب الشاملة قد تعيد فتح جبهة الشمال بطريقة لا يمكن التحكم بتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا