كبير مستشاري الولايات المتحدة للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس يقول في تغريدة على منصة "إكس" إن الولايات المتحدة استضافت أمس في واشنطن مصر والسعودية والإمارات لحضور اجتماع للمجموعة الرباعية، بهدف تعزيز الجهود الجماعية نحو السلام والاستقرار في #السودان pic.twitter.com/Z72Vbt5cs9
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 25, 2025
الخرطوم/ واشنطن- اختتمت في واشنطن اجتماعات المجموعة الرباعية المعنية بالأزمة السودانية التي تضم الولايات المتحدة و السعودية و مصر و الإمارات من دون إحراز تقدم بشأن تبني خطوات عملية لتنفيذ خطتها للسلام.
ويوم 12 سبتمبر/أيلول الماضي، طرحت المجموعة الرباعية -بعد مشاورات لوزراء خارجية دول المجموعة- خطة تدعو إلى هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار، ثم عملية انتقالية جامعة وشفافة خلال 9 أشهر، تحقق تطلعات الشعب السوداني نحو حكومة مدنية مستقلة.
وتزامنا مع لقاء جديد للمجموعة الرباعية في واشنطن دون المستوى الوزاري، يوم الجمعة الماضي، لمناقشة ترتيبات عملية لتنفيذ خطة المجموعة للسلام، وصل إلى الولايات المتحدة وفدان من الحكومة السودانية و قوات الدعم السريع بدعوة أميركية.
وضم الوفد الحكومي وزير الخارجية محي الدين سالم، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، الفريق أحمد علي صبير، واللواء عباس بخيت نائب المدير العام لجهاز المخابرات العامة، بينما شمل وفد الدعم السريع القوني حمدان دقلو، الشقيق الأصغر لقائد القوات محمد حمدان دقلو " حميدتي "، ورئيس فريقها المفاوض العميد عمر حمدان ومحمد مختار النور.
وكشفت مصادر رسمية سودانية للجزيرة نت عن أن وزير الخارجية والوفد المرافق له أجروا مباحثات مع الجانب الأميركي برئاسة مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس ، وتوضح المصادر -التي رفضت الكشف عن هويتها- أن الوفد الحكومي طرح رؤيته بشأن أمن البحر الأحمر والتنسيق في مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، حيث تقاربت المواقف في هذه القضايا.
وحسب المصادر الرسمية ذاتها، فقد جدَّد الوفد الحكومي موقفه حيال وقف إطلاق النار ، إذ تمسَّك بخريطة الطريق -التي بعثها مجلس السيادة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في مارس/آذار الماضي و"إعلان جدة" الموقع في مايو/أيار 2023- مرجعا لأي اتفاق جديد، وأكد استعداده لسلام عادل وشامل ينصف السودانيين ولا يعيد قوات الدعم السريع للمشهد العسكري والسياسي.
كما أطلع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان قادة حركات سلام دارفور خلال لقاء في بورتسودان ، مساء أمس السبت، على طبيعة المفاوضات التي يجريها الوفد السوداني مع الإدارة الأميركية في واشنطن.
وأكد البرهان -خلال اللقاء- عدم وجود أي شكل من أشكال التفاوض مع قوات الدعم السريع، مؤكدا أن المباحثات الجارية تقتصر على الجانب الأميركي ولا تشمل أي تواصل مباشر أو غير مباشر مع "المليشيا المتمردة".
وفي المقابل، ذكرت منصات قريبة من الدعم السريع أن وفد قواتها -الذي ضم 4 أعضاء- أجرى مباحثات مع مسؤولين أميركيين وبعض أطراف المجموعة الرباعية.
وأفادت بأن وفد الدعم السريع اشترط اعتماد اتفاق المنامة -الذي وُقّع بالأحرف الأولى في البحرين عام 2024، بين عضو مجلس السيادة شمس الدين الكباشي ونائب قائد الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو- مرجعا أساسيا في التفاوض.
كما طالب الدعم السريع، وفقا لتلك المنصات، بقطع علاقات السودان مع إيران، وتصفية الحركة الإسلامية من المشهد السياسي وتسليم المطلوبين ل لمحكمة الجنائية الدولية وبناء جيش قومي مهني جديد على أسس جديدة.
وفي ختام اجتماعات المجموعة الرباعية، أعلن مسعد بولس أن أطراف اللجنة الرباعية المعنية بالملف السوداني توصلت إلى اتفاق بشأن تشكيل لجنة مشتركة تهدف إلى تعزيز التنسيق حول الأولويات العاجلة في السودان.
وأوضح بولس -في منشور عبر منصة إكس – أن الاجتماع الرباعي ناقش بشكل موسّع سبل الحد من التدخلات الخارجية في النزاع السوداني، مع التركيز على ضرورة الدفع باتجاه عملية انتقال سياسي تقود إلى حكم مدني شامل.
وأكد أن الأطراف المشاركة أبدت توافقا حول أهمية تحصين المسار السياسي من التأثيرات الإقليمية والدولية التي تعوق جهود التسوية، مشيرا إلى أن النقاشات تناولت أيضا آليات دعم المؤسسات المدنية وتعزيز دورها في المرحلة المقبلة.
بدوره، يرى مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق للشؤون الأفريقية والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن ديفيد شين، في حديث للجزيرة نت، أنه "يبدو أن إدارة ترامب قد أعطت مهمة إنهاء الحرب في السودان إلى مسعد بولس".
وأشار الخبير شين إلى أن الجيش السوداني والدعم السريع لم يبديا أي استعداد جاد لإنهاء الصراع، وإذا فشلت هذه المبادرة، فليس من الواضح الإجراء الذي ستتخذه المجموعة الرباعية، أو الولايات المتحدة، إذ لم يطرحا أي تصور للتحرك إذا فشلت هذه الجهود.
وسبق أن أكد مسعد بولس أن "السودان سيكون أولوية في المرحلة القادمة"، غير أن هناك صعوبات في ما يتعلق بضعف التنسيق داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب ، بجانب تضارب الأجندات الإقليمية وعلاقات واشنطن المختلطة والمعقدة بهذه القوى.
من جانبها، تعتقد الباحثة بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أريج الحاج، في تقرير نشره المعهد، أن "الجهود العملية التي تقودها الولايات المتحدة لا تدعو إلى فتح مفاوضات مباشرة بين قيادة الجيش السوداني والدعم السريع، بل تُطرح كمحاولة لتشكيل منصة دولية منسّقة تدير توازن القوى في السودان عبر الضغط عند الحاجة، وتهيئ الظروف الملائمة لانطلاق عملية سياسية ناجحة".
أما الخبير في برنامج أفريقيا بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، كاميرون هدسون، فيقول "لا توجد أي خطة لدى إدارة ترامب لحل الأزمة في السودان، يبدو أنهم يعتقدون أنه تكفي دعوة الناس إلى واشنطن وأن سحر وزارة الخارجية سيجعلهم يوافقون".
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح هدسون أن "هذا الاجتماع أُجري على عجل من دون جدول أعمال أو تحضير. لا يمكنك أن تتوقع إحداث اختراق على أساس الأماني فقط، فهي ليست إستراتيجية".
وتعليقا على ما جرى في واشنطن، انتقد أمين حسن عمر، المستشار السابق للرئيس المعزول عمر البشير ، ما وصفه بـ"النهج الأميركي المنحاز" في التعامل مع الأزمة السودانية، ويرى أن الولايات المتحدة ليست مؤهلة لصنع السلام في السودان، لأنها لا تعترف بالسلطة الشرعية ولا تسعى لحلول تعكس الواقع السوداني، بل تفرض سردية تخدم مصالحها الإقليمية والدولية.
واتهم عمر -في منشور على صفحته في فيسبوك- واشنطن بأنها تسعى لإخضاع السودان بالكامل، لا إلى دعمه، كما تريد إبعاد السودان عن الصين وروسيا وتركيا، واحتكار قطاع المعادن والعناصر النادرة، وفرض ترتيبات في البحر الأحمر تخدم أمن الكيان الإسرائيلي.
في حين يرى المحلل السياسي فيصل عبد الكريم أن جولة الرباعية في واشنطن لم تصل إلى طريق مسدود، وأن الإدارة الأميركية تسعى إلى معالجة تباينات في مواقف أطراف المجموعة الرباعية وحققت تقدما في هذا الشأن.
وحسب حديث عبد الكريم للجزيرة نت، فإنه لا توجد جهود جادة لإنهاء الحرب في السودان غير مبادرة "الرباعية"، وإن تعثرها يعني إطالة أمد الحرب ومواجهة البلاد سيناريوهات قاتمة، وتوقّع دعوة الجيش والدعم السريع إلى مفاوضات في مدينة جدة السعودية قريبا بعد التوصل لإعلان مبادئ بينهما عبر اتصالات مباشرة لبولس مع الجانبين.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة