لمح وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، إلى إمكانية تمديد تعليق الرسوم الجمركية على الواردات الصينية لأكثر من 3 أشهر، إذا ما تراجعت الصين عن خطتها لفرض قيود صارمة على تصدير العناصر الأرضية النادرة.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تقترب فيه نهاية الهدنة التجارية الحالية بين البلدين، والممتدة لـ90 يوماً، والتي تنتهي في 10 نوفمبر المقبل، وسط ترقب عالمي لما ستؤول إليه المفاوضات، بحسب ما نقلته "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية Business".
وقال بيسنت في مؤتمر صحافي بواشنطن: "هل من الممكن أن نمدد الهدنة لفترة أطول؟ ربما، لكن كل ذلك سيخضع للتفاوض خلال الأسابيع المقبلة".
بعد شهور من الهدوء النسبي، عادت التوترات لتشتعل بين أكبر اقتصادين في العالم، إثر توسيع واشنطن قيودها على التكنولوجيا، وطرحها لرسوم جديدة على السفن الصينية التي تدخل الموانئ الأميركية. وردت بكين بخطوات مماثلة، معلنة عن قيود أكثر تشدداً على تصدير المعادن النادرة والمواد الحيوية الأخرى.
ويرى اقتصاديون أن هذه التحركات المتبادلة تهدف إلى تعزيز أوراق الضغط قبيل لقاء محتمل بين الرئيسين الأميركي والصيني على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) في كوريا الجنوبية.
وفي هذا السياق، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رداً على سؤال حول احتمال اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد: "نحن بالفعل في واحدة الآن"، مضيفاً: "لدينا رسوم بنسبة 100%. لو لم تكن لدينا، لكنا مكشوفين تماماً".
تعليقات بيسنت دفعت بأسواق الأسهم الأميركية إلى تحقيق مكاسب إضافية، فيما جاءت تصريحات ترامب بعد إغلاق التداولات في نيويورك. أما في آسيا، فقد أظهرت مؤشرات العقود الآجلة ارتفاعاً في طوكيو وشنغهاي، مقابل تراجع في هونغ كونغ.
من جانبه، شكك الممثل التجاري الأميركي، جيميسون غرير، في قدرة الصين على تنفيذ خطتها، قائلاً: "النطاق والحجم غير قابلين للتطبيق، ولن يتمكنا من التنفيذ".
وخلال منتدى استضافته قناة "CNBC"، كشف بيسنت عن استعداد الولايات المتحدة لتنسيق رد جماعي مع حلفائها، قائلاً: "البيروقراطيون في الصين لا يمكنهم إدارة سلاسل التوريد أو عمليات التصنيع للعالم بأسره".
وأضاف: "كل نظرائي موجودون في واشنطن هذا الأسبوع لحضور اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي، وسنجري محادثات مع الأوروبيين، وأستراليا، وكندا، والهند، والديمقراطيات الآسيوية".
وكانت الصين قد أعلنت الأسبوع الماضي عن قواعد جديدة تلزم الشركات الأجنبية بالحصول على موافقة حكومية قبل تصدير منتجات تحتوي على أي نسبة من المعادن النادرة ذات المنشأ الصيني.
وفي رد سريع، هدد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 100% على السلع الصينية بحلول الأول من نوفمبر، كما لوّح بإلغاء لقائه المرتقب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهدد بوقف تجارة زيت الطهي، وهو عنصر أساسي في إنتاج الوقود الحيوي.
لكن بيسنت أكد أن اللقاء لا يزال قائماً، مشيراً إلى "فرصة كبيرة" لسفره إلى آسيا قبل ترامب للقاء نائب رئيس الوزراء الصيني، هي ليفينغ.
ومن المتوقع أن يعلن ترامب عن خطوات تجارية جديدة خلال جولته الآسيوية، التي تشمل قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا في ماليزيا، ثم اليابان وكوريا الجنوبية، حيث تُعقد قمة APEC السنوية.
وفيما أشار بيسنت إلى قرب انتهاء المفاوضات مع كوريا الجنوبية بشأن برنامج استثماري ضخم، أكد أيضاً أن المحادثات مع كندا "عادت إلى مسارها"، وأن هناك تقدماً مع الهند.
ورفض بيسنت الربط بين تراجع الأسواق وضغوط التفاوض مع الصين، قائلاً: "ما يدفعنا للتفاوض هو المصلحة الاقتصادية، وليس تراجع الأسهم".
كما نفى أن يكون ارتفاع أسعار الذهب مؤشراً على ضعف الدولار، مشيراً إلى انخفاض أسعار الفائدة الأميركية مقارنة بالاقتصادات الأخرى، ومضيفاً أن اليورو "يجب أن يكون قوياً" وفقاً لنظريات سعر الصرف في ظل التوسع المالي الأوروبي.
وفي تصريحات مثيرة، هاجم بيسنت نائب وزير التجارة الصيني، لي تشينغ غانغ، واصفاً إياه بـ"غير المتزن"، بعد زيارة غير رسمية قام بها إلى واشنطن في أغسطس الماضي.
وقال بيسنت: "ربما الوزير الذي جاء إلى هنا بلغة تحريضية في 28 أغسطس قد خرج عن السيطرة"، مضيفاً: "كان غير محترم للغاية"، مشيراً إلى تهديده بـ"إحداث فوضى عالمية" إذا فرضت واشنطن رسوماً على السفن الصينية.
وأضاف: "إذا أرادت الصين أن تكون شريكاً غير موثوق، فالعالم سيضطر إلى فك الارتباط معها. نحن لا نريد ذلك، بل نريد تقليل المخاطر. لكن إشارات كهذه تدفع نحو فك الارتباط، وهو ما لا نعتقد أن الصين تريده".
المصدر:
العربيّة