في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في أحدث حلقة من التوتر المتصاعد بين الجارتين اللتين تتشاركان حدوداً تمتد لأكثر من 2600 كيلومتر، قُتل ما لا يقل عن 20 عنصراً من حركة "طالبان" الأفغانية في اشتباكات عنيفة مع القوات الباكستانية في المناطق الحدودية الجبلية شمال غربي باكستان.
وقالت مصادر أمنية باكستانية إن الاشتباكات اندلعت، صباح أمس الثلاثاء، في مقاطعة كُرّم بولاية خيبر بختونخوا، عندما فتحت قوات أفغانية النار على موقع حدودي باكستاني "دون استفزاز"، ما دفع الجيش الباكستاني إلى الرد بقصف مدفعي كثيف دمّر عدداً من المواقع والدبابات التابعة لقوات "طالبان"، بحسب ما أفادت به وكالة فرانس برس
وذكرت القناة التلفزيونية الرسمية في إسلام آباد أن القوات الباكستانية وجّهت "رداً قوياً" على الهجوم.
فيما أفاد مسؤولون أمنيون لوكالة "أسوشييتد برس" أن الجيش دمّر كذلك منشأة تدريب كبيرة تابعة لحركة طالبان الباكستانية (TTP)، وهي جماعة متمردة تتخذ من الأراضي الأفغانية ملاذاً لها.
من جهته، أكد طاهر أحرار، نائب المتحدث باسم شرطة إقليم خوست الأفغاني، وقوع الاشتباكات لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل إضافية، فيما لم تصدر حكومة "طالبان" في كابل أي تعليق رسمي حتى مساء الثلاثاء.
وتُعد هذه المواجهة الثانية خلال أسبوع واحد بين القوات الأفغانية والباكستانية، بعد تبادل نيران كثيف يوم السبت الماضي أوقع عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وأفادت مصادر عسكرية باكستانية حينها بأن القتال اندلع في أكثر من قطاع حدودي، قبل أن يتوقف مؤقتاً بوساطة من السعودية وقطر، في حين أُغلقت جميع المعابر الحدودية بين البلدين منذ ذلك الحين.
كما أوضحت وزارة الدفاع الأفغانية في بيان نهاية الأسبوع الماضي، أن قوات "إمارة أفغانستان الإسلامية" قصفت مواقع عسكرية باكستانية داخل أراضيها، ما أدى -بحسب قولها- إلى مقتل 58 جندياً باكستانياً رداً على ما وصفته بـ"انتهاكات متكررة للسيادة الأفغانية".
لكن الجيش الباكستاني نفى تلك الأرقام، مؤكداً أنه فقد 23 جندياً فقط، في حين قتل أكثر من 200 مقاتل من طالبان الباكستانية وحلفائها في عمليات ردّ نفذها عبر الحدود.
يذكر أن العلاقات بين الجارتين تشهد توترات متزايدة منذ سيطرة حركة طالبان على السلطة في كابل في أغسطس 2021.
إذ تتهم إسلام آباد الحكومة الأفغانية بالسماح لمقاتلي تنظيم طالبان الباكستانية باستخدام الأراضي الأفغانية لشنّ هجمات داخل باكستان، خصوصاً في إقليمي خيبر بختونخوا وبلوشستان.
فيما ترفض طالبان الأفغانية هذه الاتهامات، مؤكدة أنها لا تسمح باستخدام أراضيها ضد أي دولة، فيما تتهم باكستان بدورها بتنفيذ غارات جوية داخل الأراضي الأفغانية لاستهداف معاقل التنظيم، وهو ما تعتبره كابل "انتهاكاً للسيادة".
في حين أشارت مصادر استخباراتية في المنطقة إلى أن طالبان الباكستانية، التي تسعى إلى إسقاط الحكومة في إسلام آباد وفرض تفسيرها المتشدد للشريعة، حافظت على روابط وثيقة مع طالبان الأفغانية منذ نشأة الحركة الأولى في تسعينيات القرن الماضي.
ويعود أصل النزاع الحدودي إلى "خط دوراند" الذي رسمته بريطانيا عام 1893، ويفصل بين الأراضي البشتونية في البلدين. وترفض كابل الاعتراف بالخط كحد رسمي، فيما تعتبره باكستان أساساً لسيادتها الحدودية.
وقد شهدت المناطق الحدودية خلال العقدين الماضيين عشرات الاشتباكات والمعارك المحدودة بسبب الخلاف حول مواقع نقاط التفتيش أو مرور المسلحين والمهاجرين.
هذا ويرى مراقبون أن التصعيد الحالي يُعد الأخطر منذ عودة طالبان إلى الحكم، وأنه يهدد بتقويض العلاقات الأمنية والتجارية بين البلدين، لا سيما في ظل إغلاق المعابر الحيوية مثل "تورخام" و"سبين بولدك" التي تمثل شرياناً رئيسياً لتجارة أفغانستان مع العالم.