آخر الأخبار

جدار المسيرات الأستوني هل ينقذ أوروبا من هجمات روسيا؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

مقدمة المترجم

في هذا المقال، المنشور بموقع "ديفِنس وان" للشؤون العسكرية، يكتب باتريك تاكر، محرر الملف التكنولوجي بالموقع، عن جهود أوروبا المتزايدة لبناء شبكة دفاع ضد المُسيَّرات الروسية، التي توغَّلت أكثر من مرة في المجالات الجوية لدول شرق أوروبا، ويُمكنها أن تُهدِّد القارة الأوروبية كلها في المستقبل القريب، في خضم الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا، والدعم الأوروبي الضخم الذي تحصل عليه كييف لمواجهة الجيش الروسي.

ويرسم تاكر صورة مُفصَّلة عن الشركات الإستونية التي تُشارك في هذا الجهد، ويُسلِّط الضوء أيضا على القيود التي تواجه مشروع "جدار المُسيَّرات" كما يُسمَّى، وخاصة الخلافات حول الأولويات بين دول الاتحاد الأوروبي نفسه.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 قناع الغرب الذي نعرفه يسقط ووجهه "القبيح" يوشك أن يظهر
* list 2 of 2 اليابان تتغير بسرعة استعدادا للحرب وأسلحة متطورة لتدمير الخصوم end of list

نص الترجمة

مع تزايد توغُّلات المُسيَّرات الروسية عبر أجواء أوروبا، تبنَّى الاتحاد الأوروبي في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي أحد أكثر مشاريع الدفاع طموحا بين عدة دول في تاريخه: "جدار للمُسيَّرات" على مستوى أوروبا.

وقد وُضِع تصوُّر لهذا المشروع على أنه شبكة من أجهزة استشعار جديدة، وبرمجيات ذكاء اصطناعي، وأجهزة تشويش، وصواريخ رخيصة، وغير ذلك، بحيث تهدف إلى إحباط هجمات المُسيَّرات الصغيرة.

ولا يزال المفهوم في مراحله الأولى، لكن عشرات الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا الدفاع في إستونيا قدَّمت لموقع "ديفِنس وان" لمحة عن كيف أن المركبات ذاتية القيادة، والصواريخ قصيرة المدى منخفضة التكلفة، والمُسيَّرات المقاتلة، ومفاهيم الذكاء الاصطناعي، كلها تضع معا الأساس لهزيمة أسراب المُسيَّرات. وقد أكَّد جميع الشركات تقريبا أنه عمل مع قادة الخطوط الأمامية الأوكرانيين جزءا من عملية التطوير.

اللبنة الأولى في جدار المُسيَّرات هي إستونيا، وهي دولة يبلغ عدد سكانها نحو 1.3 مليون نسمة، وتشترك في حدود بطول 295 كيلومترا مع روسيا، وحصلت على 2.66 مليار يورو من أموال الاتحاد الأوروبي لدعم الشركات التي تعمل على تقنيات مواجهة المُسيَّرات.

لماذا إستونيا؟

تُعد إستونيا أحد أسرع مراكز الشركات الناشئة والتكنولوجيا نموا في أوروبا، مع تركيز على مجالات مثل الأنظمة الذاتية، والمواد المتطورة، والذكاء الاصطناعي، وهي كذلك أحد أكثر الشركاء نشاطا في تبادل التكنولوجيا مع أوكرانيا. وفي أغسطس/آب، منحت الحكومة الإستونية 300 ألف يورو لثلاث شركات جزءا من جهد مستمر لتطوير حلول لجدار المُسيَّرات.

مصدر الصورة خريطة إستونيا (الجزيرة)

إحدى تلك الشركات هي "دِف سِك إنتِل" (DefSecIntel)، التي تتخصص في أمن الحدود، بما في ذلك أجهزة الاستشعار، وبرامج دمج بيانات المُستشعرات، والمُسيَّرات.

إعلان

وفي أثناء جولة في أحد مصانع الشركة في سبتمبر/أيلول، قال يانوس تام، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة الناشئة التي يبلغ عمرها سبع سنوات، إن الشركة عقدت شراكة مع أوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها بوجه الهجمات الروسية، وقد منحت الشراكة مع الأوكرانيين الشركة فهما مباشرا للتهديدات المتعلقة بالمُسيَّرات من جبهات القتال مباشرة.

تعتمد إستراتيجية "دِف سِك إنتِل" الخاصة بجدار المُسيَّرات على مستشعرات سريعة الحركة وذات مناورة عالية تُركَّب على شاحنات ومُسيَّرات أخرى، بل وحتى قوارب مأهولة وغير مأهولة. وتُضاف إلى تلك المستشعرات المتحركة تقنيات كشف جديدة مُخصَّصة للمُسيَّرات، مثل المستشعرات الصوتية التي يُمكن تثبيتها في مكانها.

ويمكن للمستشعرات المتحركة والثابتة معا اكتشاف المُسيَّرات التي تفلت من نظم الرادار الكبيرة والمكلفة، كما تعمل الشركة على أنظمة تهدف إلى اعتراض المُسيَّرات بتكلفة أقل من الاعتراضات التي تُكلف ملايين الدولارات.

ففي سبتمبر/أيلول الماضي، وقَّعت شركة "دِف سِك إنتل" صفقة مع شركة "أوريجين روبوتيكس" من دولة لاتفيا، التي تصنع مُسيَّرات "تعقُّبية"، تلك التي تُطارد مُسيَّرات أخرى، بالإضافة إلى مُسدَّسات التشويش الإلكتروني التي تُركَّب على شاحنات وتستهدف المُسيَّرات.

تمتلك شركة "ميلرِم روبوتيكس"، صانعة المركبات الروبوتية، والمشاركة بقوة في جهود الدفاع ضد المُسيَّرات في أوكرانيا، عقدا آخر مع الحكومة الإستونية ضمن المجموعة نفسها، لتعديل مركباتها الروبوتية المُتعقَّبة لأدوار دفاعية ضد المُسيَّرات. يمكن لذلك أن يزيد عدد الأجهزة المُتنقِّلة للكشف عن المُسيَّرات على الحدود.

وقد ردَّت روسيا على نجاح أوكرانيا في تتبُّع مُسيَّرات "شاهد" بإطلاق المزيد منها، مُستخدمة تكتيكات القصف المتتالي المشابهة لتلك التي دفعت إسرائيل إلى تطوير نظام الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية". وقد صُمِّم هذا النظام ليكتشف ويُطلِق النار تلقائيا على وابل كبير من صواريخ المدفعية قصيرة المدى، وهي مشكلة مختلفة تماما عن تتبُّع صاروخ أو اثنين بعيدَيْ المدى عبر الرادار.

في المسار نفسه، طوَّرت شركة "فرانكِنبورغ تِكنولوجيز"، ثالث شركة ذُكرت ضمن الصفقة الإستونية، نظام اعتراض أرخص كُلفة، يعتمد أيضا إلى حدٍّ كبير على الخبرات المكتسبة من مساعدة أوكرانيا.

ويُدعَى نظام الصواريخ الصغيرة هذا "مارك 1″، وهو مشابه في المفهوم لصاروخ "ستينغر" لكنه مزوَّد بجهاز تعقُّب (seeker) وبرمجيات ذكية تستجيب تحديدا لتهديد المُسيَّرات. ويتيح ذلك لمُشغِّل واحد أن يتعامل مع مُسيَّرات متعددة بالتزامن وبسرعة أكبر من الأنظمة الأقدم، التي تتطلَّب مُشغلا واحدا لكل مُسيَّرة.

جدار المُسيّرات

"هذا الأمر سيصبح شبه آلي. هذه هي الطريقة التي يجب أن يعمل بها الجدار. لا يمكننا أن نتحمل أن يكون أمام كل مُسيَّرة تهاجمنا مُشغِّل مُسيَّرات واحد"، هكذا تحدَّث أندرياس بابيرت، مدير الهندسة في الشركة، في حديثه لصحافيين، مُضيفا: "مُسيَّرة شاهد مثلا لا تأتي بمفردها أبدا.

نحن نتحدث عن ست أو ثماني أو اثنتي عشرة مُسيَّرة تأتي في الوقت نفسه، فهل نحتاج إلى 12 مُشغِّلا على الأرض لكل مُسيَّرة منها؟ آسف، هذا ببساطة أمر غبي". ولكن القيمة الحقيقية لـ"مارك 1″، على حد وصف مؤسِّس الشركة ووزير الدفاع الإستوني السابق كوستي سالْم، هي أنه أرخص بكثير من منافسيه، على الأقل وفقا لتقديرات وتكهُّنات الشركة.

إعلان

وقد قال سالْم إن أوروبا "تبحث عن قدرة إنتاج بالمئات يوميا"، وتسعى لوضع تكنولوجيا هزيمة المُسيَّرات الجديدة على حدود أوروبا في غضون أسابيع لا أشهُر.

بينما ينتمي مفهوم "جدار المُسيَّرات" إلى الاتحاد الأوروبي، فإنه يتداخل من حيث الجغرافيا والتكنولوجيا والأهداف مع جهد منفصل لحلف الناتو يُسمى "الدرع الشرقي"، وهو جهد لزيادة دفاع المنطقة الشرقية تحت قيادة وتحكُّم الناتو.

لدى الناتو مصلحة قوية في ضمان أن تكون الدفاعات التي تشتريها دول الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء قابلة للتشغيل المُتبادَل مع هياكل ومعايير قيادة وتحكُّم الناتو من خلال قيادة التحوُّل العليا للحلفاء (SACT).

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، شارك الناتو والقيادة المدنية في اجتماع مع أعضاء الاتحاد الأوروبي، بحسب تصريح لمسؤول كبير بالناتو في حديث مع موقع "ديفنس وان"، الذي قال إن الطرفين في تنسيق وثيق مع بعضهما بعضا، وإن الناتو يُقدِّم للاتحاد الأوروبي متطلباتٍ عسكرية واحتياجات مضادة للمُسيَّرات.

جاءت تلك المتطلبات إلى حدٍّ كبير من الخبرات في أوكرانيا. ولكن في الأسابيع القادمة، سيُجري حلف الناتو، عبر قيادة التحول العليا (SACT)، اختبارات وتجارب إضافية مع أنظمة جديدة، تتراوح من الحرب الإلكترونية إلى الطائرات المضادة للمُسيَّرات، وغير ذلك الكثير.

"لقد أعطيناهم إطارا بالفعل، وبمجرد أن ننتهي من التجارب، سندفع الأمور قُدُما"، هكذا قال المسؤول بالناتو. وقد أكَّد القائد الأعلى للحلف في أوروبا إجراء اختبارات سريعة جدا لتقديم تفاصيل عسكرية ذات صلة للاتحاد الأوروبي: "أسابيع، وليس أشهر، كي يكون لدينا شيء مُختَبَر ومُجرَّب، وشهور لا سنوات، كي نحصل على شيء يمكن نشره بسعر مناسب يمكن للناس بدء العمل به".

بالنسبة للعديد من شركات التكنولوجيا في إستونيا، تُظهِر سلسلة التوغلات الأخيرة للمُسيَّرات الروسية في أوروبا الشرقية أن إستونيا وغيرها من دول البلطيق لا يمكنها انتظار وصول التكنولوجيا الجديدة.

وقد قال تام إنه "سيكون بإمكان روسيا في العام المقبل تصنيع 75 ألف طائرة شاهد، لذا يمكنها ضرب المزيد من الأهداف". ولذا، انعقد اجتماع أعضاء الاتحاد الأوروبي في كوبنهاغن وسط إجراءات أمنية مشددة بسبب زيادة التوغلات الروسية للمُسيَّرات وحتى المقاتلات الحربية.

ورغم أن الاجتماع لم يُسفِر عن اتفاقيات تمويل جديدة مُحدَّدة، فإن الاتحاد التزم بوضع خارطة طريق لتوضيح تفاصيل ما الذي ينبغي تمويله جزءا من هذا الجهد، وكيفية تمويله.

مصدر الصورة رئيس الوزراء الإستوني كريستين ميشال (يسار)، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب (وسط)، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، يقفون لالتقاط صورة في قمة دول حلف شمال الأطلسي لبحر البلطيق في القصر الرئاسي في هلسنكي، فنلندا، في 14 يناير/كانون الثاني 2025 (الفرنسية)

تحديات وعقبات

لكن التزامات التمويل متأخِّرة عن مستوى التهديد الفعلي، حسبما قال توبياس إلوود، الوزير البريطاني الأسبق لشؤون الدولة، في حوار مع قناة العربية. وقد أدَّى ذلك إلى "شعور بالذعر" بين أعضاء الناتو، على حد وصفه: "فجأة لم نعُد نتحدث عن أوكرانيا، بل عن أوروبا الشرقية نفسها، حيث تختبر روسيا وتهاجم، أو على الأقل تتسلَّل، إلى الأجواء الأوروبية".

ولعل القادة الروس متحمسون لاختبار رد فعل أوروبا على توغلات المُسيَّرات جزئيا بسبب ما تكشفه هذه الردود عن قدرات الأوروبيين، كما يقول إلوود إنه "ليست هناك أي قدرة أساسية للتعامل مع هجمات المُسيَّرات البدائية، وهو أمر تتحمل أوكرانيا عبئه طوال الوقت".

ويساعد تقرير صدر الأربعاء عن شركة التكنولوجيا البريطانية لمضادات للمُسيَّرات "ألباين شيلد" في توضيح صعوبة هذا الأمر، إذ جاء فيه: "لتغطية ما يقارب ألفَيْ كيلومتر من الحدود، هناك حاجة إلى أكثر من مئتَيْ موقع رادار.

إعلان

وهذه الرادارات عادةً ما تكتشف الطائرات الصغيرة ذات المقطع الراداري المنخفض فقط ضمن مدى يتراوح بين 3-10 كيلومترات. وبمجرد أن يتجاوز الجسم المتسلل خط الرادار الأول ويتوغل أبعد من هذا المدى، لا يمكن تتبعه بشكل موثوق.

ونتيجة لذلك، يجب عادة إرسال المقاتلات لاعتراضه وتتبُّع مساره ومحاولة إسقاطه، وهي مقاربة مكلفة ويصعب توسيعها وغير مناسبة للتوغلات الكبيرة للمُسيَّرات".

في يونيو/حزيران، وافق الاتحاد الأوروبي على قروض بقيمة 150 مليار يورو، مما يسمح للدول الأعضاء بتقديم مِنَح لشركاتها الدفاعية لتطوير نماذج أولية جديدة لوقف المُسيَّرات، كما خصَّص برنامج منفصل للاتحاد 800 مليار يورو للأسلحة الأوروبية الجديدة قبل عام 2030. وأخيرا، وافق أعضاء الناتو في الشهر نفسه على رفع الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.

لكن عام 2035 لا يزال بعيدا عنَّا بنحو عشر سنوات، وقد أظهرت محادثات كوبنهاغن وجود خلاف بين أعضاء الاتحاد الأوروبي بشأن الجوانب الأساسية لخطة "جدار المُسيَّرات"، مثل سرعة بنائه وكيفية إدارته وسط أولويات الدفاع الأوروبية الأخرى، وذلك وفقا لمسؤول في الاتحاد الأوروبي اطَّلع مباشرة على المناقشات.

وقد قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إن شبكة مكافحة المُسيَّرات لن تكون مُمكنة وجاهزة في غضون "السنوات الثلاث أو الأربع القادمة"، بينما قالت رئيسة وزراء لاتفيا، إفيكا سيلينا، إن استغراق الأمر ثلاث سنوات "ليس سريعا بما يكفي".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا