المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع #غزة يتهم جيش الاحتلال بسرقة أعضاء من جثامين فلسطينيين ويدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق دولي#حرب_غزة #إنفوغراف pic.twitter.com/lLQ9E2NvWe
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 19, 2025
غزة- سلَّمت إسرائيل جثامين 165 شهيدا كانت محتجزة لديها في حوادث منفصلة، ومن أماكن مختلفة من قطاع غزة منذ اندلاع حرب الإبادة في 7 أكتوبر /تشرين الأول 2023، وذلك ضمن صفقة تبادل الأسرى في اتفاق وقف إطلاق النار بالقطاع، بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال قبل أقل من أسبوعين.
وكشف عضو "لجنة إدارة الجثامين" ومختصّ الأدلة الجنائية، سامح حمد، في حوار خاص مع الجزيرة نت، عدم خلو جثمان واحد من بين الجثامين المفرج عنها من آثار تعذيب شديد أفضى إلى الموت، وأخرى تشير المعاينة إلى أن أصحابها تعرضوا للإعدام الميداني.
ونشرت اللجنة صورا لهذه الجثامين على موقع "صحتي" التابع لوزارة الصحة في غزة، لإتاحة الفرصة للأهالي للتعرف عليها وتحديد هويتها، بعد امتناع الاحتلال من إرفاق قائمة بالبيانات الشخصية للشهداء.
وظهر أصحاب الجثامين -وفق المختصّ حمد- وهم معصوبو الأعين ومقيدو الأيدي من الخلف، وآخرون بحبال تلتف حول رقابهم، وجثامين بعظام وأطراف مهشّمة، وجروح غائرة في الرأس والبطن والرقبة وجلد ممزق ومحترق، ووجوه مشوهة.
وفي ما يلي نص الحوار كاملا:
تسلَّمنا حتى اليوم 165 جثمانا لشهداء كانت محتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي في حوادث منفصلة ومن أماكن مختلفة من قطاع غزة خلال عامين من حرب الإبادة الإسرائيلية.
حسب ما أبلغتنا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من المفترض أن تفرج إسرائيل عن 450 جثمانا بموجب الصفقة واتفاق وقف إطلاق النار.
تشير البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة والمكتب الإعلامي الحكومي وجهاز الدفاع المدني إلى أن زهاء 10 آلاف مواطن فقدت آثارهم خلال الحرب، ولا يُعرف مصيرهم، ولا نعرف بشكل دقيق ومحدد كم من هؤلاء المفقودين هم عبارة عن جثامين لشهداء محتجزة لدى الاحتلال، الذي ينتهج سياسة الغموض والإخفاء في هذا الملف الإنساني.
بكل تأكيد، وكان يفترض أن يضغط الصليب الأحمر باتجاه تسلم البيانات الشخصية للشهداء مع الجثامين، فشهداؤنا ليسوا أرقاما.
كما كان يفترض أن يُسلم الاحتلال اللجنة الدولية للصليب الأحمر جهازا للفحص الفوري للحمض النووي "دي إن إيه"، ولكنه تنّصل من التزامه، ولم يصلنا هذا الجهاز غير المتوفر في القطاع.
حتى اللحظة، جرى التعرف على 31 جثمانا فقط، وبطرق بدائية، حيث لا تتوفر لدينا أجهزة ومقومات للتعامل مع الجثامين، والاحتلال زاد الأمر تعقيدا، إذ وصلتنا جثث الشهداء مبتورة أصبع الإبهام من اليدين، اليمنى واليسرى، ومبتورة الأصبعين الكبيرين من القدمين، مع علامات أعلى الفخذ تشير إلى أن الاحتلال أجرى فحوص الحمض النووي لكل جثة، ويمتلك البيانات الخاصة بكل جثمان.
كما أسلفت، ننتهج طرقا بدائية، حيث قمنا بتصوير كل جثمان ونشر الصور بدقة عالية على موقع "صحتي" التابع لوزارة الصحة، وذلك بعد توثيقها وفحصها من الطب الشرعي والأدلة الجنائية.
ويتم الفحص بالمعاينة العينية الظاهرية، وتحديد العلامات الفارقة في جسد كل شهيد، والمرفقات الشخصية المتعلقة بكل جثمان كالملابس والهاتف النقال أو خاتم الزواج، ونمنح كل جثمان رمزا خاصا (كود).
كما خصصنا قاعة في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس لعرض صور الجثامين على شاشة كبيرة أمام حشود من ذوي المفقودين، ممن يتلهفون لمعرفة مصير أبنائهم، وفي حالة التشخيص وتطابق العلامات وتحديد الهوية يتم استكمال الإجراءات لتسليم الجثمان لذويه من أجل إكرامه بالدفن.
يأتينا يوميا ما بين 300 إلى 500 شخص من ذوي المفقودين لمشاهدة الصور على أمل أن تهدأ قلوبهم المتلهفة لمعرفة مصير أبنائهم، إذا ما كانوا شهداء لدفنهم، أو أسرى لدى الاحتلال ليدعو لهم بالحرية.
الشهيد بهاء الدين صادق الخطيب، من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة وعمره (45 عاما)، تسلَّمنا جثته في 18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ومن معاينة جثمانه يرجح أنه تعرّض للتصفية والإعدام في الميدان.
كان نحو 60 شخصا من ذويه في قاعة العرض، التي ضجّت بالصراخ والبكاء، ما بين تأكيد أن الجثمان هو للشهيد الخطيب، وبين إنكار لهول المشهد وحالة الجثمان.
تأكد في النهاية أنه الشهيد الخطيب، وهو أسير محرر في صفقة "وفاء الأحرار1" المعروفة باسم "صفقة شاليط "، وكان قد تعرض سابقا لمحاولة اغتيال إسرائيلية تركت علامة على جسده، إضافة لآثار عملية جراحية في ساقه اليمنى، وقد حسمت زوجته هويته بالتعرف عليه من ملابسه.
لابد من الإشارة هنا إلى أن الاحتلال يُسلّمنا جثامين الشهداء في أكياس بلاستيكية، وبشكل مهين لا يليق بحرمة الأموات، وهذه الأكياس مع عوامل الطقس تترك آثارا على الطبقة الجلدية وتطمس معالم الجسد، أو بعض علامات التعذيب.
ويمكن رصد أبرز العلامات والآثار على جثامين الشهداء بالتالي:
عقدنا اجتماعا في لجنة إدارة الجثامين، وتم التوافق على مواراة جثامين الشهداء المجهولين الثرى يوم غد الأربعاء، والتي مضى عليها 5 أيام في مجمع ناصر الطبي دون التعرف عليها.
وستخصص للدفن مقبرة جماعية في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وسيكون لكل شهيد في هذه المقبرة قبر خاص به مع شاهد مرفق به الكود وما يتوفر من معلومات حوله وفق قاعدة بيانات.
يمعن الاحتلال في ارتكاب جرائمه ضد الفلسطينيين أحياء، وحتى بعد استشهادهم، ويتعمد امتهان كرامة الشهداء، وهو يدرك أنه بحجب البيانات يزيد من ويلات وعذابات ذوي المفقودين، ويعلم أنه لا يتوفر في غزة أي مقومات للتعامل مع هذه الجثامين وفحصها وتحديد هويتها، وبالتالي يتم دفنها في مقابر جماعية كما قرّرنا دون نظرة وداع.
تتألف لجنة إدارة الجثامين المفرج عنها، من طرف الاحتلال، من وزارات الصحة والأوقاف والشؤون الدينية والداخلية والعدل والنيابة العامة، إضافة إلى ممثل عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ولدينا مستشار قانوني، ومؤكد أن هذا الملف الإنساني المهم سيأخذ حقه القانوني، حيث سيتم إعداده بشكل متكامل يمكن استخدامه في المحافل المختصة.