آخر الأخبار

أوريان 21: غزة تكسر "قبة حديدية" من نوع خاص

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

كل نقد يوجه إلى الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة يواجه بشكل منظم، يخفف من حدته ويفرغ من مضمونه، ويحاصر ضمن إطار إعلامي وسياسي يسهل تطبيع الكارثة الجارية ويمنع تسميتها باسمها الحقيقي.

بهذه المقدمة افتتح موقع أوريان 21 مقالا بقلم أرنو ماري، رأى فيه أن "القبة الحديدية" الرمزية التي كانت تصد كل موقف حازم مؤيد لغزة ومعارض لجلاديها بدأت تظهر فيها شقوق مؤخرا، ولكن الأقفال التي تبقي البنيان قائما لم يتم كسرها بعد ، وإن بدأت تتراخى.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 واشنطن بوست ترسم صورة قاتمة للأوضاع في الفاشر السودانية
* list 2 of 2 فايننشال تايمز: عزلة إسرائيل تزداد مع تصاعد مقاطعتها عالميا end of list

ومع ذلك -كما يقول الكاتب- بدأت الأمور تتغير، وبالفعل نجد صحيفة مثل لوموند تكتب بشيء من الشجاعة، ولو كان ذلك متأخرا، إذ إن المجاعة بفظاعتها، تنطبع على الوجوه والأجساد في غزة، فتجعل الحقيقة واضحة إلى درجة لا يمكن تجاهلها، لندرك فجأة أن كارثة إنسانية تجري أمام أعيننا.

مصدر الصورة مظاهرة في اليونان مساندة لكسر الحصار عن غزة، في سياق الوعي المتزايد بمأساة القطاع (رويترز)

ولا يتبقى سوى تسمية الجناة بوضوح لمواجهتهم، وهو أمر ليس سهلا في المشهد الإعلامي عام 2025، لأن إنجاز عمل صحفي حقيقي أصبح أمرا شاقا -كما يقول سيرج حليمي وبيير ريمبير في مقال بمجلة لوموند ديبلوماتيك- في مواجهة "اللوبي المؤيد لإسرائيل" الذي يشكل كتلة متماسكة وعدوانية فعالة للغاية، تسكت أي صوت معارض أو يتجرأ على تصنيف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قائمة المجرمين.

وذكرت الصحيفة أن البعض فرح بدعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لفتح المعابر الإنسانية والوقف الفوري لإطلاق النار، كما صفقوا لإعلانه الاعتراف بدولة فلسطين، بعد سنوات من التواطؤ مع نظام نتنياهو، في تصرف رمزي لاستعادة موطئ قدم على الساحة الدولية التي خسر فيها كل نفوذه ومصداقيته، حسب الكاتب.

وتوقع الكاتب أن تحذو دول أخرى حذو فرنسا، تحت ضغط شعوب غاضبة، ونتيجة لكارثة لم يعد بالإمكان إخفاؤها، متسائلا هل هذا التوجه، الذي لا ينبغي التقليل من شأنه، يمكن حقا تسميته انتصارا؟ إذ ما فائدة الاعتراف بدولة على أرض مدمرة، يعيش شعبها محاصرا ومهددا بالفناء؟

إعلان

وفي الوقت ذاته -كما يقول الموقع- تسعى فرنسيتان: نائبة ووزيرة، إلى تمرير قانون جديد ظاهره محاربة "أشكال معاداة السامية الجديدة"، لكنه يهدف حقيقة إلى تجريم أي نقد جاد لسياسات الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وسيكون أداة جديدة ضمن منظومة تكميم الأفواه وتضييق الحريات السياسية.

إنجاز عمل صحفي حقيقي أصبح أمرا شاقا في مواجهة اللوبي المؤيد لإسرائيل الذي يشكل كتلة متماسكة وعدوانية وفعالة للغاية، تسكت أي صوت معارض أو يتجرأ على تصنيف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قائمة المجرمين

نظام من الرعب

نظام الرعب -كما يسميه أرنو ماري- هو ترسيخ تدريجي عنيف واستبدادي لنظام استثنائي يمنع مسبقا كل محاولة لتسمية ما يحدث في غزة "إبادة"، وهو ليس رعبا مثل ما تعيشه غزة من الجوع والموت، بل رعب يحول دون التعبير عن القلق، ويقصي السياق والتاريخ الضروري لفهم ما يجري.

الرعب هنا -كما يقول الموقع- يتمثل في اختفاء أرضية مشتركة يمكن من خلالها تصور أفق للعدالة، وكل من ظنوا أنهم أحرار في النقاش والاعتراض، اكتشفوا سريعا أن بعض الكلمات ممنوعة سلفا، مثل "إبادة" أو "مجاعة" ممنهجة، أو حتى "معسكرات اعتقال".

هذه القواعد القمعية باتت معروفة ولكن فعاليتها بدأت تتراجع، وإن كان أي شخص ينتقد سياسة إسرائيل سيجبر على المرور "بمراحل تطهير" مثل الإقرار بأن ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كان مأساة لا مثيل لها، مما يعطي إسرائيل الحق في العقاب بالشكل الذي تراه مناسبا، وفقا للموقع.

ثم تأتي المرحلة الثانية وهي الاعتراف بأن إسرائيل مهددة دائما، وبالتالي لها الحق في الدفاع عن نفسها، حتى لو كان ذلك يعني توسيع حدودها وإشعال المنطقة برمتها، وهذا يقدم كجزء من مشروع "إسرائيل الكبرى" الذي يشمل الأردن ولبنان وسوريا، يضيف الكاتب.

ويتابع أن الفخ الثالث هو الإقرار بأن " حركة حماس لا تزال موجودة في غزة"، مما يعني تشويه أي رواية أو صورة تأتي من القطاع، باعتبارها "دعاية حماس"، وبذلك تنفى المجاعة، وتقدم على أنها مسرحية مفبركة من إنتاج حماس.

وكمثال على ذلك تصريح الفيلسوف والمعلق رافاييل أنتوفن يوم 15 أغسطس/آب الماضي بأنه "لا يوجد في غزة صحفي، بل قتلة فقط، ومقاتلون يحملون بطاقات صحفية"، وهو كلام لم يعتذر عنه إلا بعد شهر، وكان الهدف منه تشويه سمعة أنس الشريف ، صحفي قناة الجزيرة، الذي قتل في غارة إسرائيلية بعد ذلك.

منطقة التهدئة

وبعد كل هذه المراحل، تأتي "منطقة التهدئة" وهو ما يعبر عنه الكاتب، بالقول "إذا التزمت بكل تلك الشروط، فأنت الآن مقبول في هذه المنطقة الرمادية، حيث يسمح لك بإبداء رأي، والتعبير عن الأسى على أطفال غزة، وربما حتى انتقاد "بيبي" (لقب نتنياهو) المطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية ، لأنه "يبالغ أحيانا"، كما يقول الكاتب.

لكن هذه المنطقة شبيهة "بمنطقة الاهتمام" في فيلم جوناثان غليزر، حيث يعيش قائد معسكر أوشفيتز حياة عائلية هادئة قرب أفظع عمليات الإبادة، وهي تمثل استمرار الوهم الديمقراطي والنقاش المتحضر، في وقت يجري فيه تطهير شامل خلف الكواليس، كما يقول الكاتب.

مصدر الصورة مظاهرات كبرى في أستراليا دعما لغزة تدعو لوقف تمويل جرائم الحرب الإسرائيلية (الجزيرة)

وفي هذا المنطق -كما يقول الكاتب- لم تعد الحرب وسيلة للسياسة، بل أصبحت الإبادة غاية في حد ذاتها، حيث يمزح نتنياهو بأنه سيقدم "آيس كريم" لسكان غزة في "معسكرات الإيواء"، ويطلب وزير التراث عميحاي إلياهو إسقاط قنبلة نووية على غزة، ويحلم الوزيران إيتمار بن غفير و يسرائيل كاتس بتحويل غزة إلى مارينا سياحية يحكمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب .

حرب العصابات

وما دمنا في "منطقة التهدئة" هذه، سيبقى الفلسطيني ذلك "الميت الحي"، إنسانا بلا حقوق، يمكن قتله دون أن يعتبر ذلك جريمة، وبالتالي يرى الكاتب أنه حان وقت التمرد على كل قانون جائر يهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن، وإلى إعطاء إسرائيل وقتا لإكمال مشروعها.

إعلان

وخلص أرنو ماري إلى أن حركات قانونية بدأت تتشكل لملاحقة جنود إسرائيليين بتهم جرائم حرب ، وأن منظمة العفو الدولية تهاجم مؤسسة غزة الإنسانية ، بتهمة استخدام الجوع كسلاح، وأن شركات مثل كارفور، وبنوك مثل بي إن بي باريبا، تواجه الآن دعاوى قضائية بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية.

وفي هذا الأفق الكئيب -كما يوضح الكاتب- لا بد من تخيل "الحدث المستحيل"، ذلك الذي يكسر الواقع المفروض ويفتح بابا جديدا، وكما كتب الشاعر الفلسطيني محمود درويش "سوف نستمر في كتابة صمتنا، وتفجيره بصوت كل من يتحدى الموت في الأنقاض ويصمد".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا