في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
يطرح محللون أسئلة عن مدى كفاية الزخم الدبلوماسي الهائل لكسر جدار العناد الإسرائيلي، وعن قدرة واشنطن على فرض تسوية على الطرفين، وإلى أي مدى يمكن أن تقبل المقاومة الفلسطينية بصيغة "وقف الحرب مع بقاء الاحتلال".
وتفرض هذه التساؤلات نفسها بقوة مع دخول محادثات شرم الشيخ يومها الثالث، وسط مؤشرات متباينة بين تفاؤل معلن من الوسطاء وصمت إسرائيلي مريب يثير القلق في جدية تل أبيب في التوصل إلى اتفاق شامل.
وشهدت المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) في مدينة شرم الشيخ تصعيداً دبلوماسياً لافتاً، حيث انضمت وفود جديدة من فصائل فلسطينية إلى جانب ارتفاع مستوى التمثيل الدولي.
وكشف مصدر قيادي في حماس، أن الحركة طلبت انضمام ممثلين عن حركة الجهاد الإسلامي و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى فريق التفاوض، في حين أكد مصدر في الجهاد الإسلامي أن وفد الفصائل يسعى للوصول إلى اتفاق ينهي معاناة الشعب الفلسطيني ويوقف الإبادة الجماعية.
وعلى صعيد الحضور الإسرائيلي والأميركي، وصل وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية رون ديرمر إلى شرم الشيخ، إلى جانب مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، ستيف ويتكوف و جاريد كوشنر .
وفي مؤشر على الأهمية القصوى التي توليها الأطراف الإقليمية والدولية لهذه المفاوضات، انضم إلى المحادثات رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ، ورئيس المخابرات التركي إبراهيم قالن ، ورئيس المخابرات العامة المصرية حسن رشاد.
وفي هذا السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر مطلعة وجود إشارات إيجابية بشأن المحادثات، في حين ذكرت أكسيوس عن مسؤول في البيت الأبيض أن هناك تقدماً جيداً يمكن أن يفضي إلى اتفاق خلال أيام.
وأفاد بيان لحركة حماس أن المحادثات ركزت على آليات تنفيذ إنهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، مشيراً إلى أنه تم تبادل كشوف الأسرى المطلوب إطلاق سراحهم وفق المعايير والأعداد المتفق عليها.
وبالانتقال إلى قراءة هذا الزخم الدبلوماسي، يرى أستاذ النزاعات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور إبراهيم فريحات أن حضور رؤساء الأجهزة الأمنية المصرية والتركية ورئيس الوزراء القطري، إضافة إلى انضمام الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي إلى المفاوضات، يشكل زخماً دبلوماسياً كبيراً.
ويلفت فريحات إلى أن الوفد الأميركي تلقى تعليمات بعدم مغادرة القاهرة دون اتفاق، مشيراً إلى أن جميع الأطراف معنية بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب وتبادل الأسرى، باستثناء الوفد الإسرائيلي.
ولكن على الضفة المقابلة، يشير الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إلى أن الوضع مختلف هذه المرة، موضحاً أن بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية يدرك أنه ليس لديه خيار غير الذهاب إلى هذه المباحثات، لكنه يسعى للتأثير على الاتفاق وليس إفشاله.
ويضيف مصطفى، أن المفاوضات تتجه إلى طريق مختلف، حيث توجد مطالبة بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بشكل لا يتوافق مع مخطط ترامب، مبيناً أن معادلة إسرائيل كانت وقف الحرب مع البقاء في غزة، أي الاحتلال دون الحرب.
ويمضي الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية في تحليله مؤكداً أن نتنياهو يحاول التأثير على الاتفاق لأنه إذا ذهب إلى اتفاق دون ضمان بقاء الاحتلال سيسقط سياسياً.
ويلفت إلى أن إسرائيل تلتزم الصمت ولا أحد يعلق على التقدم أو المؤشرات الموجودة في المفاوضات، مشيراً إلى أن المؤشر الوحيد المتداول في إسرائيل أن ترامب يريد هذا الاتفاق وأن على نتنياهو أن يتنازل.
ومن زاوية أخرى، يستبعد الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني أن يقبل الفلسطينيون بصيغة بقاء الاحتلال على الأرض، معتبراً أنها أكثر السيناريوهات صعوبة بعد صمود عامين من الحرب في القطاع، وتحمل كل هذه المعاناة.
ويوضح الطناني أن وجود الاحتلال على الأرض يعني أن النازحين لن يستطيعوا العودة إلى أماكن سكنهم، وأنه لا يوجد أفق لأي إعمار، محذراً من أن كل مؤقت مع الاحتلال يتحول إلى دائم.
ويعمق المحلل السياسي رؤيته الميدانية موضحاً، أن الخطة التي قدمها الرئيس ترامب تتضمن سيطرة جيش الاحتلال على ما مساحته 60% من مساحة القطاع، معتبراً أن هذا يضرب جوهر المرونة التي أبدتها المقاومة في عملية التفاوض، لأن هذه المرونة انطلقت من مدخل إنهاء المعاناة الإنسانية.
ويضيف الطناني أن عدم انسحاب الاحتلال يعني أن المعاناة ستبقى قائمة وأن احتمالات استئناف العدوان ستبقى حاضرة بشكل كبير.
وفي قراءة للموقف الأميركي، يؤكد المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس وارك أن التركيز الآني هو الوصول إلى الاتفاق والتوقيع عليه، مشيراً إلى أن هناك تفاؤلاً بعض الشيء في هذه المرحلة، لكنه يحذر من أن الاتفاق قد لا ينجح رغم كل الآمال.
ويلفت وارك إلى أن ما يتم الحديث عنه هو إطلاق الأسرى وعودة السجناء الفلسطينيين والمزيد من المساعدات الإنسانية وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط يبقي القوات الإسرائيلية داخل معظم قطاع غزة.
غير أن أستاذ النزاعات الدولية يرى أن الموقف الأميركي يريد اتفاقاً عن الأسرى الإسرائيليين، لكن لا يوجد ضغط أميركي حقيقي على إسرائيل بعد ذلك، موضحاً أن ترامب رهن جزءاً من رأس ماله السياسي من أجل الإفراج عن الأسرى.
ويشير فريحات إلى أن إسرائيل لم تمتثل للتحذير العلني من الإدارة الأميركية بوقف القصف، حيث فاق عدد الشهداء منذ إعلان ترامب أكثر من 120 شهيداً، مما يعكس حدود الضغط الأميركي على الحكومة الإسرائيلية.
وفي تطور لافت على صعيد المفاوضات، كشف مصدر قيادي فلسطيني للجزيرة، أن حماس وافقت على إطلاق أسرى الاحتلال جميعاً وتأجيل الجثامين حتى تتوفر الظروف الميدانية الملائمة، مشيراً إلى أن الوسطاء طلبوا من الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي أن يكون الجمعة آخر سقف للمفاوضات.
بينما يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن ضمان إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء يمثل مطلباً رئيسياً للشارع الإسرائيلي، يؤكد أستاذ النزاعات الدولية أن التوافق على إطلاق الأسرى لا يكفي طالما أن إسرائيل لم تلتزم بعد بوقف إطلاق النار بعد حصولها على أسراها.