في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أعلنت النيابة العامة الفرنسية -اليوم الاثنين- أنها فتحت تحقيقا بتهمة إنكار جرائم ضد الإنسانية ضد رئيس جمعية الدفاع عن ذكرى المارشال فيليب بيتا (1856-1951) بعد قداس أقيم أول أمس السبت في منطقة فردان، وفقا لما أوردته وسائل إعلام فرنسية اليوم.
وأوضحت صحيفة لوفيغارو أن الشكوى تستهدف بشكل خاص رئيس الجمعية جاك بونكومبين الذي صرح للصحفيين بعد خروجه من الكنيسة أن بيتان كان "أول مقاوم في فرنسا".
واعتبر بونكومبين أن محاكمة بيتان عام 1945 "لم تتوفر فيها كل شروط المحكمة العادلة" وفقا لما أوردته لوموند.
ووسط صيحات الاستهجان، قام ناشط من أقصى اليمين (بيير-نيكولا نوبس) المرشح السابق للانتخابات التشريعية لعام 2024 بترديد أغنية "مارشال، نحن هنا" التي تمجد زعيم حكومة فيشي .
كما تستهدف القضية الكاهن الذي أقام القداس غوتييه لوكين (31 عاما) بتهمة "تحريض رجل دين على مقاومة تنفيذ قوانين أو إجراءات السلطة العامة".
وأوضحت لوموند أن "حوالي 20 شخصا على الأكثر" حضروا حفل القداس التكريمي لبيتان.
وبحسب صحيفة لوفيغارو، فقد فتح تحقيق بتهمة "الطعن العلني بوجود جرائم ضد الإنسانية ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية " وكذلك بتهمة "عقد اجتماع سياسي في مكان يستخدم عادة لممارسة العبادة" حسبما أوضحت دلفين مونكويت المدعية العامة لفردان، في رسالة إلكترونية موجهة إلى وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت الصحيفة عن محافظ ميز أنه سيبلغ المدعي العام عن التصريحات التي "تنطوي بوضوح على الدعوة لإعادة كتابة التاريخ" وتم الإدلاء بها في هذه المناسبة.
ويحتمل أن تبادر السلطات إلى حل جمعية الدفاع عن ذكرى بيتان، وهو قرار يرجع إلى وزارة الداخلية، بحسب ما صرح به محافظ منطقة ميز.
وذكرت لوفيغارو أن صامويل هازارد عمدة فردان كان قد أصدر قرارا الأسبوع الماضي بحظر هذا القداس التكريمي، لكن قراره ألغي الجمعة من قبل المحكمة الإدارية في نانسي.
السلطات فتحت تحقيقا بتهمة "الطعن العلني بوجود جرائم ضد الإنسانية ارتكبت خلال الحرب العالمية الثانية" وكذلك "عقد اجتماع سياسي في مكان يستخدم عادة لممارسة العبادة"
وتخضع التصريحات التحريفية لعقوبة تصل إلى السجن لمدة عام وغرامة قدرها 45 ألف يورو. وتُعرّف هذه التصريحات بأنها إنكار أو التقليل من شأن أو التهوين بشكل مفرط من جريمة الإبادة الجماعية أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية .
ويعتبر بيتان واحدا من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في التاريخ الفرنسي، فقد جمع بين صورة البطل القومي في الحرب العالمية الأولى ، ورمز "الخيانة الوطنية" في الحرب العالمية الثانية.
وحتى اندلاع الحرب العالمية الأولى، كان يُنظر إليه كضابط تقليدي منضبط لكنه غير لافت، لكن دوره في معركة فردان ضد الغزو الألماني عام 1916 غيّر مصير هذا الجنرال وملامح تاريخه.
وقد كانت فردان واحدة من أكثر المعارك دموية في تلك الحرب، وقد ظهر في بدايتها أن الجيش الفرنسي يترنح أمام الهجمات الألمانية الكاسحة.
كان بيتان رمزا للوطنية إثر الحرب العالمية الأولى، لكن بعد غزو النازيين لفرنسا ترأس حكومة فيشي المتعاونة معهم، ثم اتهم لاحقا بالخيانة العظمى، وحكم عليه بالإعدام، وخفف الحكم لاحقا إلى السجن المؤبد
ثم ما لبث أن استدعي بيتان لقيادة الجبهة، واشتهرت المعركة بشعار "لن يمروا" واستطاع الفرنسيون الصمود وتحويل فردان إلى رمز للمقاومة الوطنية، ونال بيتان على إثرها أعلى المراتب العسكرية، وصولا إلى رتبة المارشال عام 1918.
وعندما اجتاحت ألمانيا النازية فرنسا عام 1940، انهارت المقاومة الفرنسية سريعا، وظهرت خلافات بين القادة حول الاستمرار في القتال، أو المهادنة والحفاظ على البلاد من الدمار.
وفي جو من الهزيمة والصدمة الشعبية، وقعت يوم 22 يونيو/حزيران 1940 الهدنة بين فرنسا وألمانيا، ونتج عنها تقسيم فرنسا، حيث احتلت ألمانيا الجزء الشمالي والغربي، في حين احتلت إيطاليا جزءا صغيرا بالجنوب الشرقي، أما الجزء الباقي فسُمّي المنطقة الحرة وخضع لسيطرة حكومة فيشي المشكلة حديثا من قبل المارشال بيتان.
ومُنح بيتان سلطات واسعة بعدما اختار التعاون مع نظام أدولف هتلر ، واتهم لاحقا بارتكاب عمليات قمع شديد وجرائم ضد الإنسانية.
وبعد نجاح الحلفاء في هزيمة الألمان عام 1945، اتهم بيتان بالخيانة العظمى، وحكم عليه بالإعدام، وخفف الحكم لاحقا إلى السجن المؤبد اعترافا بدوره في الحرب العالمية الأولى، ولتقدمه في السن.
وقضى سنواته الأخيرة في جزيرة "د ييو" في الساحل الفرنسي بعيدا عن الأضواء التي ملأت حياته، حتى وفاته عام 1951.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة