آخر الأخبار

انتخابات التشيك تهدد بالانزياح نحو اليمين المتشدد

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

براغ- في أجواء من الغموض وتحت وابل من الوعود الانتخابية، يتوجه التشيكيون يومي الجمعة والسبت إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمان جديد لـ4 سنوات قادمة، في انتخابات توصف بأنها من الأكثر احتداما وضبابية منذ عقود.

يتنافس في السباق الانتخابي 26 حزبا وائتلافا سياسيا يضمون 4473 مرشحا، بينهم نحو 31% من النساء، في مشهد يتصدره حزب "آنو" الشعبوي بزعامة أندريه بابيش (سلوفاكي المولد)، الذي يحظى بنحو 29% من توجهات الناخبين، مقابل تراجع واضح لائتلاف "سبولو" الحاكم من يمين الوسط إلى حدود 20%.

وتتنافس القوى السياسية بوعود تشمل خفض الضرائب، وتحسين الأجور، ودعم الأسر، ورفض تمويل الحرب في أوكرانيا ، غير أن عزوف الشباب عن التصويت يظل عاملا غامضا قد يقلب النتائج، ويؤدي إلى تحالفات مفاجئة.

الشباب ومقاطعة الانتخابات

وفي ساحة الجمهورية ببراغ، وضع حزب "القراصنة" -المنسحب من الائتلاف الحاكم قبل 6 أشهر- شاشة عملاقة لعرض رسائل تنتقد فساد الأحزاب التقليدية، وتحذر من المخاطر على مصالح البلاد، لا سيما حزب "آنو" الشعبوي.

وقال الشاب مارتين بلاها إن عزوف شريحة واسعة من الشباب عن المشاركة في الانتخابات يعود إلى تفشي الفساد في معظم الأحزاب منذ سقوط النظام الشيوعي عام 1989، إضافة إلى عدم الوفاء بالوعود الانتخابية، مؤكدا -في حديثه للجزيرة نت- أن التنصل من الوعود "حطم آمال جيلٍ يتطلع إلى مستقبل أفضل".

في المقابل، احتشد عدد من الداعين إلى المشاركة في الانتخابات في المكان نفسه، حيث أوضح ميخال سفوبودا أن مقاطعة الشباب "كارثة حقيقية"، لأنها -بحسب تعبيره- ستمنح الفرصة حتما لأحزاب لا يرغب في أن تعبث بمصالح البلاد أو تُشوه سمعته على الساحة الدولية.

مصدر الصورة العزوف عن المشاركة الشبابية في الانتخابات يعود إلى تفشي الفساد في معظم الأحزاب (الجزيرة)

تحالفات مقلقة

وحذر ياروسلاف ميكو، المرشح المستقل المنضم إلى لائحة حزب "ستان" الحاكم، من أن عزوف الشباب عن التصويت قد يفتح الباب أمام تحالفات غير مسبوقة، إذا تمكن الشيوعيون من العودة إلى البرلمان، خصوصا في ظل تصاعد نفوذ حزب "آنو" بزعامة بابيش، المتهم بالفساد وإساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي، والخاضع لتحقيق قضائي قد ينتهي بسجنه.

إعلان

ويرى ميكو أن السيناريو المحتمل قد يشمل تحالفا بين حزب "آنو" وتجمع "ستاتشيلو" (ائتلاف شيوعيين ويساريين متطرفين) وحزب "إس بي دي" اليميني المتطرف المعروف بعدائه للأجانب ودعمه ل إسرائيل ، وهو ما يشكل -حسب قوله- تهديدا مباشرا للجاليتين العربية والمسلمة وعموم الأجانب في البلاد.

وأضاف أن صعود هذه القوى قد يؤدي إلى تشديد قوانين الهجرة والعمل وزيادة خطابات الكراهية ضد العرب والمسلمين، محذرا من أن خضوع بابيش للملاحقة القضائية يجعله عرضة للابتزاز السياسي، بما في ذلك الموافقة على استفتاء لخروج التشيك من الاتحاد الأوروبي و حلف الناتو بدعم من الدعاية الروسية.

كما انتقد ميكو موقف الحكومة الضعيف تجاه جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة ، مشيرا إلى أن حزبه كان الوحيد في الائتلاف الذي حاول الدفع بقرار رسمي لإدانة تل أبيب. ودعا أبناء الأقليات إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات لحماية حقوقهم ومصالحهم.

من جانبه، قال الطبيب حسن مزيان، النائب السابق في مجلس الشيوخ التشيكي، إن خيبة الأمل العميقة التي يشعر بها معظم المواطنين تجاه الطبقة السياسية ستؤدي إلى ضعف الإقبال على التصويت، مما يمنح الشعبويين، وفي مقدمتهم بابيش، فرصة أكبر للعودة إلى السلطة.

مصدر الصورة الانتخابات محفوفة بالغموض وسط مخاوف من تكرار سياسات الحكومة تجاه الهجرة والقضايا العربية والإسلامية (الجزيرة)

مهمة معقدة

وأوضح حسن مزيان -في حديثه للجزيرة نت- أن تشكيل حكومة ائتلافية سيكون مهمة شديدة التعقيد، وقد يتطلب التعاون مع الشيوعيين وبعض المنشقين عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي "يسار الوسط"، الأمر الذي قد يؤدي إلى إعادة الانتخابات إن فشل التوافق.

وأضاف أن بابيش، بصفته سياسيا شعبويا، قد يتحالف مع أحزاب تختلف برامجها جذريا عن توجهات حزبه، وربما يسعى لإرضائها من خلال طرح استفتاءات حول الخروج من الاتحاد الأوروبي، رغم أن مثل هذه الخطوة تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ، وهو ما يستبعد تمريره.

كما توقع أن يتبنى بابيش موقفا مختلفا من الحرب في أوكرانيا، بالاقتراب من رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو، والمجري فيكتور أوربان، الداعيين إلى الحل السلمي بدلا من استمرار الدعم العسكري.

مصدر الصورة في السباق الانتخابي يتنافس 26 حزبا وائتلافا سياسيا يضمّون 4473 مرشحا (الجزيرة)

الجالية العربية والمسلمة

وفي رصد أجرته الجزيرة نت في أوساط الجالية العربية والمسلمة في التشيك، أجمع معظم المشاركين على أن أصواتهم لن تؤثر كثيرا في نتائج الانتخابات، إذ إن الأحزاب تتبنى مواقف متقاربة تقوم أساسا على معارضة دخول اللاجئين والأجانب، وهي توجهات تجد صدى واسعا لدى الناخب التشيكي، خصوصا بعد حملات التهويل الإعلامي بشأن مخاطر العمالة الأجنبية والجوانب الأمنية للاجئين.

وأشاروا إلى أن فوز أي حزب يعلن احترامه لحقوقهم لن يؤدي إلى تغيير فعلي في السياسات الحكومية، لا سيما في مجال السياسة الخارجية التي يرون أنها منحازة بشدة لإسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة، خصوصا في ظل الحرب العدوانية المستمرة على غزة.

ويقول المهندس في مجال التكنولوجيا بإحدى الشركات في براغ، عاصم أتاسي، إن جميع الأحزاب التشيكية تقف موقفا موحدا ضد سياسة الهجرة، وربما يُعدّ حزب القراصنة الأقل تشددا في هذا الملف.

إعلان

ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- أن السياسة التشيكية، منذ سقوط الشيوعية عام 1989، اتسمت بدعم غير متكافئ لإسرائيل على حساب علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية.

ويرى أتاسي أن الانتخابات غدا الجمعة لن تحمل جديدا، إذ تتشابه برامج الأحزاب في الاكتفاء بخطاب إنساني تجاه ما يجري في غزة، باستثناء الحزب الشيوعي الذي يهاجم سياسات حكومة بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة- المتطرفة ويدعو إلى مقاطعة إسرائيل. ومع ذلك، فإن عودته المحتملة إلى السلطة لن تمنحه تأثيرا مباشرا في قرارات الحكومة المقبلة، إذ سيبقى مقيدا بضغوط أي ائتلاف يشارك فيه.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا