في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- يستعد الشارع الأميركي غدا السبت لموجة احتجاجات وطنية واسعة تحت شعار "لا ملوك"، مع جدول يمتد -بحسب تقديرات إعلامية وتنظيمية- إلى نحو ألفي فعالية في نحو 1700 مدينة عبر الولايات المتحدة، بينما ترفع جهات محلية الرقم إلى أكثر من 2500 حدث احتجاجي متوقع.
ويستهدف الحراك ما يصفه منظموه بـ"تنامي النزعة الاستبدادية" في إدارة الرئيس دونالد ترامب ، وسياساته تجاه المهاجرين والحريات المدنية، وذلك في سياق إغلاق حكومي متواصل يزيد من حدة التوتر الاجتماعي والسياسي.
وانطلقت حركة "لا ملوك" بتظاهرات واسعة في يونيو/حزيران الماضي، حيث قدّر المنظمون المشاركة بأزيد من 5 ملايين متظاهر في أكثر من 2100 مدينة، قبل أن تعود الدعوات إلى التصعيد هذا الأسبوع، على خلفية تعزيز الحضور الفدرالي وظهور عناصر أمنية ملثمة في بعض المدن، وهو ما تنفيه الإدارة الأميركية أحيانا أو تبرره باعتبارها "تدابير لحفظ النظام".
يرفع المنظمون وحلفاؤهم الحقوقيون والمدنيون حزمة مطالب يتصدرها وقف توسيع حضور القوات الفدرالية والعسكرية داخل المدن، مستندين إلى أحكام قضائية أخيرة قيّدت نشر الحرس الوطني، واعتبرت الاحتجاج السياسي لا يرقى إلى "تمرّد" يبرر التدخل العسكري.
ويطالب المنظمون أيضا بإنهاء الممارسات الشرطية المقنّعة وضمان تعرّف الجمهور على هوية العناصر وارتباطها المؤسسي.
وفي ملف الهجرة، تدعو الشبكات المشاركة مثل "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" إلى كبح المداهمات والترحيل واسع النطاق ووقف الانتهاكات المنسوبة لوكالات اتحادية.
وتذهب تحليلات إلى أن هذا الحراك يأتي لمواجهة ما يسميها المحتجون "الأجندة الاستبدادية" للرئيس الأميركي وتمسكهم بسيادة القانون وحرية التظاهر السلمي.
في هذا السياق، تقول إيمان عوض، المديرة الوطنية للسياسات في مؤسسة "إيمغيج" (Emgage) المعنية بتعزيز المشاركة السياسية للمجتمعات المسلمة في واشنطن، إن "شعار ’لا ملوك‘ يذكّر الأميركيين بسبب قيام دولتهم أصلا، أي رفض الحكم المطلق، وهو اليوم دعوة للمساءلة والمساواة".
وتضيف -في حديث للجزيرة نت- أن هذا الشعار يعبّر عن قلق شعبي متنام من أن يسعى بعض القادة إلى "التحايل على القواعد أو تجاوزها"، وشددت على أن حماية الديمقراطية تقضي بأن يظل الحكم خاضعا لإرادة الناس، لا العكس.
تتولى حركة "50 ولاية.. احتجاج واحد" -المعروفة اختصارا بـ"50501″- قيادة التنسيق الوطني للاحتجاجات عبر فروعها المحلية، وتشارك إلى جانبها منظمات مدنية كبرى مثل حركة "إنديفيزيبل" (Indivisible) و"بابليك سيتزن" (Public Citizen) في الدعم اللوجستي والتوعوي وإعداد الإرشادات القانونية للمتظاهرين.
كما أعلنت اتحادات ونقابات بارزة دعمها للحراك، من بينها اتحاد المعلمين الأميركيين، واتحاد عمال الاتصالات، والاتحاد الأميركي للحريات المدنية، وهي كيانات ذات ثقل تنظيمي كبير تعمل على تعبئة أعضائها في المدن الكبرى.
وعن أسباب عزمه المشاركة في احتجاجات السبت بالعاصمة واشنطن ، يقول إيريك رييس، عضو في اتحاد المعلمين الأميركيين، إن "ما يحدث في البلاد لم يعد خلافا سياسيا عاديا، بل مسألة كرامة إنسانية. عندما تُفكك عائلات المهاجرين، وتنتشر القوات العسكرية في الأزقة، نشعر أن القيم التي بنينا عليها هذا البلد تتهاوى، ولهذا علينا أن نملأ كل الشوارع غدا لنعبر عن رفضنا لهذه السياسات".
ودخلت الحكومة الفدرالية في إغلاق جزئي منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد إخفاق الكونغرس في تمرير الموازنات اللازمة. وهو ما دفع ما لا يقل عن 700 ألف موظف فدرالي إلى إجازات قسرية، في حين اضطر مئات الآلاف للعمل دون أجر في المؤسسات الضرورية.
كما تم إصدار قرارات بفصل أكثر من 4100 موظف في 7 وكالات، لكن قاضيا فدراليا علّق تنفيذها مؤقتا ريثما يُبت في قانونيتها. وينظر لهذا الإغلاق على أنه أداة سياسية تضغط بها الإدارة على خصومها، ويرى مراقبون أنه أسهم في تأجيج الغضب الشعبي وأضفى على الاحتجاجات زخما إضافيا.
وفي حديث مع الجزيرة نت، أفادت موظفة حكومية مهددة بالتوقيف القسري -فضلت عدم ذكر اسمها- بأنها قررت المشاركة في احتجاجات السبت رغم تخوفها من العواقب الوظيفية. وقالت "لم أشعر يوما أن صوتي مهم كما أشعر الآن، أنا والمئات من زملائي مهددون بالتسريح بسبب قرارات ترامب الطائشة، ولهذا يجب أن نتحرك لوقف هذا الاستبداد".
في المقابل، شن مسؤولون جمهوريون كبار هجوما كلاميا على حركة "لا ملوك" ووصفوها بأنها "مسيرة كراهية لأميركا ومحاولة لتشويه الوطنية"، ومن بينهم رئيس مجلس النواب مايك جونسون ، الذي عدّ التجمع المرتقب "احتجاج كراهية"، وربطه بـ"تيارات أنتيفا والمناصرين لحركة المقاومة الإسلامية ( حماس )".
كما صرح النائب الجمهوري توم إمر بأن المنظمين يسعون لتصدير أجندة أيديولوجية معادية للنظام، زاعما أن الفعالية جزء من مشروع راديكالي يعادي البنية السياسية الأميركية.
وانتقد السيناتور تيد كروز احتجاجات "لا ملوك" في مقابلة إعلامية، واتهمها بأنها مدعومة من جهات خارجية تقدمية مثل جورج سوروس، محذرا من أن هذا الدعم قد يستخدم لتصعيد الشغب في البلاد.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد اتهم أيضا رجل الأعمال الأميركي سوروس بأنه "الممول الرئيسي للتطرف في الولايات المتحدة".