في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا تناول تداعيات الاضطرابات التي تعيشها مدغشقر على النفوذ الفرنسي هناك، ومدى قدرة باريس على الحفاظ على سيطرتها على الثروات الطبيعية في الجزيرة.
وسردت الكاتبة فاليريا فيربينينا -التي أعدت التقرير- بالتفصيل أحداث الاضطرابات واسعة النطاق وانضمام الجيش إلى الشعب ومغادرة الرئيس أندري راجولينا البلاد.
وقالت إن الدول الغربية -وفي مقدمتها فرنسا – ورغم تصاعد الأحداث فإنها لم تبد أي حماس لدعم الشعب المنتفض، ولم تطلق شعاراتها المعتادة عن الديمقراطية والحرية.
وترى الكاتبة أن سبب الموقف الغربي المتحفظ هو ما تحتويه مدغشقر من موارد طبيعية ومعادن ثمينة.
وأشارت الكاتبة إلى الموقع الفريد لجزيرة مدغشقر في شرق أفريقيا، وأنها أكبر الجزر في العالم، وأن موقعها الجغرافي المتميز لعب دورا مهما في جذب اهتمام دول عديدة عبر التاريخ.
وذكرت أن العديد من البحارة البرتغاليين والبريطانيين والفرنسيين زاروا الجزيرة في فترة الكشوف الجغرافية، مضيفة أن بعض المصادر التاريخية تشير إلى أن بطرس الأكبر (قيصر روسيا الخامس) كان يخطط عام 1724 لضم الجزيرة إلى الإمبراطورية الروسية لكنه لم يستطع تنفيذ الفكرة.
وفي نهاية المطاف -تقول فيربينينا- بسطت فرنسا سيطرتها على مدغشقر واحتلتها عام 1896، قبل أن تنال الجزيرة استقلالها عام 1960.
وحسب الكاتبة، لا ينوي رئيس مدغشقر التنحي عن منصبه رغم الاحتجاجات وانحياز الجيش إلى صفوف الشعب، وهو -أي الرئيس- يحظى بدعم من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يعيش بدوره وضعا سياسيا في غاية التعقيد على الصعيد الداخلي.
ويرى التقرير أن السبب الواضح للدعم الفرنسي للرئيس المغادر هو الثروات الطبيعية التي تتمتع بها مدغشقر، حيث تمتلك بعضا من أهم المعادن الإستراتيجية، ولا سيما المعادن النادرة ، والتي يبدو أن نظام راجولينا وعد بتسهيل استغلالها بالكامل.
وفي هذا السياق، نقل التقرير عن صحيفة لوموند الفرنسية أن مدغشقر تمتلك إمكانيات هائلة، مشيرة إلى أنه في عام 2023 عاد النيكل والكوبالت ليحتلا مقدمة صادراتها.
وتشير التقديرات -بحسب لوموند- إلى أن مدغشقر تحتوي على نحو 8% من احتياطيات العالم من الغرافيت، قائلة إن هذه الموارد تحظى اليوم بطلب كبير في ظل المنافسة المحتدمة بين القوى الكبرى.
وذكرت الكاتبة أن مدغشقر تمتلك 17 عنصرا نادرا، من بينها السكانديوم والإتريوم ومجموعة اللانثانيدات، وتتميز هذه العناصر بخواص ضوئية ومغناطيسية وكهروكيميائية فريدة تجعلها مطلوبة بشدة في الصناعات المتقدمة مثل الإلكترونيات والليزر، لكن استخراجها ومعالجتها يعدّان عملية معقدة ومكلفة للغاية.
وكانت القوى الغربية -وفقا للتقرير- تبحث عن استخراج المعادن النادرة من مناطق مختلفة حول العالم في ظل تصاعد التوتر مع الصين التي تسيطر على هذه السوق عالميا.
وتشير الكاتبة إلى أن جزءا كبيرا من شعب مدغشقر يعارض فكرة استغلال موارده من أطراف أجنبية.
وتقول إن استخراج العناصر الأرضية النادرة معروف بتأثيره السلبي الكبير على البيئة، وغالبا ما يترافق استخراج هذه المعادن مع وجود الثوريوم واليورانيوم المشعين، مما يضاعف المخاطر على السكان المحليين.
وتنقل الكاتبة عن صحيفة "تيموانياج" الصادرة في جزيرة لا ريونيون قولها إن المراقبين ينظرون إلى الأزمة السياسية الحالية في مدغشقر باعتبارها صراع نفوذ تشارك فيه قوى اقتصادية ودول كبرى.
وتشير الصحيفة إلى أن مدغشقر جذبت انتباه عدد من الأثرياء الداعمين للرئيس الأميركي دونالد ترامب ، في حين برز على السطح خلال الأيام الماضية اسم رئيس البلاد السابق مارك رافالومانانا (2002-2009) الذي كانت تربطه علاقات وثيقة بواشنطن.
وتختم الكاتبة بأن السؤال الأهم هو من سيتمكن من السيطرة على الموارد الطبيعية التي تمتلكها مدغشقر، مؤكدة أنه إذا قررت الولايات المتحدة تصنيف راجولينا حاكما مستبدا واتخذت إجراءات عملية لدعم الديمقراطية في الجزيرة فلن يكون ماكرون قادرا على حمايته.