في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
ضمن جغرافيا العالمين العربي والإسلامي، وفي زمن الفضاءات المفتوحة وحرية المعلومات وسيادة الحقيقة المجردة، ولد " جيل زد " الذي يبحث عن العدالة ولا يثق في المؤسسات التي ترفع شعارها.
وتبدو دراسة جيل زد وعلاقته بالتغيير والتدين من القضايا المعقدة، لأنه لم يولد في حقبة الوعظ والمنابر، بل في زمن الخوارزميات والشاشات، كما أنه لم يكوّن وعيه في حلقات الدروس أو في ساحات التنظيم، وإنما تربى على إتاحة المعلومة والابتعاد عن التلقين.
وبينما كانت الحركات الإسلامية تنشغل بقضاياها الداخلية أو بصدامها مع الأنظمة، كان هذا الجيل يتربى بعيدا عنها، ويرى الإسلام من خلال عدسة الإعلام، ويسمع عن "المشروع الإسلامي" من خصومه، كما يسمع من دعاته.
وبوصفه جيلا يحمل في داخله قيم النهضة الإسلامية حيث يركز على الحرية والعدالة والانتماء للأمة، فإنه خليق بأن تبنى معه جسور للتواصل ليتم تحويله إلى قوة تغيير حيوية تمتلك مفاتيح المستقبل.
وحول طبيعة جيل زد وفجوته مع الحركات الإسلامية التقليدية، وآليات انجذابه نحو الخطاب الإسلامي، نشر مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية ورقة تحليلية، ضمن سلسلة أوراق التحول الشعبي والوعي الجمعي، حملت عنوان "جيل زد والحركات الإسلامية: بين النفور والانجذاب.. نحو استعادة الجسر المفقود بين التدين والتغيير".
يمثل جيل زد حلقة وصل بين عالمين متباينين: عالم الثورة الرقمية، وعالم ما قبلها، وتبدو ملامحه بشكل أوضح في كونه يعيش في عصر السرعة، ولا يؤمن بالتراتبية ولا يثق في المؤسسات، ولا يعطي قيمة للانتماء مقابل البحث عن الذات، ومن أبرز سماته:
وتبدو صورة هذه الحركات في ذهن الجديد متذبذبة أو متناقضة، إذ تدور بين الإعجاب بمشروع الآباء وقيمهم، وبين الخيبة من النتائج التي تم تحقيقها، ولذلك تبدو الحركات الإسلامية في نظره ما زالت عالقة في الماضي.
ومن أبرز ملامح هذه الصورة ما يلي:
وبالإضافة إلى ذلك، لم تنجح الحركات الإسلامية في نظر الجيل الجديد في خلق قادة لهم القدرة على مخاطبة الشباب بلغة قريبة من وعيهم.
ومع ذلك، فإن الجيل الجديد لا يرفض قيم الإسلام ذاتها، بل يرفض أن يُحتكر أو يوظف سياسيا دون إجابة عن أسئلته الكبرى: الحرية، العدالة، الكرامة، المساواة، والعلاقة بالدولة الحديثة.
وبالنظر إلى عمق الإشكال بين الجيل الجديد والحركات الإسلامية فإنه سيتبين أن الفجوة بينهما تعود إلى عدة أسباب أهمها أن الخطاب الإسلامي التقليدي لا يتماشى مع طموحات الجيل الجديد الذي يبحث عن القيم الكبرى الباحثة عن العدالة والكرامة.
ومن جذور الفجوة بين الطرفين أن الحركات الإسلامية لا تزال تركز على الحكم والسياسة الشرعية، بينما ينشغل الجيل بقضايا العدالة الاجتماعية، المناخ، المرأة، وحرية التعبير.
كما أن الأساليب المعتمدة من كلا الطرفين مختلفة، إذ تعتمد الحركات على التلقين والوصاية، بينما يعيش الجيل الجديد على ثقافة الحوار والنقاش، والبحث عن الإقناع.
وإذا أرادت الحركات الإسلامية أن تجذب نحوها هذه القوة الجديدة، فإنها لا بد أن تتحرك إلى الفضاءات الرقمية لتصنع جسورا للتواصل، وتعمل على سردية تربط الإسلام بالحرية وليس بالقهر.
ومن شأن الاهتمام بالفن والثقافة والفنون المرئية أن تزيد من آليات انجذاب الجيل الجديد نحو قيم الإسلام وارتباطه بالحركات الإسلامية وخطابها.
أشارت الورقة التحليلية إلى أن جيل زد كقوة تغيير قوية صاعدة لا ينبغي أن يهمل، بل يجب أن يحاور ويقنع، لأنه يمتلك من الأدوات والوسائل ما لم يكن متاحا للأجيال السابقة، إذ له قدرة فائقة على التواصل والتنظيم الذاتي والتعبئة الرقمية.
وتبرز قوة الجيل الجديد في كونه يمتلك من الطاقات ما يعادل ما تتمتع الحركات التقليدية من تجارب، كما أن ما ينقصها من القدرة على التفاعل الجماهيري، يملك الجيل أيضا القدرة على إحداثه.
وتبرز مظاهر القوة التي يتمتع بها جيل زد في ما يلي:
وانطلاقا من ذلك نوّهت الدراسة إلى أن جيل زد يمكن أن يتحول إلى جيل المقاومة الحضارية الذي يواجه التغريب والاستبداد والاحتلال معا، ويفتح الباب أمام مشروع التغيير الإسلامي المتجدد.
واختتمت الدراسة قراءتها بمجموعة من التوصيات أهمها:
واعتمادا على هذه المعطيات فإن جيل زد لا يعتبر خصما للإسلام، وإنما عاصر الحاجة إلى ضرورة تجديده، ولذلك يمكن أن يعيد تعريف العلاقة بين الإيمان والحرية، وإن لم تسايره الحركات الإسلامية في ذلك فستجد نفسها خارج التاريخ.
    
    
        المصدر:
        
             الجزيرة
        
    
 
   مصدر الصورة